كوابيس في الخليج!
06 نوفمبر 2018
د. حسن عبدالله جوهر
من النظريات المهمة في علم السياسية ما يعرف بمستويات التحليل في فهم أو التنبؤ بمخرجات العلاقات الدولية، وتتدرج هذه المستويات بين مستوى التحليل العالمي أو ما يعرف بديناميكيات النظام الدولي وأقطابه، ومستوى تحليل الدولة ومؤسساتها وصناعة القرار فيها، ومستوى تحليل الفرد المتمثل في الشخصيات ذات التأثير المباشر والقوي في صنع التغيير السياسي سلباً كان أو إيجاباً.
تشهد منطقة الخليج جملة من التطورات الكبيرة المرتقبة نتيجة لتداخل مستويات التحليل الثلاثة وتزامنها في وقت واحد وبشكل معقد، وهناك جملة من الأحداث السياسية التي ستحدد معالم الإقليم بعد المخاض القادم من الأوضاع السياسية في الداخل الخليجي نفسه كالانقسامات والأزمات المحلية والإقليمية المتمثلة في الحرب اليمنية وتداعيات مقتل الصحفي جمال خاشقجي من جهة، ومن جهة أخرى دخول العقوبات الأمريكية الشديدة ضد إيران حيّز التنفيذ وتشمل حظر تصدير النفط الإيراني، وأخيراً يرتقب العالم نتائج الانتخابات التكميلية للكونغرس الأمريكي وما ينتج عنها من زيادة نفوذ الرئيس وحزبه الجمهوري أو سيطرة الديمقراطيين على المؤسسة التشريعية.
جملة هذه الأحداث سوف ترسم سيناريوهات اتجاهات الوضع السياسي والأمني في منطقة الخليج، والملف سيبقى مفتوحاً لجميع الاحتمالات بناءً على معطيات الواقع الجديد الذي سيستمر لمدة عامين على الأقل وهي المدة المتبقية لرئاسة دونالد ترامب، وإذا أخذنا الواقع الهش سياسياً واستراتيجياً في منظومة مجلس التعاون بعين الاعتبار وحالة التفكك والضعف التي تعانيها دول المنظومة بشكل أحادي أو جماعي، فهذا يعني أن مستقبل المنطقة وشعوبها ستكون رهن الإرادة الدولية بشكل عام وبيد الولايات المتحدة على وجه التحديد، وفي كل الأحوال ستكون الضريبة السياسية أو الاقتصادية كبيرة جداً مع غياب أية ضمانات لهذه الدول أو شعوبها.
لعل أسوأ السيناريوهات هي زيادة نفوذ الرئيس الأمريكي في حال ضمان الأغلبية التشريعية، ومؤدى ذلك التوتر الشديد في المنطقة وخاصة ما يتعلق بالعلاقة مع ايران وبالنتيجة زيادة المبيعات التسليحية لدول مجلس التعاون ومضاعفة ما يصرّح به ترامب من رسوم الحماية الأمريكية للخليج، بالإضافة إلى وقف الحرب في اليمن كإشارة إلى الهزيمة العسكرية والسياسية للتحالف العربي تضاف إلى خسارة سورية والعراق وليبيا.
داخلياً، قد تستغل تبعات مقتل جمال خاشقجي للتدخل المباشر في شؤون الحكم بدول الخليج، وقد لا ينحصر ذلك في المملكة العربية السعودية وإنما في أكثر من دولة خليجية، مع فرض إملاءات جديدة على مجلس التعاون منها التطبيع المباشر والسريع مع الكيان الصهيوني وتخفيض أسعار النفط والمحافظة على أجواء التوتر الأمني على حساب المشاريع الخيالية التي تبنتها أكثر من دولة خليجية كمشروع نيوم السعودي واكسبو الإماراتي وطريق الحرير الكويتي، وفي مقابل ذلك الإفراط في التسليح والابتعاد عن أية تحالفات دولية جديدة أو شراكات استراتيجية مستقبلية مع روسيا أو الصين أو الاتحاد الأوربي، أي أن هناك كابوساً سيلقي بظلاله على المنطقة لعاميين قادمين ونحن بلا حول ولا قوة أمامها!