تم النشر في : مجلة السياسة الدولية، السنة 32، العدد 125، يوليو 1996 (ص. 8-25)
الباحثون:
د. حسن عبدالله جوهر- قسم العلوم السياسية – جامعة الكويت
د. كـارلا كـونينغهام قسم العلوم السياسية جامعة نيويورك، بافالو
المقدمة
تركزت أنظار الولايات المتحدة، ومنذ نهاية الحرب الباردة، على الأحداث المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط نظراً للأهمية الاقتصادية والإستراتيجية المتعاظمة لهذه المنطقة، وينصب هذا الاهتمام بالتحديد على البروز الظاهر للحركة الإسلامية ليس فقط على مستوى إقليم الشرق الأوسط، ولكن عبر جنوب شرق آسيا وآسيا المركزية وشمال أفريقيا أيضاً، وتحاول هذه الدراسة تحليل السياسة الخارجية الأمريكية فيما يتعلق ببروز الإسلام كقوة سياسية معارضة في معظم مناطق العالم الإسلامي، وسوف تتركز الدراسة على بحث وتحليل التساؤلات الرئيسية التالية:
- هل تنطلق معتقدات صناع السياسة الخارجية في الولايات المتحدة في أسس تعاملها مع حركات الإسلام السياسي من قواعد نظرية الدومينو Domino Theory؟
- إذا اعتبرنا الإجابة على السؤال السابق مثبتة، فما هي القدرة التفسيرية والاستقرائية لنظرية الدومينو على توجيه السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الإسلام السياسي؟
- هل تعتبر هذه النظرية مناسبة للسياسة الخارجية الأمريكية لتطبيقها في التعامل مع الإسلام السياسي بغض النظر عن كونها سياسة عملية وناجحة في هذا الخصوص؟(1)
وهناك نقطتان أساسيتان بخصوص هذا التحليل يجب التأكيد عليهما في بداية البحث، تتعلق النقطة الأولى ببعض خصائص نظرية الدومينو باعتبارها المنطق المفسّر للسياسة الخارجية الأمريكية أثناء فترة الحرب الباردة، بينما تختص النقطة الثانية بضرورة توضيح مفهوم “الإسلام السياسي”.
فمن جهة قد لا تكون نظرية الدومينو بمثابة الاقتراب الوحيد الذي أستخدمه صناع السياسة الخارجية في الولايات المتحدة في صياغة وتوجيه علاقاتهم الدولية، ولكننا لا نشك أبداً بأن هذه النظرية قد طبّقت في مواضع مختلفة خلال فترة الحرب الباردة(2)، وإن كان ذلك التطبيق خاطئاً كخيار سياسي أو من حيث الافتراضات التي بنيت على أساسها هذه السياسة أو النتائج التي تمخضت عنها، وإذا كانت نظرية الدومينو تمثل إحدى المسارات النظرية في عهد الحرب الباردة، فمن المحتمل جداً أن تظهر من جديد كإستراتيجية لمواجهة الإسلام الإسلامي في ظل النظام العالمي الجديد، وبالنتيجة، فمن المرجح أن تقود سياسة لعبة الدومينو هذه إلى نفس الأخطاء التي وقعت فيها تطبيقات السياسة الخارجية الأمريكية إبّان الحرب الباردة.
ومن جهة أخرى، فقد تم اختيار مصطلح “الإسلام السياسي” لوصف الظواهر التي يشار إليها بمسميات مختلفة من قبيل “الأصولية الإسلامية Islamic Fundamentalism” و”التأسلم Islamism” و”الأصولية الإسلامية المتطرفة Radical Islamic Fundamentalism” وغيرها من المسميات المشابهة(3)، وفي حين أنه من المعروف أن الإسلام والسياسة لم يكونا أبداً منفصلين بشكل حقيقي، فأن مسمى “الإسلام السياسي” الوارد في هذه الدراسة يقصد به تلك الحركات التي تحمل في أهدافها وطموحاتها إقامة الدولة الإسلامية بغضّ النظر عن الاختلافات الكامنة بينها ليس فقط على الصعيد الإقليمي وإنما على صعيد الدولة الواحدة أيضاً، فهذه الحركات الإسلامية ليست متناغمة أو متفقة تماماً فيها بينها(4)، بل تتخللها اجتهادات متباينة تتراوح ما بين الاعتدال والتطرف سواءً على مستوى متبنياتها الفكرية والنظرية أو فيما يخص برامجها العملية على الساحة السياسية(5).
وسوف يتم تسليط الضوء على مدى تغلغل نظرية الدومينو إلى عقلية صانع القرار الأمريكي على الرغم من قناعتنا بعدم وجود تطبيق قوي ودائم لقواعد هذه النظرية أو اعتبارها المنهج الوحيد في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، ومن هذا المنطلق، سوف تبدأ الدراسة باختبار تصورات صناع القرار الخارجي في الولايات المتحدة وإثبات قيامهم بالاستفادة من منطق الدومينو رغم أن مثل هذا البرهان قد لا يكون شاملاً أو كافياً بسبب الاختلاف الواضح بين التصريحات الرسمية وتلك التي تصدر في وسائل الإعلام عن مصادر حكومية لا تسمي نفسها بخصوص الإسلام السياسي، وبناءً على هذا البرهان الأوّلي على استخدام وتطبيق نظرية الدومينو تجاه الإسلام السياسي، فأن هذا البحث سوف يتحقّق من مدى استيفاء هذا المفهوم لشروط تطبيق النظرية بشكل سليم، وبينما تبدو هناك عدة أوجه لمصداقية نظرية الدومينو في تفسير ظواهر الإسلام السياسي، إلاّ أن رأينا النهائي يستند على أن احتمالات التغيير السياسي في المناطق الإسلامية تعود بشكل مباشر إلى الخيارات والبرامج السياسية لكل من الحكومات المحلية في هذه المناطق من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى.
وبتعبير آخر، فأن سقوط مجموعة من الدول في دائرة الإسلام السياسي لا يعني بالضرورة أنها كانت مرتبطة ببعضها البعض، بل كنتيجة مباشرة للفساد والاضطهاد الذي تقوم به هذه الأنظمة الحاكمة فيها وكذلك بسبب السياسة الأمريكية الخارجية المظللة في هذا الشأن.
- تصورات صناع السياسة الأمريكية
هناك أدلة متنوعة على قيام الولايات المتحدة بتطبيق سياسة الاحتواء Containment ومنطق الدومينو على مجريات الأحداث السياسية في العالم الإسلامي بدءً بمنطقة الشرق الأوسط، ومروراً بشمال أفريقيا وآسيا الوسطى وانتهاءً بإندونيسيا(6)، ولكنه من غير الواضح من هم الخصوم الذين يجب أن تواجههم هذه النظريات، ففي مضامين معينة، يبدو أن هناك بعض المخاوف المتعلقة بالإسلام السياسي كقوة سياسية وفكرية متنامية في هذه المناطق، على سبيل المثال تنقل وسائل الإعلام عن “دبلوماسي أمريكي” تصريحاً يفيد بأنه:
لو استطاع الأفغانيون والمتطرفون المسلمون السيطرة على طاجيكستان فهذا يعني أنهم قد وصلوا إلى الميدان الأحمر Red Square (في قلب العاصمة الروسية موسكو)، وأن المصالح الأمريكية في طاجيكستان ترتبط بشكل أساسي بمساعدة روسيا في منع سقوط أولى أحجار الدومينو (طاجيكستان) حيث أن المخاطر الكامنة في آخر هذه الأحجار (وهي كازاخستان الغنية بالنفط واحتياطات الغاز والأسلحة النووية) أمر في غاية الأهمية(7).
