ميري كريسمس!

27 ديسمبر 2016

د. حسن عبدالله جوهر

نبي الله عيسى بن مريم “عليه السلام” من أنبياء أولو العزم، وهو من بشّر الإنسانية برسولنا الأكرم محمد بن عبدالله “صلى الله عليه وآله وسلم”، الذي كان بدوره يلقب من سبقه من الأنبياء بـ “أخي”، ناهيك عن أن الإيمان والتصديق بأنبياء الله من أساسيات عقيدتنا الاسلامية، ومن هذا المنطلق تتعلق قلوبنا بحبهم واحترامهم وتقديسهم.

حتى في البعد الإنساني والوجداني فأن احترام أنبياء الله وإجلالهم من مقتضيات العقل والضمير لما قدمه هؤلاء الصالحون للبشر من جهد وعناء وتضحيات على طريق الإصلاح والهداية والتسامح والمحبة، ومن بينهم المسيح عليه السلام الذي نعتبر ولادته معجزة إلهية ورفعه إلى السماء كرامة ربانية أخرى.

أتباع السيد المسيح اليوم يشكلون غالبية سكان الأرض، يحتفلون بمناسبة ولادته في طقوس دينية تتلى فيها الصلوات والأدعية وفقاً لما تمليه معتقداتهم وإرثهم الديني والثقافي، وهم في ذلك يتشاركون مع بقية الأمم والملل والأديان التنوع المذهبي والاختلافات الفكرية، وهذا شأن خاص بهم.

مهما اختلفنا مع نظرائنا في الإنسانية في المعتقد والعبادة وحتى في تشخيص السيد المسيح نفسه، إلا أننا نشاطرهم قدسية هذا الولي ومحبته والتعاليم التي أرسلها الله عز وجل به، والأكثر من ذلك نشاركهم الوجود والتعايش والحياة اليومية، نسافر إلى بلادهم ويأتون إلينا، ندرس في جامعاتهم ونتطبب في مستشفياتهم، ونتسوق بأرقى متاجرهم، بل في وقت العسرة نستنجد بهم لتخليصنا من بطش وإجرام بني جلدتنا ممن يدعون الإسلام!

لهذا يفترض أن نبادلهم الاحترام والمحبة وحفظ حقوقهم وحرياتهم واحتفالاتهم، كما أنهم يراعون في الغالب الأعم خصوصياتنا وممارسة شعاراتنا وعباداتنا في عقر دارهم، حيث انشرت المساجد والمراكز الإسلامية في الآلاف من المدن والقرى حول العالم.

أن ما يدعو إلى الأسى ضيق الأفق والتزمت غير المبرر في الإجهار والتباهي في التعرض لمناسبات المسيحيين وخاصة أعياد الميلاد والنيل منها والتحريض عليها في بلادنا أو وسم طقوسهم بعبارات التكفير والضلال، ومن صور ذلك إزالة شجرة عيد الميلاد من إحدى الجمعيات التعاونية بضغط من أحد النواب وتجاوب فوري من السيدة وزير الشؤون التي توسمنا في شخصيتها الشجاعة وحسن الإدارة، فأي منطق أعوج من هكذا إجراء؟ أليست تلك الجمعية هي من اختلست أموالها وبضاعتها مجالس إدارات يفترض أن يكونوا من المسلمين! ليت الأخ النائب والأخت الوزيرة يفتونا ما هو الحرام، أهو سرقة المسلمين لأموال المساهمين أم شجرة عيد ميلاد مزينة بشكل جميل نسبة إلى ميلاد سيدنا المسيح بن مريم؟!

أما تلك الأصوات النشاز التي تتطاير منها الروائح الكريهة والداعية للفتنة والتباغض بسبب الاحتفال بمولد نبي عظيم، فيا ليتها نطقت بحرف واحد ضد أدعياء ديننا الإسلامي الذين يعيثون في الأرض فساداً فيقتلون الأبرياء وينحرون الشيوخ ويحرقون الأسرى وهم أحياء ويفخخون الأطفال من البنات ويدمرون البلاد الإسلامية، فأكرمونا بسكوتكم واصمتوا صمت القبور!