البدون.. لا إنجاز وأصوات نشاز!
19 أبريل 2019
د. حسن عبدالله جوهر
محاولات تهييج المجتمع الكويتي بين فترة وأخرى من خلال إثارة قضية البدون باتت مسرحية مكشوفة عنوانها “جاكم الذيب.. جاكم ولده”، وأنني على يقين بأن قادة هذا التحريض وبعض الأسماء المتكررة التي تعاود الصراخ والعويل على هذا الملف يهدفون إلى التغطية على قضايا البلد المصيرية ولفت الأنظار عن النهش في ثرواتنا، وبإيعاز حكومي – فئوي من أصحاب النفوذ.
وكما هو الحال في قضية الشهادات الوهمية أو الجنسيات المزورة، تحولت قضية البدون إلى فيلم موسمي نزل فيه الأداء التمثيلي إلى أدنى مستويات الهبوط الأخلاقي بما في ذلك الكذب والتلفيق ودموع التماسيح، وإلا كيف نفسّر الكتابات والتصريحات النارية للناس إياهم تحت غطاء المحافظة على النسيج الاجتماعي وحماية الكويتيين من مزاحمة البدون لهم في رزقهم والخدمات المجانية التي تقدم لهم مقابل صمتهم عن ملفات الفساد والنهب المنظم لأموال البلد وتدمير قواعد القانون ومبادئ العدالة، بل الدفاع عن رموز الفساد عند الضرورة؟
أبلغ دليل على هذا الدجل المصطنع ما جاء كرد فعل على اقتراح نيابي يدعو إلى مراعاة الحقوق المدنية والإنسانية للبدون تحت غطاء القانون، فقد تم تقديم مثل هذا المقترح مراراً خلال العشرين سنة الماضية، كما أن ما تضمنه من حقوق قد جاءت حرفياً في تصريحات ومقابلات السيد صالح الفضالة تكراراً منذ أن أسند إليه مهام الجهاز التنفيذي عام 2010، فما هو الجديد في هذا الخصوص، ولماذا لم ينتقد رئيس الجهاز بنفس التهم والعبارات التي نالت من القانون المقترح ومن نفس أشخاص المنتقدين؟!
الأهم من ذلك، لم يتم التطرق على الإطلاق إلى التجنيس العشوائي أو الشامل لكل من أدعى أنه بدون، لا في السابق ولا في الوقت الحاضر، بل شرعت قوانين صادق عليها سمو الأمير بتجنيس من يستحق وفق معايير واضحة كما تم تنفيذ تلك القوانين فعلياً عدة مرات، وفي كل مرة كانت جميع إجراءات البحث والتدقيق ورفع الأسماء المستحقة والمصادقة عليها وصرف الجنسية لها خاضعة بالكامل لما يسمى بالأجهزة السيادة في الدولة، وتم إقرارها نهائياً بواسطة مجلس الوزراء بهيئته الرسمية، وإذا كان هناك من تلاعب أو تزوير أو محاباة أو رشاوي في هذا الخصوص فالحكومة برئيسها يجب أن تتحمل المسؤولية وتحاسب، وهذا ما لا نراه في كتابات ومزاعم الغيورين على الكويت، وما يثبت هذا الكلام ما حصل في جلسة المجلس الأخيرة من إجهاض طلب سحب تكليف لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية، وهي لجنة حكومية حتى النخاع، في إعداد تقريرها حول التلاعب في ملف التجنس ونقل المهمة إلى لجنة مستقلة وفقاً لطلب تقدم به النائب بدر الملا!
لكن إذا كانت هناك بقايا غيرة على مستقبل البلد والشعب الكويتي وأدني درجات مخافة الله في عباده وأبسط اهتمام برفع الظلم عن عشرات الآلاف النساء والأطفال من البدون لكان حري بالمولولين جهاراً نهاراً أن يطالبوا بإلغاء الجهاز التنفيذي فوراً لفشله الذريع فيما أسند له من مهام وعجز عن تحريك هذا الملف شبراً واحداً بعد عشرة سنوات من الوعود والتصريحات وجهود العشرات من الرجال والنساء في هذا المرفق والمصاريف الخيالية التي هدرت تحت هذا البند والأهم من ذلك انتهاء الفترة المحددة لعمل الجهاز ليس الآن ولكن قبل خمسة سنوات، فما انتهى إليه الجهاز كان مجرد التطفل على وقف صرف الشهادات الجامعية لمن أكمل متطلبات دراستها وتجميد الحسابات البنكية للبدون في مصارف القطاع الخاص، فتعساً لهذا الإنجاز ومن يؤيده من أصوات نشاز!