وفي حالات أخرى لا يكون تركيز السياسة الخارجية للولايات المتحدة على الإسلام “كأيديولوجية” ولكن على الدول التي يرى بأنها تقوم بتصدير هذا الفكر مثل إيران والسودان، فقد أعرب مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية عن مخاوف إدارة الرئيس كلينتون من رغبات السودانيين والإيرانيين في تصديرهما للثورة(8).
ومنذ ربيع عام 1993، بدأت إدارة الرئيس كلينتون بانتهاج سياسة الاحتواء المزدوج Dual Containment بهدف بناء تحالفات مع أصدقائها داخل المنطقة من أجل الحد من قوة أعدائها “الراديكاليين والمتطرفين”، وبالتحديد إيران والعراق(9)، ففيما يتعلق بالعراق، تنطوي هذه السياسة على انصياع بغداد لقرارات الأمم المتحدة الخاصة بفرض العقوبات الاقتصادية إضافة إلى منع إعادة تسليحها، أما بالنسبة لإيـران فتتركـز الاهتمامات الأمريكية على الرغبة الإيرانية في دعم وتصدير “التطرف Extremism”، وخصوصاً التطرف المتّسم بالصبغة الإسلامية(10).
ولكن وعندما نرجع إلى السجلات الرسمية نجد أن موقف صناع القرار الأمريكيين يتلخّص بشكل واضح وثابت في أن الإسلام بحد ذاته لا يعتبر الخصم القادم لمواجهة الولايات المتحدة، أو أنه يوجه أي تهديد لها(11)، وبالإضافة إلى ذلك فلا يتصدى كبار المسؤولين أو صناع السياسة الأمريكيون في تصريحاتهم العامة لقضايا الإسلام السياسي على الإطلاق، ولكنهم يركزون جل جهدهم على مناقشة المسائل المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي واستمرار العقوبات الدولية ضد العراق وما يخص التعاون الخليجي(12).
وقد كرّر إدوارد جرجيان Edward Djerejan، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، مراراً رأي الوزير وارن كريستوفر Warn Christopher الخاص بموقف الولايات المتحدة تجـاه الإسلام(13)، ويشمل هذا المنهج الأمريكي في التعامل مع الإسلام على ثلاثة محاور رئيسية هي: (1) الإسلام ليس عدواً للولايات المتحدة (2) معارضة الولايات المتحدة للتطرف والتعصب النابعة من مصادر دينية أو علمانية على حدٍ سواء (3) بما أن الحكومة الأمريكية لا تستطيع فرض نموذجها السياسي في الحكم على شكل الدول الأخرى، إلاّ أنها ستقدم الدعم والتأييد لتلك الحكومات التي تشاركها نفس القيم والآراء(14)، كما أكّد نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، توني فرستاندنغ Tony Verstanding، على هذه العناصر الثلاثة للسياسة الخارجية الأمريكية، ولكنه أضاف بأن حكومة الولايات المتحدة: “قلقة من أولئك الذين قد يسلكوا الطريق الديمقراطي للوصول إلى السلطة، لكي يدمروا ذلك النظام في سبيل الاحتفاظ بالسلطة وفرض الهيمنة السياسية(15)“.
وانطلاقاً من هذا المعنى، يمكن تحديد السياسة الخارجية الأمريكية نحو الشرق الأوسط فيما يتعلق بموضوع الإسلام السياسي في نقطتان جوهريتان هما: أولاً، التأكيد على احتواء التطرف والراديكالية وخاصة بالنسبة لكل من إيران والعراق، وثانياً، الخوف من أن التفاعل بين الإسلام والديمقراطية سوف يقود إلى قيام حكومة “لكل رجل صوت واحد لمرة واحدة One Man One Vote One Time(16)“.
قد يكون الموقف الأمريكي المتشدّد إزاء احتواء العنف ثابتاً ومبدئياً، إلاّ أن موقفها تجاه الديمقراطية يظل أقل وضوحاً بكل تأكيد، فكثيراً ما أيّدت الولايات المتحدة برنامج التحول إلى الديمقراطية واعتبار هذه المسيرة ذات أهمية أعظم لمصالحها في أعقاب أفول الحرب الباردة، ولكن لا يبدو من الشواهد العملية ما يعزّز مصداقية الحكومة الأمريكية في هذا الخصوص، وخصوصاً إذا نظرنا إلى ردود فعل الولايات المتحدة تجاه الأحداث السياسية في الجزائر بعد اكتساح جبهة الإنقاذ الإسلامي للانتخابات التشريعية عام 1992(17)، ويقر مستشار الأمن القومي الأمريكي، أنتوني ليك Anthony Lake، هذا التناقض الصارخ في موقف بلاده قائلاً أن “المصالح الأمريكية تتطلب منا أحيانا أن ندعم ونصادق بل حتى أن ندافع عن الحكومات غير الديمقراطية لأسباب تتعلق بالفوائد المتبادلة بيننا(18)، ومن المؤكد أن مثل هذا الموقف المتخاذل مع الديمقراطية ليس بالأمر الجديد في سياسة الولايات المتحدة، وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، ويجب على الولايات المتحدة أن تستميل وتساند تلك الحركات الأصلية التي تفضح صور الاضطهاد من قبل حكوماتها وتدعو إلى التعددية السياسية بدلاً من الاستمرار في مد يد العون لهذه الحكومات، فلماذا لا تساعد الولايات المتحدة دولاً عديدة في الشرق الأوسط في حركتها نحو الديمقراطية التي تعتبرها الإدارة الأمريكية من أولويات مبادئها؟ يبدو أن الخوف الحقيقي يكمن في نوعية التغيير المحتمل الذي ستؤول إليه الأمور في هذه الدول من خلال التحول الديمقراطي، وبخاصة في ظل الانتصار الانتخابي للإسلام(19)، وأن هذه المخاوف هي التي تشكل الأساس الذي تقوم عليه محاولات الولايات المتحدة للحفاظ على الأمر الواقع Status-Quo في المنطقة على غرار الموقف الأمريكي من تنامي النفوذ السياسي للحركات اليسارية في الدول النامية إبان فترة الحرب الباردة(20)، فهناك، إذاً، خوف ضمني ومبطن من بزوغ أية حكومة قائمة على أرضية إسلامية في منطقة الشرق الأوسط، وبخاصة في مصر، وهنا يجب بالطبع أن نحدّد الأساس الذي تقوم عليه هذه المخاوف، فهل هو بكل بساطة الخوف من التطرف Extremism؟ أن الافتراض الأساسي لهذه الدراسة يكمن في القول بأن هذه المخاوف كامنة ويمكن توضيحها من خلال نظرية الدومينو.
- نظرية الدومينو والسياسة الخارجية للولايات المتحدة
( أ ) كيف يمكن أن تحدث هزائم الدومينو؟
من أهم الصعوبات التي تواجه تصورات صناع السياسة الأمريكية عن دور الإسلام في الشرق الأوسط من خلال نظرية الدومينو، ارتقائها إلى مستوى الصورة المجازية(21)، وقد طرح جيروم سلاتر Jerome Slater أربعة مكونات لهذا النموذج المجازي على صعيد التجربة الفيتنامية، وهي: (1) التصور بأن جميع الثورات تشكل تهديدات خارجية للولايات المتحدة (2) وجود روابط قوية بين الثورات داخل الدولة الواحدة وإمكانية وقوعها في دول أخرى (3) ونتيجة لهذه الروابط الوثيقة فأن الولايات المتحدة يجب أن تتحرك بسرعة في حالة سقوط إحدى الدول فأن ذلك سيؤدي إلى سقوط بقية دول المنطقة، وربما أبعد من ذلك(22)، ويرى سلاتر أيضاً بأن هناك أربعة طرق لانتشار الثورات تشتمل على:
- العدوان أو الغزو الصارخ Overt Aggression and/or Invasion.
