كرامة شهدائنا!
27 فبراير 2015
د. حسن عبدالله جوهر
مع تجدد مناسباتنا الوطنية في ذكرى الاستقلال والتحرير يجب أن نستذكر بلا حدود شهدائنا الأبرار على مر التاريخ وتحديداً شهداء مقاومة الغزو العراقي، ليس فقط لأن عطاء الشهيد يتجاوز جيله ويتمدد عبر الأجيال المتلاحقة، وليس فقط لأن تضحية الشهيد لا يضاهيها شيء في الوجود عندما يكون البذل هو الروح والجسد والدم، وليس فقط لأن الشهادة وسام لمحيط الشهيد بلداً كان أو أمة يجسّد الكرامة والشهامة والبطولة وقيمة الحرية، ففوق ذلك كله شهداء الكويت رسموا لوحة مهما كانت مؤلمة وحزينة إلا أنها جميلة وناصعة ومدرسة يفترض أن نستهدي بتعاليمها.
الوطنية كلمة وشعار ولعل الجميع يستخدمها حسب نيته ومقاصده بل في الغالب لا يؤمن بها قولاً وفعلاً إلا ما ندر، والكل مشكوك بادعاءاته بالوطنية أو يبقى هذا الإدعاء على محك الزمن قد ينزلق منها طال هذا الزمان أو قصر، إلا الشهيد حيث ختام حياته يكون من أجل هذه الدوافع الوطنية، ولذا لا يشكك في هذه الخصلة أبداً.
مزيج شهداء الكويت إبان الاحتلال سجلوا ملحمة الوطنية بأبهى صورها وعندما اختلطت دمائهم فقد كانوا صادقين بأن السنة والشيعة والبدو والحضر والكبار والصغار والرجال والنساء عملة كويتية خالصة وواحدة، لذا نحن بأمّس الحاجة إلى أن نستذكرهم باستمرار وليس فقط نترحم عليهم في يوم التحرير.
الجهود الحكومية في تكريم شهدائنا لم تتعد الجوانب المادية من صرف المزايا والرواتب لذويهم في مسؤولية مستحقة ولكن لم تستثمر أسمائهم وأعمالهم في وجدان الشعب بكل شرائحه وانتماءاته، هذه الفصائل التي باتت تشق صفوفها النميمة والأحقاد بل وتمني الشر وليس الخير لبعضها البعض، ومع ذلك فأن معالم البلد التي قد تذكرنا باستمرار هؤلاء الشهداء حرمتنا منها الحكومات المتعاقبة، فلا يوجد مبنى أو حتى شارع باسم أي شهيد رغم أن شوارعنا عجت بآلاف الأسماء منها العجيب والغريب ومن لم يقدم لهذا البلد ما قدّمه الشهداء، وهذا أكبر ظلم لهؤلاء الشهداء، ولذلك فأن عذر الحكومة في إطلاق الأسماء على الشوارع قد انتفى تماماً بعد هذا الإسهال الذي شمل حتى الشوارع الرئيسية الكبرى، لذا يتوجب علينا جميعاً وخاصة أعضاء المجلس البلدي في إعادة ذكرى هؤلاء الأوفياء من جديد.
بالإضافة إلى ذلك، هناك الكثير من المشاريع ذات الطبيعة الترفيهية مثل الحدائق العامة وساحة العلم والمنتزهات، وهذه المعالم التي أنفق عليها ملايين الدنانير يفترض أن تزّين ولو أحدها بنصب تذكاري لا يقل في جودته وجمال بعده المعماري بأسماء وصور شهداء الكويت ونبذة عن حياتهم وبطولاتهم أسوة بكل دول العالم، لعل وعسى نفي هؤلاء الأبطال جزء من حقهم والدين الذي لهم في أعناقنا جميعاً بعد أن احتضنهم التراب بينما نستمتع ونحتفل بالأعياد ونطالب بمنح مالية وعطل إضافية في هذه المناسبات!