المصالحة الخليجية والمصالح الأمريكية!
04 أكتوبر 2019
د. حسن عبدالله جوهر
يبدو أن أجواء المصالحة الخليجية الايرانية، وخاصة في بعدها السعودي باتت أقرب من أي وقت مضى خلال السنوات العشر الماضية، مما قد يفتح آفاقاً جديدة لمستقبل المنطقة لم تكن معهودة في السابق، الرسائل المتبادلة بين المسؤولين في السعودية وإيران، وإن غلب على البعض منها عبارات قاسية إلا أن مضمونها يعكس رغبة مؤكدة على الحوار المباشر الذي لن يستثني الملفات الإقليمية خاصة اليمن والعراق وسوريا، وما تبقى من كلمات العتب ليست سوى فضفضة اللحظات الأخيرة التي تسبق المصافحة والمصالحة.
قد تكون للجهود الدبلوماسية التي مارستها كل من فرنسا والباكستان والعراق دوراً مهماً في إقناع طرفي التوتر للجلوس معاً، إلا أن الواقعية السياسية والتطورات الميدانية تفرض نفسها على حتمية إنهاء الصراع، خاصة من الجانب الخليجي الذي خسر الرهان على وسوريا وانقلبت موازين الحرب في اليمن ضد توقعاتها وأهدافها ونيران الحرب إلى عمق أراضيها، والأهم من ذلك خذلان الحليف الأمريكي المعهود بعدما شفط مئات المليارات من الدولارات عبر التأجيج المصطنع واستدراج الخليج وايران إلى دائرة التصعيد المتنامي، بعدها أعلنت الحكومة الأمريكية بأنها غير مستعدة لأي حرب مع إيران كما همشت البعد الاستراتيجي لمضيق هرمز كممر آمن لإيرادات الطاقة، ولم تحرك أي ساكن بل لم تنذر حكومات المنطقة بسلسلة الهجمات العسكرية على مصالحها الحيوية رغم زعمها بأنها تسيطر استخباراتياً على سماء المنطقة بالكامل وبتفوق خيالي، وأخيراً بدأت بحزم حقائق جنودها من القواعد الخليجية مستهلة بذلك أكبر قواعدها في العالم في عيديد بقطر.
هذه المعادلة الصفرية أوصلت حكومات الخليج، وتحديداً المملكة العربية السعودية، إلى قناعة بعدم الاستمرار في الطريق الصلب والتفكير جدياً بالبدائل الدبلوماسية المرنة لأنها لم تجن أية مكاسب سياسية أو دبلوماسية أو عسكرية بل العكس تماماً، الإيرانيون بدورهم ورغم النقاط الإيجابية التي سجلتها دبلوماسيتها والمكاسب التي حققها حلفائها على الأرض، يدركون بأن معركتهم الأهم ليست مع السعودية وبقية دول الخليج، وإنما مع الولايات المتحدة وخاصة فيما يخص الاتفاق النووي والعقوبات الاقتصادية غير المسبوقة التي لا يمكن التكهن بتداعياتها المستقبلة وتأثيرها على الداخل، ولذلك فأن طي صفحة الخلاف مع الخليج يمكنها من التفرغ للعلاقات مع الولايات المتحدة، التي لا يستبعد أن تكون الكثير من مواقفها في الخليج بمثابة إشارات بحزب الإيرانيين إلى طاولة الحوار مجدداً بدلا من الإقرار بفشل سياسة تمزيق الاتفاق النووي وتراجع عنه بالكامل باعتبار ذلك إذعاناً بخطأ الجسيم واستصغارا للكبرياء الأمريكي.
نأمل أن يكون السيناريو السلام هو الارجح ولكن الاسى على ما تم انفاقه من أموال خيالية تصل إلى اكثر من تريليون دولار من المعدات الحربية والدمار الذي يحق بالكثير من الدول والشعوب العربية والتي لو صرفت في الاتجاه التنموي الصحيح لكنا افضل بقعة في العالم الذي يشهد أعلى حالات الانكماش الاقتصادي!