- الثورة التخريبية أو الثورة الموجهة من الخارج، وهي التي يتم الإشراف عليها خارجياً Subversion.
- تبني واحتضان فكرة الثورة Accommodation.
- 4. الثورة بالمحاكاة أو الإيهام بوقوع الثورة والحث عليها Inspiration/Emulation(23).
وقد يبدو، للوهلة الأولى، أن هذه النماذج لا تملك القدرة الكافية على تفسير التصور الأمريكي عن الإسلام ولكنها في الحقيقة مهمة للغاية، فما يجب توضيحه بعناية في هذا الصدد هو تحديد أسباب ومقومات قيام الثورة في حالة الإسلام السياسي، ففي بداية الأمر كان تخوّف صناع السياسة الأمريكية من قيام إيران بتصدير ثورتها (عام 1979) بشكل سريع إلى الدول المجاورة عبر المحاكاة والإلهام بوقوعها قريباً، وعندما لم يتحقّق ذلك، بدأت المخاوف الأمريكية تتجه نحو المدى الزمني الأطول متهمة إيران، هذا المرة، بتصدير ثورتها عن طريق العنف والتخريب وذلك من خلال تقديم العون إلى مجموعات المعارضة في جميع أرجاء المنطقة مادياً وعسكرياً وفكرياً، وكان أصل هذه المخاوف نابعاً من احتمال تكرار النجاح الثوري لإيران في العالم الإسلامي حيث تشهد العديد من دولها ظروفاً سياسية واقتصادية مشابهة، ولا تزال هذه المخاوف الأخيرة ماثلة حتى اليوم، وخاصة في ظل استمرار السياسة الخارجية لإيران فيما يتعلق باستغلال مكامن الضعف المحلي في الدول المحيطة بها ومساندة قوى المعارضة السياسية القائمة على أسس إسلامية فيها عسكرياً ومالياً وفكرياً.
ومع نهاية الحرب الباردة، دخل مفهوم “الثورة” مرحلة جديدة، وبدا واضحاً أن الثورة التي تخشاها واشنطن وكذلك العديد من الحكومات المحلية في العام الإسلامي، هذه المرة، هي الثورة الانتخابية المتمثلة بتمكّن المعارضة الإسلامية من الوصول إلى مؤسسات صنع القرار من خلال القنوات الشرعية، وبالتالي، فرض برامجها وسياساتها الخاصة، ويبدو إذاً، أن صناع القرار في الولايات المتحدة يخشون كلاً من الثورة التخريبية (الموجهة من الخارج) والثورة بالمحاكاة، وتعتمد الحالة الأولى على الدعم المالي والعسكري والعقائدي لإيران، وبدرجة متزايدة، السودان لتمكين المعارضة الإسلامية من تنظيم نفسها من أجل الوصول إلى الحكم(24).
وانطلاقاً من نجاح النوع الأول، سوف تجتاح ثورة المحاكاة المنطقة برمتها عبر انبعاث المد الديمقراطي الذي سوف يشهد بدوره فوزاً كاسحاً لجماعات الإسلام السياسي في الانتخابات العامة، أن هذه العلاقة المتداخلة بين النموذجين السابقين من الثورة قد تكون محتملة جداً من الناحية النظرية، وبخاصة في ظل الخصائص المشتركة التي تتقاسمها العديد من دول العالم الإسلامي، وسوف يتم التركيز على هذه العلاقة في وقت لاحق من هذا التحليل.
يتضح من العرض السابق، إذاً، وجود تصور أمريكي بأن “الثورة” في العالم الإسلامي، سلمية كانت (أي من خلال الانتخابات) أم عن طريق العنف، هي نتيجة طبيعية لأخطار خارجية متمثلة، بالتحديد، في دعم إيران والسودان لحركات المعارضة الإسلامية، وأن هذه المساعدات الخارجية هي التي مكّنت تلك الجماعات السياسية من تنظيم نفسها والعمل بنجاح داخل دولها المعنية، ولكن هذا الافتراض بـ “خارجية” الثورة يتجاهل بوضوح العمق الثقافي والسياسي والفكري ودوره البارز في حركة التغيير السياسي في هذه الدول الإسلامية(25).
ولا بدّ هنا من إيجاد رابطة منطقية لإثبات حقيقة هذه التصورات أو المخاوف الأمريكية القائلة بأن أية حركة في دولة إسلامية معينة سوف تولّد حركة مشابهة في دولة إسلامية أخرى، وانطلاقاً من هذا المعنى، يمكن القول بأن أي شكل من أشكال التغيير السياسي داخل دولة ما في المنطقة الإسلامية سوف يؤثر على الدول المجاورة سواءً كان ذلك التغيير إسلامياً في خصائصه أم يكن كذلك، وبالنتيجة فكلما كانت الحركة الأساسية (المبادرة) تؤمن أهداف فكرية مشتركة مع حركات مشابهة لها في الدول الأخرى، كما هو الحال في الدين الإسلامي(26)، ومن ثمَّ كلما بدأت هذه الحركات بمساعدة بعضها البعض عسكرياً ومالياً وفكرياً، فعندئذٍ تكون احتمالات تأثير التغيير السياسي في دولة ما على الدول الأخرى أرجح وأكبر.
ويرجع السبب في أهمية هذه العلاقة الارتباطية في ظل الإسلام السياسي إلى عاملين بارزين، ويتمثل العامل الأول في القوة المتنامية للحركات الإسلامية وما تحمله من تأثير فعلي على الحركات المجاورة من خلال المساعدات المادية والعسكرية والفكرية سالفة الذكر، وأما العامل الآخر المساعد على تعزيز التأثير المتبادل بين هذه الحركات فيتعلق بردود الفعل الحكومية إزائها، فمواجهة الحكومات لهذه القوى المعارضة السياسية المنظمة، وبخاصة المعتدلة منها، سوف يقود بلا شك إلى تعزيز مصداقية هذه الحركات وتقوية مكنتها لدى الرأي العام الداخلي باعتبار أنها تمثّل القوة المضطهدة في المجتمع(27)، إضافة إلى ذلك فأن استخدام الحكومات لأساليب الاضطهاد المتزايدة ضد هذه الحركات قد يؤمن لها مناخاً ملائماً من التلاحم الفكري والتعاطف من قبل الحركات المماثلة في الدول الأخرى.
ولكن، في حالة عدم تحقّق العلاقة الارتباطية بين هذه الحركات بصورة قوية، عندئذٍ يمكن للولايات المتحدة أن تتّبع بعض السياسات التي من شأنها تحقيق قدر أكبر من الاستقرار والديمقراطية في هذه المناطق، فعلى سبيل المثال، يجب على الولايات المتحدة أن تمارس الضغط المناسب على الحكومات التقليدية للاستجابة لمطالب مواطنيها والسماح لانتقال السلطة سلمياً وبغض النظر عم شكلها وتكوينها، وعلى الرغم من أن هذه السياسة قد تسمح بوقوع عدد من “الثورات” الانتخابية التي قد تهيئ بدورها قيام بعض الحكومات الإسلامية، إلاّ أن مثل هذا التغيير سوف يكون من خلال القنوات السلمية.
