تغريدة حرب!
10 أبريل 2018
د. حسن عبدالله جوهر
كما كان متوقعاً فقد أصدر الرئيس الأمريكي حكمه النهائي على استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي، كما أصدر قراره بأن الرئيس السوري سيدفع ثمناً باهظاً على ذلك، ومع أن فرنسا هي الدولة الوحيدة التي تحمست واقتنعت بالحكم الأمريكي هذه المرة دون بقية الحلفاء الغربيين كالعادة، إلا أن تغريدة ترامب بشأن ضرب سوريا عسكرياً سوف تضعه وإداراته ومنطقة الشرق الأوسط وربما العالم في ورطة كبيرة، وبغض النظر عن التهمة الكيماوية الأخيرة ومدى صدقيتها ومواءمتها السياسية، فأن تراجع الرئيس الأمريكي عن وعده قد يعرضه إلى حرج كبير ويكرس صورته كنمر من ورق، والرئيس يكفيه سلسلة الفضائح التي تلاحقه منذ حملته الانتخابية إلى اليوم.
أما تنفيذ ترامب لوعده بالانتقام لأطفال سوريا، وهو الذي أعلن بشكل فجائي على الانسحاب من الأراضي السورية بأسرع ما يمكن، فبالتأكيد سوف يضع المنطقة ومساحة كبيرة من العالم على كف عفريت الحرب، خاصة في ظل التهديدات الروسية بالرد في حال استهداف حليفها السوري، وعندها ستكون منطقتنا العربية في مشهد لا يحسد عليه.
مهما كانت رعونة الرئيس الأمريكي وقراراته المرتجلة إلا أن الكثير من المحللين الأمريكيين وغيرهم يرون أن قواعد اللعبة الدولية وقرارات الحروب الشاملة لا يتحكم فيها الرئيس منفرداً وخاصة في ظل وجود مؤسسات عملاقة كوزارة الدفاع البنتاغون ووكالة المخابرات المركزية السي آي أيه، وبناءً على ذلك فقد يكون خيار الحرب الشاملة واحتمال تحولها إلى مواجهة كونية غير مرحب فيه رغم احتمالات التصعيد ومفاجآت عالم السياسية.
وفق هذا المنظور كيف يمكن تفسير أو التنبؤ بما سيقدم عليه السيد دونالد ترامب؟ فالنظام السوري وبعد حسم المعارك الميدانية وآخرها الغوطة الشرقية لا يمكن أن يسقط بفعل ضربات أمريكية وإن كانت شديدة دون تحرك على الأرض وزحف على العاصمة دمشق، وحتى هذا الخيار الصعب يعتبر بمثابة خط أحمر روسي، كما أن معظم المليشيات المسلحة قد انهارت تقريباً ويصعب تكليفها بمثل هذا الدور الرئيسي الخطير، فيظل هذا الاحتمال مستبعداً في الوقت الحاضر.
الاحتمال الآخر أن تقدم أمريكا وبمساعدة فرنسا على ضربات محدودة ضد أهداف سورية كنوع من إسقاط التكليف السياسي ومنها توجيه رسالة إلى المعارضة السورية مفادها أن الغرب لم يتخلى عنها، ومنها إنزال عقوبة بحق النظام في سوريا وحلفائه والحاق خسائر إضافية أملاً في إضعاف مرحلة ما بعد الحرب واستفادة أصدقاء سوريا من ثمار التحالف الجديد وبناء استراتيجية مستقبلية.
لكن القدر المتيقن من كل هذا المشهد هو استمرار الأمريكي في استنزاف الأموال العربية وبأقل جهد ممكن، ويبدو أن شهية الرئيس لا زالت نهمة في المزيد، ولذلك يخرج بين فترة وأخرى بمسرحية جديدة ليطالب بفاتورتها المالية.
التساؤل القادم هو في حالة انتهاء أزمة دوما، كما يبدو من الأنباء الواردة حول الاتفاق على خروج آخر المسلحين منها، من سيكون ألعوبة الرئيس الأمريكي وضحيته القادمة لاستمرار مقولته الشهيرة بليونز أند بليونز أند بليونز!