معارضة تبحث عن نفسها!
28 أغسطس 2018
د. حسن عبدالله جوهر
بحسب علمي بدأت مجاميع وشخصيات سياسية وأخرى شبابية بالتشاور والتفكير في طرح رؤى جديدة لمشروع وطني، ليس فقط لتحريك المياه الراكدة في بحر السياسة، بل لخلق جبهة كويتية تتمحور حول جملة من العناوين الجامعة للتصدي بقدر الإمكان للحالة البائسة التي تمر بها البلد، وما آلت إليه الكثير من القضايا الأساسية من تدهور وانحطاط إلى حد بات يهدد كيان الدولة.
ويعود السبب في هذا التحرك الجديد إلى حالة الفشل الذريع لدور الحكومة في إدارة شؤون البلاد، واليأس من مجلس الأمة الذي تحول إلى مجرد مسمى وصار يدار عبر التحكم من بعد من السلطة التنفيذية الفاشلة التي لم تنجح سوى في إدارة المجلس، وأخيراً اهتزاز الثقة بشكل واسع بالتيارات السياسية والقوى الوطنية وحتى الكثير من رموز العمل السياسي.
في مقابل هذه الصورة القائمة تبرز الصحوة المجتمعية متمثلة بالنشطاء الأفراد من خلال التواصل الاجتماعي وأحاديث الدواوين وتبادل الهموم بين المواطنين، ولعله يتبيّن بوضوح أن المواطن العادي وبتلقائيته وعفويته أصبح أكثر نضجاً من القائمين على السلطات الدستورية بل أوسع وعياً وإخلاصاً في حمل هموم البلد والتخوف من المستقبل، وقد يكون هذا مؤشر على زوال ما يعرف بالنخبة السياسية وهو أمر خطير بلا شك، ولكن في نفس الوقت فأن صحوة الضمير المجتمعي قد يكون بمثابة صمام أمان وبصيص أمل لانفراجة مرتقبة.
لكن المشكلة الكبيرة في هكذا حال تكمن في كيفية إعادة ربط مجتمعنا المتفق على كل صور الفساد والترهل والعجز السياسي، ولكنه مفكك ومتناثر ويعيش في معزل عن بعضه البعض لدواعي إما طائفيته أو طبقية أو قبلية، ومع ذلك يتخوف في الالتحام الوطني من جديد.
لنقولها بصراحة أكثر، قد يكون أغلب أبناء القبائل مستائين من رموزهم ووجهائهم، وقد يكون من معظم الشيعة محبطون من نوابهم ووجهائهم، وقد يكون الكثير من المتدينين يشعرون الخذلان من ممثليهم في البرلمان ومشايخهم المتزلفين للسلطة، وقد يكون أنصار التيارات الليبرالية يستنكرون مواقف العديد من رموزهم التقليدية المهادنة، وأيضاً قد يشعر حتى أبناء العوائل الحضرية بتخلي كبار تجارهم عن مطالبهم وطموحاتهم، والتحدي الأكبر هنا كيف يمكن لمن فقد الثقة بأقرب الدوائر من حوله أن يضع يده بيد المجاميع أو الرموز من الفئات الأخرى في وقت أصبحت المصلحة الضيقة هي أساس العمل والوقف والقرار؟!
من هذا المستنقع التعيس بدأت جموع من المواطنين تبحث عن مخرج للملمة الصف ونفخ روح الأمل في جسد المجتمع الكويتي، وحتى يكون لمثل هذا التحرك الجديد معنى ونتيجة عملية يجب أن نستفيد من أخطاء الماضي ويجب أن تكون الرؤية واضحة، ومع كل دعواتنا لأي مشروع وطني مخلص بالنجاح سوف نسلط الضوء على بعض متطلبات العمل المستقبلي في حلقات قادمة إن شاء الله تعالى.