ولكن، وعلى الطرف النقيض، إذا استمرت الولايات المتحدة بمساعدة الحكومات التقليدية للتمسّك بالسلطة وإن كان عن طريق اللجوء إلى وسائل النار والحديد، فعندئذٍ، تزيد احتمالات تفجّر الثورات الإسلامية الدامية في المنطقة ويتسّع نطاق تأثيرها على الدول المجاورة، ويمكن أن تقود نفس الحوارات السابقة أيضاً إلى نجاح الحركات العلمانية، إذ أن الفرق الجوهري بين هذه الاحتمالات لا يكمن في شكل التغيير السياسي ولكن في وسائلها نحو تحقيق أهدافها، وأن طريقة إحراز التغيير السياسي، سواءً عبر السبل السلمية أو الدامية، سوف تحدّد إلى حدٍ كبير حجم وطبيعة التأثيرات المتربة على ذلك محلياً ودولياً.
أن صورة اللعبة التي لم تقم الولايات المتحدة بتطبيقها في هذا الموقف هي الرد السريع، فقد انعكست تلك الاستجابة على شكل سياسة الاحتواء السياسي للإسلام في كل من إيران والسودان حالياً، ففي ظل الخوف من الشيوعية كانت لغة نظرية الدومينو تحذر من أن “وقوع” دولة ما في أحضان تلك الأيديولوجية سوف يؤدي إلى تكرار نفس الحدث في دول أخرى، الأمر الذي يهدّد المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة في العالم(28)، ويبدو أن مثل هذا التصوّر ما زال قابعاً في أدمغة صناع السياسة الأمريكية الخارجية و”الحكومات الصديقة لها” في المنطقة إزاء نشاطات الإسلام السياسي بقيادة إيران والسودان، وقد حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، اسحق رابين، مراراً إقناع الولايات المتحدة بأن إيران تشكل خطراً مباشراً على المصالح الأمريكية ليس فقط من خلال تهديد الإمدادات النفطية، بل وزعزعة الاستقرار الإقليمي في المنطقة برمتها وخصوصاً فيما يتعلق بأمن إسرائيل(29)، وتنظر الولايات المتحدة إلى إيران على أنها تمثل خطراً على مصالحها في المنطقة كما هو واضح من خلال سياسة كلينتون الخارجية تجاه إيران والعراق والمعروفة بسياسة “الاحتواء المزدوج”، وسوف نناقش مدى مصداقية وحقيقة هذا التخوف من إيران لاحقاً خلال هذه الدراسة.
(ب) من هو المعتدي؟
تصوّر الولايات المتحدة نموذجها الخاص بالدولة المعتدية (العدوانية) Aggressor في إيران، وعلى نحو متزايد، السودان(30)، ولكن إذا قبلنا جدلاً تورط هاتين الدولتين في مساعدة المجموعات الأصولية الإسلامية، فأن دولاً أخرى تقوم بتقديم موارد حيوية لنفس هذه الجماعات وفي طليعتها المملكة العربية السعودية وليبيا والباكستان وحتى إسرائيل دون أن توجه لها تهمٌ مشابهة، يقول جيروم سلاتر Jerome Slater بأن سقوط أحجار الدومينو لوحدها ليس بالأمر المهم، إذ يجب أن تتوفر معه شروط أخرى أولها، التأكد من نوايا الدولة العدوانية في تحقيق هيمنة إقليمية أو عالمية، ثانياً يجب أن تتحول قطع (دول) الدومينو الساقطة إلى حكومات عميلة (وكيلة) أو وثيقة الصلة بأي شكل من الأشكال بالدولة المعتدية، ثالثاً يجب أن تحظى هذه الدول العميلة بأهمية اقتصادية وعسكرية وجيو ـ إستراتيجية للدولة العدوانية الأمر، الذي يؤدي إلى مضاعفة حجم الخطر الموجه ضد الولايات المتحدة، وفي هذا السياق، فقد تستطيع حكومة الولايات المتحدة اتهام إيران بتوفير بعض الركائز التي تستطيع من خلالها جماعات المعارضة الإسلامية مواجهة حكوماتها المحلية المالية لواشنطن، ولكن احتمال قيام هذه الجماعات بدور الوكيل عن إيران في حالة وصولها للسلطة، وبالتالي زيادة القوة الإيرانية أمرٌ فيه تساؤلات كثيرة.
كما أن موضوع الدولة المعتدية يبدو أقل أهمية في ظل المعطيات الدولية الحالية بالمقارنة مع فترة الحرب الباردة. ففي تلك الفترة، كان الإتحاد السوفيتي هو الخصم العدواني المعلن الذي يمتلك مقومات القوة الاقتصادية والعسكرية كدولة عظمى، وفي المقابل فأن إيران تعتبر، في أفضل حالاتها، قوة إقليمية محدودة بل أن البعض قد يؤيد تراجع هذه التسمية بحدة بسبب الآثار الناجمة عن حربها الطويلة مع العراق إضافة إلى المقاطعة الغربية لها منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 تقريباً، بل يمكن القول بأن إيران ليست ولم تكن قط دولة عدوانية مواجهة للولايات المتحدة بالمقارنة مع الإطار الذي وضعت فيه واشنطن الاتحاد السوفيتي أو حتى الصين أثناء فترة الحرب الباردة، وحتى إذا قبلنا بأن إيران، وإلى حدٍ ما، السودان تشكلان هاجساً من القلق والإزعاج للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، إلاّ أنهما لا تشكلان أي خطر حقيقي أو حتى أيديولوجي للحكومات المحيطة بهما، وأن عوامل عدم الاستقرار الذي تعاني منه هذه الدول تعود في مجملها إلى تجاربها الفاشلة اقتصادياً وسياسياً، واستغلال ذلك من قبل الفئات الإسلامية المعارضة في الداخل، وبالنتيجة فأن اتهام إيران والسودان بأنهما دولتان معتديتان يجب ألاّ يتعدى نطاق الفكرة المحدودة جداً لدعمهما المجموعات الإسلامية مالياً وعسكرياً على الرغم من عدم توفّر أية أدلة أو براهين قاطعة من قبل الإدارة الأمريكية على ذلك.
إذا سقطت أحجار الدومينو لصالح حكومات جديدة قائمة على أسس إسلامية، فقد ترتبط هذه الحكومات بعلاقات اقتصادية وعسكرية وعقائدية مع إيران والسودان وذلك على غرار العلاقات الراهنة بين هاتين الدولتين وجماعات المعارضة الإسلامية، إلاّ أن قيام مثل هذه الروابط ليس بالأمر المحتوم بل يمكن حتى إضعافها في حالة مبادرة الولايات المتحدة بإقامة علاقات دبلوماسية نشطة مع تلك الأنظمة الجديدة واستمرار الحكومة الأمريكية في تقديم مساعدات اقتصادية وعسكرية حقيقية لها، ومن الدلائل المشجعة على سياسة الانفتاح على الإسلام السياسي مستقبلاً الاتصالات الأمريكية الجارية مع الكثير من الجماعات الإسلامية، الأمر الذي يوحي مضي الولايات المتحدة في إتّباع هذه السياسة الخارجية فعلياً في الوقت الراهن(31).
ومن وجهة ثانية، تختلف الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية للدول المستهدفة بواسطة إيران والسودان من حالة إلى أخرى، ولكن لو سقطت دولة مهمة للغاية مثل مصر لصالح الحركات الإسلامية، ومن ثمّ في نطاق سيطرة إيران أو السودان، فلا شك أن يكون ذلك مصدراً رئيسياً لقلق الولايات المتحدة كما أشرنا سابقاً(32).
ولكن، وبشكل عام، فأن وجود دولة (حكومة) إسلامية في بلد ما لا يعني بالضرورة قيام رابطة وثيقة بينها وبين إيران أو السودان أو أن تتحول الدولة الوليدة إلى كيان تابع لهما، ومن المرجح جداً أن تحافظ هذه الحكومات الجديدة على علاقات طيبة مع كل من الولايات المتحدة وأصدقائها من دول المنطقة ولكن يظل هذا الاحتمال مشروطاً، بالطبع، بالسياسة التي تقرر الولايات المتحدة إتباعها في ذلك الوقت.
