جاء الدور على الجمعيات التعاونية!

09 ديسمبر 2015

د. حسن عبدالله جوهر

تصريحات السيدة الفاضلة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل بشأن خصخصة الجمعيات التعاونية وقرب الانتهاء من دراسة شاملة لهذا الموضوع بحاجة إلى وقفة للمراجعة والتحذير والتنويه، نعم نشارك معالي الوزيرة التشخيص بفساد الجمعيات التعاونية في ممارسات الكثير منها مالياً وإدارياً، ويشهد للأستاذة هند الصبيح جرأتها في تحويل العديد من الحالات للنيابة العامة، ولكن هل خصخصة الجمعيات هي الحل السحري لهذا الفساد؟

مراجعة هذه الرؤية تكمن في أهمية دراسة فلسفة الجمعيات التعاونية ودورها البارز في تعزيز الثقافة التعاونية والمجتمعية ومساهماتها المناطقية في دعم الكثير من الأنشطة وسد إهمال الحكومة في مجالات كالصحة والتعليم وصيانة المدارس وفتح مشاريع الممشى الرياضي وغيرها من الأنشطة على مدى سنوات طويلة، كما أن الجمعيات التعاونية كانت وما تزال مصدر رزق للأهالي وأن تفاوتت الأرباح السنوية بين جمعية وأخرى، ومن خلالها أيضاً برزت العديد من الكفاءات الشبابية والوطنية التي تدرجت لتصل إلى مراكز قيادية في الدولة، لذا فأن المراجعة تقضي بفهم أسباب نجاح جمعياتنا على مدى العقود الماضية، ثم تشخيص أسباب وعوامل الإخفاق ومن بينها الفساد والحرمنة في الفترة الراهنة.

أما التحذير من الخصخصة فيشمل بعدين، الأول فشل الكثير من مشاريع الخصخصة منذ التحرير إلى الآن سواءً في رفع كفاءة الإنتاج أو استقطاب العاملين الكويتيين واحتضانهم أو المساهمة في تعزيز موارد الدولة المالية، وأتمنى من سعادة الوزيرة أن تطلب من زميلها وزير المالية دراسة شاملة لمشاريع الخصخصة ونتائجها حتى هذا اليوم في المحاور سالفة الذكر!

البعد الثاني من التحذير يكمن في حجم الفساد المستشري في الكثير من مشاريع الخصخصة الأخيرة، وهنا أيضاً أتمنى من السيدة الوزيرة طلب الإحصائيات الرسمية التي يعلنها زميلها وزير النفط ليل نهار حول سرقات وتجاوزات شركات الديزل فقط التي كانت مملوكة للدولة وتم تحويلها إلى القطاع الخاص! والفساد التي تقصده الوزيرة الصبيح ظاهرة وثقافة وسلوك ممتد في الكويت بالطول والعرض وعلى كل المستويات، لذلك فقد “قصّت الحق من نفسها” وقالت أن خصخصة الجمعيات التعاونية سوف يقضي فقط على 50% من الفساد فيها، فماذا عن الـ 50% الأخرى؟!

تصريحات الوزيرة هند الصبيح بحاجة أيضاً إلى التنويه، حيث أن الناس قد طفح بها الكيل وهناك شبه إجماع على أن كبار التجار قد أكلوا الأخضر واليابس وباتوا محصنين من المحاسبة والعقاب، فقد رفعوا الأسعار ووكلونا اللحم الفاسد وخربّوا مشاريع الدولة وشفطوا الميزانية العامة التي هي ملك للشعب لتسديد ديونهم وحل مشاكلهم المالية الناتجة عن إجراءات وصفقات فاسدة ووهمية منها تسديد رواتب كبار قياداتها بالملايين من الدنانير، ومع هذا لم نجد شخص واحد مدان أو تمت أية إجراءات عقابية ضده ولو عبر فطمه من ثدي الحكومة! هذا الانطباع الشعبي سواءً كان دقيقاً بالكامل أو بهامش من الصحة كفيل برفض مثل هذه الفكرة، ويسهل معها أيتها السيدة الفاضلة المعروفة بالاتزان والتدين والجدية اتهامك بمراضاة التجار على حساب الناس الغلبانة، سيما في هذه الظروف المالية والاقتصادية الصعبة!