تقرير فريزر وصراع الفيلة!

28 سبتمبر 2018

د. حسن عبدالله جوهر2

تتعدد مؤشرات قياس أداء الحكومات وترتيبها العالمي في الكثير من الاتجاهات، سواءً في البعد السياسي أو التنموي أو في البعد الاقتصادي أو على صعيد النشاط الثقافي وغيرها من التطبيقات المتعلقة بشؤون الدولة.

من بين التقارير التي ترصد مؤشر الحرية الاقتصادية في العالم، ما يقوم به معهد فريزر الكندي سنوياً لمتابعة وقياس خمسة اتجاهات مهمة يعتبرها أساساً لقوة الاقتصاد الوطني واستقلاليته، وتتمثل هذه المحاور في الإجراءات التجارية الحكومية، حرية التبادل التجاري، السياسية النقدية، حجم الإنفاق العام بالإضافة إلى المظلة القضائية لحماية حقوق الملكية الفكرية.

حصلت دولة الكويت على المركز (95) عالمياً وجاءت في ذيل قائمة دول مجلس التعاون الخليجي على الرغم من أن معدل هذا المؤشر كان (6) من (10) في عام (2018)، لكن الملفت أن الترتيب العالمي للكويت قد تراجع من المركز (30) إلى (90) خلال ثلاثة سنوات فقط، وقد لا نشعر كمواطنين عاديين التأثيرات المباشرة لمثل هذه التصنيفات العالمية التي تتابعها مؤسسات مستقلة، حيث أن طبيعة المعيشة لم تتغير والرواتب تودع في البنوك قبل نهاية الشهر، والكل يقول الحمد لله.

هذه المؤشرات مهمة من جهة لأنها وثيقة مرجعية يراهن عليها كبار المستثمرين والشركات العالمية للتعامل مع الدول، الأمر الذي يعزز من الاقتصاديات الوطنية، كما أنها تحفز دول العالم على التنافس من أجل تقديم ما هو أفضل لشعوبها ومكانتها واحترامها في العالم.

من ناحية أخرى، فأن هذه التقارير وأرقامها تعكس مكامن الخلل أو الضعف في الهيكلية الاقتصادية للدول وسياساتها المالية، وتقرع جرس الإنذار بوجود قصور إما في الأداء أو المظلة القانونية أو أفق التفكير في المستقبل لتقوم الدول بمعالجتها أو تحسين عملها.

مؤشر فريزر قد لا يكون من المرجعيات الرئيسية في العالم في قياس متانة وصلابة الاقتصاديات الوطنية، ولكنه يتطابق مع العديد من المؤشرات التي تجمع على تردي حالة بلدنا في العديد من القطاعات، ويؤكد تقارير الشفافية الضعيفة وتصاعد حجم الفساد وانعدام الرؤى التنموية، وتتزامن هذه المعلومات السلبية أيضاً مع مثيلاتها من التقارير الخاصة بتراجع الحريات العامة وحالة الإحباط بين الناس والقلق الكبير من المستقبل.

تقرير فريزر لا يمثل المعارضة ولا يترجم نوايا الطابور الخامس ولا يعكس آراء المصطادين في الماء العكر، لكنه يستند إلى البيانات الحكومية الرسمية ولا توجد لديه طموحات سياسية أو يدعو إلى استقالة الحكومة أو حل المجلس، لذلك علينا أن نحترم مثل هذه الدراسات خصوصاً أننا نرى في خضم هذا التخبط الاقتصادي والفوضى السياسية قصص يومية من السرقات والاختلاسات وتبييض الأموال دونما أمل في الحد منها، كما نشهد في ظل هذا الفراغ السياسي الاقتصادي صراعاً خفياً بين كبار التجار والشركات المهيمنة والمحتكرة في بلدنا، وبدأت ملامح خروجه إلى العلن منذراً بتفجر حرب الفيلة التي قد لا تتضرر هي تطاحنها بالرؤوس ولكنها تدمر بأقدامها الأخضر واليابس والمواطن الغلبان!