(ج) متى يحتمل وقوع الهزائم في ظل نظرية الدومينو؟
قدّم جاك سنايدر Jack Snyder (مستخدماً تحليل روبرت جارفيس Robert Jervis) أربعة عوامل تتراكم عند تضافرها تأثيرات الدومينو، وتشمل هذه العوامل:
(1) أن تكون الدول المستهدفة ضعيفة من الداخل وصغيرة الحجم، ومتصلة جغرافياً، ومحرومة من الحلفاء الأقوياء (2) أن تكون قطعة الدومينو الساقطة أولاً مشابهة في خصائصها للدول المستهدفة لاحقاً (3) أن تكون الدومينو الأساسية دولة كبيرة بحيث يعني سقوطها زيادة كبيرة لموارد الدولة التوسعية، أو أن يثير تساؤلات حول إدارة أطراف القوة في ظل الأمر الواقع في القتال من أجل مصالحها (4) أن تسهّل التقنية العسكرية عملية الهجوم(33).
وسوف نناقش كل من هذه العوامل وتطبيقاتها على سياسة الولايات المتحدة الخارجية تجاه الإسلام السياسي بقدر من التفصيل.
(1) خصائص الدولة في نظرية الدومينو:
في أغلب الأحيان ينظر إلى الثورة الإيرانية لعام 1979 كأول مؤشر على قوة الإسلام على الرغم من ظهور المد السياسي الإسلامي الجديد في الباكستان مع بدايات عقد السبعينيات، وخلال عقد الثمانينات بدأت الولايات المتحدة في ربط الإسلام السياسي بالتنظيمات الإرهابية المنطلقة من إيران واتهام القيادة الإيرانية بالجمع بين الطموحات السياسية لهذه المنظمات والإسلام، وأخذت واشنطن، منذ ذلك الحين، تنظر إلى إيران والسودان لاحقاً، على أنهما تستغلان حالة عدم الاستقرار المحيطة بجيرانهما والقيام بدعم قوى المعارضة هناك بمختلف التسهيلات المالية والعسكرية والأيديولوجية.
وقد تتباين دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ووسط وجنوب آسيا أو تختلف من حيث ضعفها الداخلي، إلاّ أنها تشترك، وبدرجات متفاوتة، في المعاناة من مشاكل جمة من قبيل الفساد الحكومي وعدم الكفاءة، وعدم قدرة البنية التحتية على تلبية الاحتياجات البشرية المتزايدة من جراء النمو السكاني الهائل، والمعدلات العالمية من البطالة أو تشغيل الكوادر المثقفة في مراكز متواضعة لا تليق بمؤهلاتهم العلمية، إضافة إلى مشكلة تراكم الديون الخارجية الباهظة.
وبالإضافة إلى ذلك، فأن الكثير من هذه الدول صغيرة الحجم، وخصوصاً تلك الواقعة في منطقة أسيا الوسطى، المتصلة جغرافياً بإيران، الأمر الذي يزيد من المخاوف الأمريكية من الدور الإيراني هناك سيّما في ظل استمرار وتراكم المشاكل المتنوعة سابقة الذكر(34)، ومن نفس المنطق أيضاً، يثير قرب السودان الجغرافي من مصر قلق صناع السياسة الأمريكية إضافة إلى مخاوف الحكومتين المصرية والإسرائيلية، فإذاً يمكن اعتبار الضعف الداخلي والتماس الجغرافي في المنطقة الإسلامية من أهم العوامل المساعدة على إمكانية تحقّق نظرية الدومينو على أي شكل من أشكال عدم الاستقرار، حيث يمكن لحالة عدم الاستقرار في أية دولة أن تنشر بشكل واسع أو أنها، في أضعف الأحوال، ستؤثر على الموقف السياسي المحلي للدول المحيطة بها.
ومع نهاية الحرب الباردة بدأ التحمّس لفكرة التحالفات وتطلعاتها الجديدة يخبو، وخاصة في دول العالم الثالث، فعلى سبيل المثال، أبدت العديد من الدول بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا اهتماماً متزايداً بجمهوريات آسيا الوسطى الجديدة، ولكن تلك الدول فضّلت إقامة علاقات متوازنة مع الجميع دون الدخول في أي تحالف موجه لأحد هذه الخصوم، إلاّ أن مصر في المقابل، تعتبر ذات أهمية إستراتيجية لكل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وأي احتمال لقيام حكومة إسلامية في تلك الدولة بتأثير من إيران أو السودان سيكون محط قلق عميق لصناع القرار السياسي في واشنطن وتل أبيب، وإذا أخذنا بعين الاعتبار الولايات المتحدة كحليف قوي لمصر، رغم معاناة الأخيرة من نقاط الضعف الأخرى الكامنة في انكشافها أمام ضغوطات الإسلام السياسي، فلن يكون العامل الأول من نموذج سنايدر متحققاً في هذا الصدد، ومن غير الواضح إذاً أن يكون لهذا العامل أي تأثير فعلي على العوامل الثلاثة الأخرى.
(2) حجر الدومينو الأساسية مشابهة للكثير من غيرها:
قدّم دوغلاس ماكدونالد Douglas Macdonald عدداً من الأسباب المؤدية إلى حدوث ما أسماه بالعدوى الثورية Revolutionary Contagion حيث تتساقط أحجار الدومينو تباعاً، وخصوصاً إذا لم تتدخل أية قوة عظمى لمنع ذلك، وتشتمل هذه الأسباب على:
الأزمات الاقتصادية الإقليمية، وجود مجموعة من النخب الضعيفة والمنهارة في الدول المستهدفة، الآثار المادية والنفسية الناجمة عن حرب شاملة قريبة زمنياً، تنامي شعبية أيديولوجية عامة في عدد من الدول في نفس المنطقة، الأزمات السياسية الداخلية المؤدية إلى نشر الفوضى والصراع الاجتماعي، واستراتيجيات الهجوم السياسي النشط لنشر الثورة بواسطة دولة أو مجموعات ثورية(35).
وفي الحقيقة، تنشر الكثير من هذه العوامل في المناطق المؤلفة من الدول المكتظة بالسكان وذات الأغلبية المسلمة، ولذلك يمكن القول بأن قطعة الدومينو الأولى الآيلة للسقوط في المنطقة تشترك في خصائص كثيرة (اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وثقافياً) مع بقية دول المنطقة، وبالنتيجة هناك سببٌ مقنع للاعتقاد بأن أي اضطراب أو عدم استقرار في المنطقة، بغض النظر عن طبيعته وجذوره، سيشعل فتائل أحداثٍ مشابهة في الدول المجاورة الأخرى.
(3) الدومينو الأساسية دولة كبيرة:
وتبعاً لآراء جرفيس وسنايدر، فإذا كانت قطعة الدومينو الرئيسية دولة كبيرة، فأن سقوطها سيزيد من قوة وموارد الدولة العدوانية، ويهدّد بذلك مصداقية “ميزان القوى الراهن”، وانطلاقاً من هذا الرأي فأنه يتحتم بداية تحديد الدولة أو الدول الرئيسية (الكبيرة) في المنطقة، ومن ثمّ تحديد ما إذا كان سقوطها سيؤدي إلى زيادة قوة الدولة المعادية للولايات المتحدة (كإيران أو السودان)، وأخيراً مدى تعرّض المصداقية الأمريكية للخطر.
