الاستجواب الملياري!
20 أبريل 2018
د. حسن عبدالله جوهر
الاستجواب المقدم لوزير النفط يتضمن محاور في غاية الخطورة والتصدي لها من أهم الأولويات الوطنية أولاً لأسباب أخلاقية تتعلق بالتلاعب بالأموال العامة إما هدراً أو بالاستحواذ عليها دون وجه حق إضافة إلى سوء الإدارة والتنفيع المباشر وضرب كل أشكال المعايير المهنية والأداء الفني بعرض الحائط، لكن الأهم من هذه الأسباب أن النفط هو المورد الوحيد لرزقنا في الكويت، وعندما يتعرض هذا المورد بشكل مباشر إلى الاستهداف والاستباحة فهذا يشخص عمق الفساد في عصب الدولة وعمودها الفقاري.
استحقاق الاستجواب يفرضه من جانب آخر تراكم التجاوزات الواردة في صحيفته وحمايتها من لدن القيادات النفطية، بشقيها الفني والسياسي منذ سنوات، حيث يمكن القول بأن القطاع النفطي يشهد تفاصيل الجريمة المنظمة مع توفر الحصانة السياسية لها باستمرار، وهذه الحصانة السياسية من صنع أيدينا نحن ككويتيين إما بقصد أو بدون قصد أحياناً أو بسبب العقد والأمراض النفسية التي نعاني منها أحياناً أخرى.
فعلى سبيل المثال، المحاور المهمة الواردة في الاستجواب، وفي حالة اثباتها بالقرائن والدلائل التي لا أشك في توفر الكثير منها، مدعاة لالتفاف كل مواطن يملك الحد الأدنى من الحس الوطني والغيرة الكويتية حولها ومحاسبة المسؤولين عن مثل هذه الكوارث حساباً شديداً، فما بالك بالسادة النواب وهم من يملك سلطة وأدوات هذا الحساب؟
إلا أن الازدواجية في المعايير والبطولات الجزئية على ناس وناس هي التي تحول دائماً دون إتمام مشاريع الإصلاح أو تحقيق العدالة، وهذا هو الخطأ الجسيم الذي أوقع مقدمي الاستجواب الملياري أنفسهم فيه، وأتمنى ألا يكونا سبب فشل هذا الاستجواب، فهذا الاستجواب القوي في محتواه ومضمونه وضع في قالب زجاجي هش يسهل كسره، وقد يكون هذا هو السيناريو المرجح.
توقيت الاستجواب بشخص الوزير الحالي وانتمائه الاجتماعي هو أول جدار زجاجي يحيط به، وعلى الأعضاء الأفاضل تبرير تأجيل الاستجواب في عهد الوزير السابق بسبب انتمائه الاجتماعي أيضاً، فكلا الوزير يتحملان نفس المسؤولية السياسية رغم أن التجاوزات الواردة لم تتم في عهد أي منها.
الجدار الزجاجي الآخر يتمثل في مواقف النواب المستجوبين، ومن يتوقع أن ينضم إلى تأييدهما، من الاستجواب الأخير لوزيرة الشؤون، وسواءً اتفقنا أم اختلفنا فأن نفس التبريرات التي تحصن بها المستجوبون الجدد للتهرب من الموقف السياسي ذاك الاستجواب سوف يتهرب عبره الكثير من الأعضاء في إطار ازدواجية المعايير أيضاً، ولعل هذا ما عكسته التصريحات النارية لمقدمي الاستجواب مبكراً خشية من الخذلان المرتقب من قبل مجاميع مهمة من النواب لاحقاً.
في كل الأحوال نتمنى استمرار الاستجواب وعدم إجهاضه إلى النهاية لتتكشف حقيقة أننا نحن الفخار الذي يكسر بعضه بعضاً في حين يلعب ويمرح الفاسدون دون حسيب أو رقيب حقيقي بمصداقية مبدئية راسخة!