مسلسلات غير رمضانية!

09 مايو 2018

د. حسن عبدالله جوهر

مؤسف جداً أن ينحدر مستوى الفن إلى درجة بات يهدّد القيم الإسلامية والعربية والكويتية خاصة في شهر الله الفضيل الذي ميزّه بهالة من القدسية وسمو الروح والتقرب إليه بأعمال الخير والبر.

المجتمع الكويتي في مجمله، وعلى الرغم من الخلافات الفكرية والسياسية، يغتنم فرصة شهر رمضان المبارك للتواصل وتبادل التهاني والدعوة المتقابلة لقبول الطاعات في لوحة جميلة نحن بأمس الحاجة إليها في الظروف الحساسة والانفعالية التي نعيشها محلياً واقليمياً، حيث تهدأ النفوس بشكل تلقائي ولو خلال هذه المناسبة العزيزة ويكبح فيها مظاهر التمادي في بعض السلوكيات الأخلاقية احتراماً لمكانة شهر الصيام حيث تصوم الجوارح كما تصوم الأفواه والبطون.

إضافة إلى ذلك فأن الموقف الرسمي للدولة عادة ما ينسجم مع متطلبات الشهر المبارك، حيث يمنع التجاهر بالإفطار بقوة القانون وتزخر المساجد بالقيام والذكر وتكثر البرامج الدينية التي تتناول أحكام الصوم والتهذيب الروحي، إلا أن بعض المشاهد والأعمال الفنية وبما تتضمنه من إساءة واضحة بل وقد تكون متعمدة سواءً في الألفاظ أو السلوكيات أو اختلاق القصص الخيالية المنسوجة من رؤى لا تخلو من الخبث لا تتناسب مطلقاً مع أجواء رمضان وحتى غير رمضان.

قد لا نكون مجتمعاً ملائكياً وقد نكون قد ابتلينا ببعض الآفات والأمراض والسلوكيات المنحرفة التي تستدعي التدخل العلاجي والتربية المجتمعية ولكن تحويل مثل هذه الحالات الطارئة وربما المحدودة إلى مادة إعلامية منظمة وإقحامها داخل البيوت عبر وسائل الإعلام وفرضها إما بدعم من الدولة أو رعايتها وإجازتها للقنوات الخاصة أو حتى استباحتها عبر الفضائيات الأجنبية، فإن هذا يدخل من باب القبح وانعدام الرؤية في السياسة الحكومية وتناقضاً واضحاً في توجهاتها.

هذه السموم الإعلامية يجب أن تكون بمثابة رسالة واضحة لأقطاب مروجي الطائفية بأن تخريب النشء سوف يعصف بجيلنا دون أن يفرّق بين السني والشيعي، وتحذير مهم لمن يتزعم الترويج للعصبية والقبلية والتمييز الاجتماعي والطبقي بأن تشويه أخلاقيات المجتمع سوف يقضي على أبنائنا وبناتنا من كل القبائل والعوائل، فهل نستوعب أجراس الإنذار قبل فوات الأوان.

قد يقول قائل بأن عصر العولمة فتح كل الآفاق للغث والسمين وأن بمتناول الطفل الصغير أن يتجول في جهازه الذكي أيمنا يريد، إلا أن هذه الحقيقة المرة لا تعطي المبرر لوزارة الإعلام أن تصرف أموال الدولة في قضايا هدامة ودون حسيب أو رقيب، فإن لم تحترموا شهر الله فاحترموا أنفسكم على الأقل!