بمعنى آخر، يمكن النظر في مسألة سقوط الدولة الكبيرة أما من خلال الموارد والإمكانيات التي تجنبها الدولة العدوانية من جرّاء ذلك، أو عن طريق تقدير الآثار الناجمة عن سقوط الدومينو على استقرار الدول الأخرى، فقد اعتبر البعض كل من إقليم كيلتان في ماليزيا(36)، والسودان(37)، وطاجيكستان(38)، ومصر(39) حالات اختبارية وجوهرية فيما يتعلق بتنامي قوة الإسلام السياسي وتأثيراتها المحتملة إقليمياً ودولياً، وإن تفاوتت من حالة الأخرى، فعلى الرغم من سقوط السودان في أحضان الإسلام السياسي مثلاً، إلاّ أن مصر هي المرجحة لتغيير موازين القوة الإقليمية وتهديد المصالح الأمريكية في المنطقة. ولهذا، فأن مصر هي الدومينو التي يجب أن تثير قلق الولايات المتحدة، فاعتبار مصر نموذجاً حيوياً من قبل صناع القرار السياسي(40) قد يكون أكثر إقناعاً في إثارة المخاوف الأمريكية من احتمالات التطبيق المنطقي لنظرية الدومينو فيما يخص الإسلام السياسي، ويعود مرد هذا الأمر بشكل رئيسي إلى مصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة في مصر فيما يتعلق بأمن ووجود إسرائيل، ومنطقة الخليج الغنية بالنفط، إضافة إلى مسألة أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، فلو سقطت مصر في أيدي الإسلام السياسي فأن هذا سيعطي دول المنطقة الأخرى دفعاً كافياً نحو السير في نفس الاتجاه وبخاصة عبر المحاكاة وليس بالضرورة عمن طريق التدخل التخريبي من قبل ذلك النظام من قبل ذلك النظام الجديد، وهنالك حتما درجة من المصداقية والواقعية لتحقق هذا السيناريو نظراً للدور التاريخي المهم الذي لعبته مصر في المنطقة بغض النظر عن شكل وطبيعة النظام السياسي الحاكم فيها، ولكن المسألة هنا ليست بالضرورة احتمال سقوط مصر في دائرة الإسلام السياسي، بل الأهم من ذلك هو درجة الاستقرار السياسي ومدى الاستجابة الحكومية للمطالب الجماهيرية المتفاقمة يوماً بعد يوم.
وتوجد أدلة كافية على أن الإسلام يمتلك الروابط الفكرية والسياسية القوية إلى الحد الذي يجعل سقوط أحجار أخرى في الدومينو أمر حتمي، ولكن التقاعس واللامبالاة من قبل الكثير من الأنظمة الحاكمة لمطالب الجماهير تجعل من المحاكاة تعبيراً عن موجه عارمة من الرغبة الجماهيرية في “التغيير من أجل التغيير” وليس بالضرورة تعبيراً عن حركة فكرية وسياسية قوية ومتماسكة في المنطقة.
وقد كانت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 تجربة حقيقية مهمة لصناع السياسة الأمريكية للتكهّن بما سوف تؤول إليه الأحداث تبعاً لفرضية سقوط الدولة الكبيرة على انتشار الإسلام السياسي في الدول الأخرى المجاورة(41)، إلاّ أن الولايات المتحدة أخفقت وبشكل واضح في هذا الخصوص فمن جهة لم تكن الثورة الإيرانية محرضة من الخارج، إلاّ أنها أدت إلى سقوط دولة مهمة إستراتيجياً وسياسياً ومن حيث مواردها الطبيعية في أيدي معادية للولايات المتحدة، وعلاوة على ذلك فأن عجز صناع القرار وأجهزة المخابرات الأمريكية عن التنبؤ بهذا الحدث وعدم القدرة على التعامل مع التطورات اللاحقة سيّما فيما يخص أزمة الرهائن في السفارة الأمريكية بطهران قد وجّه ضربة مؤلمة للولايات المتحدة ولمصداقيتها تجاه حلفائها الرئيسيين، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
وبُعيد حرب الخليج، أعلنت الولايات المتحدة بوضوح أنها لن تسمح بتعرض مصلحها الحيوية في المنطقة للخطر، وخاصة تلك المتعلقة بإسرائيل والموارد النفطية بسبب عوامل عدم الاستقرار السياسي هناك، وحتى في حال عدم تدخل الولايات المتحدة لمنع سقوط دولة مهمة كمصر في دائرة الإسلام السياسي فأن ذلك لا يعني بأن واشنطن تقوم بإرسال إشارات إلى دول المنطقة مفادها أنها ستسمح لذلك النظام الجديد أو أي نظام آخر بأن يهدّد مصالحها الحيوية هناك، ولا توجد أية مبررات حقيقية أو منطقية تؤيد الموقف الأمريكي الراهن في تفضيل وجود الحكومات المعززة عسكرياً وذلك في محاولة لحماية مصالحها الحيوية في المنطقة.
وإذا استمرت الولايات المتحدة في مواصلة نهجها السياسي الحالي فمن المؤكد أن يكون أي نظام جديد، بغض النظر عن تكوينه، أكثر تطرفاً في عدائها للولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، وأن مثل هذا السيناريو السيئ سيقود حتماً إلى خلق المشاكل السياسية بعيدة المدى.
(4) البعد العسكري:
من المؤكد أن الولايات المتحدة لا ترغب بأن يكون بمقدور إيران أو السودان إعاقة مصالحها النفطية في المنطقة، كما أنها ترفض قيام أي نظام معادٍ لها في مصر تحديداً من أجل المصالح الإسرائيلية، وقد خلق تدخل الولايات المتحدة في حرب الخليج صورة غامضة عن التدخلات الأمريكية المماثلة في المستقبل.
ففي حين أن الرغبة الأمريكية في بناء تواجد عسكري كبير لها في الخليج قد أرسل رسالة واضحة لكل من الحلفاء والخصوم تفيد تصميم واشنطن على حماية مصالحها الحيوية، إلاّ أن ذلك قد خلق أيضاً إحساساً كاذباً من الثقة من جهة الولايات المتحدة بأن أية مواجهة في المستقبل لن تعكس بالضرورة نتائج مشابهة لحرب الخليج، فمن المشكوك فيه مثلاً أن يسمح الخصم للقوات الأمريكية بحشد تواجد كبير خلال فترة زمنية طويلة على غرار عمليات درع الصحراء التي استمرت لمدة سبعة شهور قبل اندلاع حرب تحرير الكويت، وعلاوة على ذلك فلو استطاع أي عدو للولايات المتحدة للحصول على أسلحة الدمار الشامل وخصوصاً القوة النووية، فإن ذلك سوف يؤثر بالتأكيد سلباً على قوة أمريكا الهجومية في المنطقة.
( د ) ماذا يحدث في حالة قيام حكم إسلامي في مصر أو الجزائر؟
تعتبر مصر والجزائر من بين أبرز الدول الكبيرة المرشحة لقيام حكومات إسلامية فيها، ولو تحقق هذا الأمر، فكيف سيكون شكل التحدي للمصالح الأمريكية الحيوية؟ وما هي أهم الانعكاسات المتعلقة بالأمن الإقليمي والعالمي في حالة وصول الجماعات الإسلامية إلى السلطة في هاتين الدولتين؟ فبالنسبة لمصر، تعتبر جماعة الإخوان المسلمين من أبرز القوى الدينية المرشحة للحكم(42)، حيث أنها من أكثر التيارات الإسلامية شعبيةً في الوقت الحالي.
وأن وصول هذه الجماعة لدفة الحكم لا يعني بالضرورة تعريض المصالح الأمريكية والعالمية الحيوية للخطر، فهذه المجموعة معتدلة إلى الحد الذي يجعلها قادرة على التعامل مع الولايات المتحدة لما تراه من مزايا في هذا الخصوص، كما أنها حركة براغماتية لا تؤيد مواجهة الولايات المتحدة أو الغرب عموماً في ظل مهمتها العسيرة في التعامل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تواجه مصر حالياً، وبالإضافة إلى ذلك فمن غير المرجح أن تعارض حركة الإخوان المسلمين المسيرة السلمية في المنطقة، إذ لم تعتمد هذه الحركة فكرياً على الصراع العربي الإسرائيلي عند وضع أسسها الأيديولوجية والتنظيمية، كما أن الثقل الكبير للمشاكل التي ستواجهها محلياً سيمنعها بشكل طبيعي من تشتيت مواردها الثمينة في أي صراع عالمي، وبالنتيجة فأن مصدر الخوف الوحيد، في المنظور الأمريكي، يكمن في وجود المجموعات الإسلامية الأصولية التي أرهقت حكومة مبارك، ولولا المساعدات الخارجية وخاصة تلك التي تأتي من الولايات المتحدة لاستطاعت هذه المجموعات أن تخلق أجواءً واسعة من الاضطراب الأمني وتفويت الفرص على إمكانية تحقيق بعض صور الاستقرار والتقدم في مصر.
ومن الحوارات القابلة للتحقيق في مصر احتمال صعود الجماعات الأصولية للحكم إما من خلال التدهور المستمر الموجه لحكومة مبارك وتراجع نشاط جماعة الإخوان المسلمين، أو نتيجة للتصور الذي بيناه آنفاً حيث يسهل وقوع الانقلابات العسكرية في حالة ترك الحكومة الجديدة دون دعم يذكر، وبغض النظر عن طريقة وصول الجماعات إلى الحكم، فأن التأثيرات الناجمة عن ذلك ستكون مثيرة وخطيرة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، فعلى الصعيد الداخلي ستلجأ المجموعة إلى استخدام القوة والعنف لإسكات خصومها وخاصة في ظل عدم تمتعها بقاعدة جماهيرية واسعة(43)، الأمر الذي يزيد قلق الغرب على مسائل حقوق الإنسان.
أما على المستويين الإقليمي والعالمي، فأن هذا التصور سيكون باعثاً على عدم الاستقرار في أفضل الأحوال، وسيكون قابلاً للانفجار في أسوئها، فوجود حكومة معادية لإسرائيل في مصر سيكون على أقل التقديرات مصدراً مهماً لتهديد عملية السلام في المنطقة، كما أن حجم الاضطراب الداخلي في ظل هذه الحكومة الجديدة سيكون بالتأكيد أمراً مزعجاً لجيرانها، حيث تتزايد المخاوف من عبور هذه التوترات لحدود الدول المجاورة والتأثير على المواقف الداخلية الأخرى فيها.
ويمكن لهذا التصور أن يحظى ببعد آخر إن كان هذا النظام مرتبطاً بأي من إيران أو السودان أو كليهما وأن يبدأ بتمويل ومساعدة الحركات الأصولية المماثلة في الدول الأخرى، وعندئذٍ سوف يزيد الاضطراب المحتمل من جرّاء التأثير السلبي على العملية السلمية في المنطقة ككل إما من خلال الضغوط المحلية أو عن طريق اتساع دائرة الاضطرابات وتحويلها إلى نزاع مسلح.
ولعل من أكبر المخاطر التي يجب على الولايات المتحدة مواجهتها احتمال حصول النظام الجديد على أسلحة نووية وانعكاسات ذلك على الصعيدين المحلي والدولي. ومن المهم جداً أن نفهم من البداية أن تحليل مثل هذا الموقف لا يمكن أن يتم في إطار تحديد ما إذا كانت هذه الحكومات عقلانية أم لا، فالمنظور الغربي تجاه العالم العربي وكذلك الدول التي يهيمن عليها المسلمون ينطلق في الغالب من افتراضات منحازة ضد هذه الشعوب ودينها، فالمسلمون وخاصة العرب منهم، ليسوا غير عقلانيين بصورة وراثية، إضافة إلى ذلك فأن معظم الأفراد الذين أسّسوا الجماعات الإسلامية هم الأكثر ثقافة بين أبناء شعوبهم(44)، وعلي الرغم من أن السمة الشاملة لهذه الجماعات والمتمثلة في رغبتهم في مشاهدة حكوماتهم وهي تزاح عن الحكم، إلاّ أنهم يختلفون في وسائل تحقيق هذا الهدف والبديل المفضل لتلك الحكومات، كما أن الجماعات الإسلامية ليست بالضرورة مجموعات متحمسة دينياً وتتصرف بصورة غير عقلانية ولذلك التعامل معها بصورة معقولة، فهذا النوع من الافتراض خطير للغاية إذ أنه يحمل في طياته ميولاً قد تكون السبب في الإفراط أو الإقلال من مقدرات الخصم.
كما يمكن أن نتساءل بقوة هنا: لماذا لا تعتبر درجة عقلانية الطرف الآخر مهمة للولايات المتحدة إذا كان ذلك الطرف حليفاً ومؤيداً للسياسة الأمريكية؟ فعلى سبيل المثال، هل كان صدام حسين أكثر عقلانية عندما كان يتلقى المساعدات العسكرية الأمريكية مما كان عليه عندما قام بغزو الكويت؟! فلمجرد أن يقوم أي نظام سياسي على أسس إسلامية أو أن يحقق أهدافه عبر انقلاب عسكري أو ثورة شعبية، فأن ذلك لا يعني بالضرورة بأنه غير عقلاني، وأن ما يجب تقديره هنا هو “النية Intent” والأهداف التي يضعها اللاعبون نصب أعينهم ويأملون بتحقيقها فور وصولهم إلى السلطة، والأهم من ذلك هو معرفة إن كان هذا النظام قادراً على تحقيق تلك الأهداف بالفعل، وهكذا فعندما نعود إلى الموضوع الذي نحن بصدده، يجب علينا أن نحدد أولاً إن كانت لدى المجموعات الأصولية النية على تأسيس ترسانة نووية والعزم على استخدامها وثانياً، يجب أن نحدّد مدى قدرة هؤلاء اللاعبين (الجماعات) على امتلاك القدرات اللازمة لتحقيق تلك الغاية.
أن هذا النوع من التحليل المسبّب ضروري جداً حيث أنه من المعروف أن معظم الدول لديها الرغبة في الحصول على قدر معين من الإمكانات العسكرية، والقدرة على ابتزاز الغير وأهدافاً أخرى كثيرة، ولكن المرجح دائماً هو أنها لن تكون قادرة على امتلاك هذه الوسائل التي تمكنها من تحقيق غاياتها بالفعل.
وعلى افتراض أن أي نظام في مصر يرغب في الحصول على الأسلحة النووية، فما هي تأثيرات ذلك على الاستقرار الإقليمي والعالمي؟ وهل تتسم هذه التأثيرات بنفس نمط وجود البعد الإسلامي؟ أن العنصر الأهم الذي يحب أخذه في الحسبان في حال امتلاك مصر للسلاح النووي هو مدى استقرار ذلك النظام بغض النظر عن توجهاته، فبالنظر إلى هذا المعيار، فحتى في ظل حكم الرئيس مبارك، فأن إمكانية وجود سلاح نووي في مصر مسألة تثير القلق.
ولعل أفضل سيناريو هنا سيكون في حالة وجود الحكومة المعتدلة، أيضاً بغض النظر عما إذا كانت إسلامية أو علمانية، إذ أن ذلك سوف يساعد على استمرارية وضمان شكل من أشكال الاستقرار في هذا البلد، ولكن مثل هذا الاحتمال بحاجة إلى سنوات عديدة قادمة في المستقبل، وفي حالة استيلاء نظام ما مهما كانت طبيعته أيضاً على مقاليد السلطة بالقوة فأن افتراض وجود القوة النووية سيكون موضوعاً شائكاً ومليئاً بالمشاكل نتيجة لحالة عدم الاستقرار والحاجة إلى استخدام الإرهاب للحفاظ على الحكم.
ولعل السيناريو الأكثر إزعاجاً والأقل سهولة للشرح هنا سيكون في حالة وجود حكومة منتخبة أو مدعومة جماهيرياً ولكنها غير عقلانية أو عدوانية بطبيعتها من المنظور الدولي، وهذه هي النقطة الحرجة التي توفر المنطق الأساسي لإمكانية تطبيق نظرية الدومينو تجاه الإسلام السياسي، وإلى حد معين فأن هذا الاحتمال سوف يكون من أسوأ السيناريوهات العقلانية بالنسبة لصنّاع السياسة الأمريكية.
وقد تحقّق مثل هذا الحوار الصعب بالفعل على شكل الثورة الإيرانية عام 1979، فعلى الرغم من اعتبار الولايات المتحدة الدولة الوليدة من هذا السيناريو عنصراً مزعجاً ومضايقاً، إن لم يكن مهدداً لها، إلاّ أن تلك التجربة لم تنتهي بكارثة، وعلاوة على ذلك فأن موقف إيران المعادي للغرب كان نتيجة طبيعية لسياسة العزلة التي فرضتها الولايات المتحدة على الجمهورية الإسلامية.
ولكن السيناريو الأكثر خطورة والمحتمل على المدى البعيد فيكمن في انتشار الإسلام السياسي عبر دول المنطقة، الأمر الذي يؤدي إلى قيام رابطة إسلامية شاملة ذات صفة سياسية واقتصادية بينها، وعلى الرغم من أن وجود بعض الروابط الاقتصادية والسياسية بين الدول ذات الغالبية الإسلامية قد يزعج الغرب حالياً، إلاّ أن مثل هذه الروابط لا تحمل خصائص إسلامية من شأنها أن تقلق السياسة الأمريكية، ولكن الخطورة تكمن في انتشار مثل هذه الروابط في ظل وجود قيادات سياسية إسلامية تعمل من أجل تحقيق وحدة حقيقية بين الدول الإسلامية من شأنها أن تقلّص الدور الأمريكي في المنطقة على غرار نتائج الوحدة الأوربية والإتحاد الآسيوي، ولكن إمكانية قيام رابطة تشمل المنطقة الإسلامية برمتها تظل ضئيلة جداً بسبب التباين الملحوظ بين هذه الحركات الدينية العاملة فيها كما بيّنا آنفاً.
والموقع الآخر الذي يحتمل قيام دولة إسلامية بشكل قوي هو الجزائر، ففي عام 1990 كسبت جبهة الإنقاذ الإسلامي عدداً ساحقاً من مقاعد البرلمان في الجولة الأولى من الانتخابات العامة، معطية بذلك المؤشرات الواضحة بأنها ستتمكن من تشكيل الحكومة في الجولة الانتخابية الثانية، ولكن الجولة الثانية لم تتم أبداً بسبب الانقلاب العسكري الذي علّق الانتخابات وضمن فيما بعد تسليم مقاليد الحكم للحكومة العلمانية الراهنة، وبذلك تكون حالة الجزائر نموذجاً مختلفاً عن النموذج السوداني حيث أخذ الانقلاب العسكري بعداً إسلامياً، في حين نالت جبهة الإنقاذ الوطني في الجزائر دعماً شعبياً كاد أن يوصله إلى كرسي الحكم من خلال السبل الديمقراطية.
وكان الرد الأمريكي تجاه الانقلاب العسكري في الجزائر مؤيداً ومفضلاً للحكومة العلمانية التي تم تنصيبها بواسطة الجيش، وإن حاولت واشنطن لاحقاً إظهار تشجيعها للعسكر للعودة إلى الديمقراطية، وعلى أية حال فقد كان هناك نمطاً معيناً من الديمقراطية لكل من الأطراف الجزائرية على طريقته الخاصة، وبالتحديد فيما يخص السماح للحكومة الأصلية الاحتفاظ بالسلطة.
وعموماً، فقد تم إقصاء جبهة الإنقاذ الوطني من السلطة كما تم حظر الجبهة ذاتها واتّهمت قيادتها العليا بانتهاك حقوق الإنسان كذريعة لتصفيتها مادياً، ومن جانبها انشقت عدة فئات عن ذلك التنظيم القوي والمتماسك في الأصل وتباينت رؤاها بقوة حول أفضل الطرق لاستعادة السلطة، ونتيجة لهذه الانشقاقات إضافة إلى الإرهاب الشديد الذي مارسته السلطة ضد النخبة القيادية في هذا التنظيم وأخيراً بعد إجراء الانتخابات الرئاسية، فقد ضعفت قدرة الجبهة على تهديد السلطة القائمة بشكل واضح(45)، وبالتالي فمن الصعوبة بمكان التنبؤ بأي سيناريو للمعارضة الإسلامية المحتملة في الحالة الجزائرية، إلاّ أن نفس الأنماط من الاعتبارات التي تمت مناقشتها في الحالة المصرية يمكن تطبيقها على نموذج الجزائر أيضاً.
- الاستنتاج: هل نظرية الدومينو ملائمة للتطبيق على الإسلام السياسي؟
في الوقت الذي يتطابق منطق الدومينو مع تصورات السياسة الخارجية الأمريكية فيما يخص الإسلام السياسي بشكل محكم، هناك براهين وافية على صعيد وسائل الإعلام والمناقشات الأكاديمية وحتى على لسان صناع السياسة بتسخير نظرية الدومينو من أجل تنظيم السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، وسوف يركّز الجزء الأخير من هذا التحليل على مدى تحديد ضرورة تطبيق نظرية الدومينو على الإسلام السياسي، بمعنى آخر ما الذي يدفع صناع السياسة إلى الاعتقاد بجدوى تطبيق معتقدات نظرية الدومينو؟ وهل يوفر منطق الدومينو الأرضية الأكثر عقلانية لرسم سياسة خارجية مناسبة تجاه هذه الظاهرة؟ وهل سينتج عن تطبيقها النبوءة المحقة أم الكاذبة؟
يقول جرفيس Jervis بأنه توجد ثلاثة تفسيرات لتصديق نظرية الدومينو وهي: المضمون العقلاني، والإرضاء النفسي والواقع السياسي المحلي(46)، فالمضمون العقلاني هو الافتراض المتأرجح بين الحد الأقصى والأدنى من قبل صناع القرار في استخدام النظرية معتقدين أن خصمهم نمر ورقي يواجه قنفذاً شائكاً(47)، ويقول دوغلاس ماكدونالد بأن نظرية الدومينو من حيث الحال والمضمون العقلاني تعتبر ملائمة في ظل ظروف معينة، خاصة أن تم استعمالها من حيث مضامينها وليس أهدافها المحددة(48)، وبينما يلاحظ حالات الفشل النادرة ولكن الذريعة في نفس الوقت(49) يرى مكادونالد بأن منطق هذه النظرية كرد عقلاني على مجموعة من أسوأ الإفتراضات بخصوص المخاطر الكامنة في حال عدم القيام بالتصرف العلمي(50) يعتبر نجاحاً بصورة عامة(51)، وسوف نعود إلى هذه النقطة بعد قليل.
أما فيما يخص تفسيرات الإرضاء النفسي لهذه النظرية، فيبدو أن الدروس التاريخية تحمل من الدلائل ما تدفع بها صناع السياسة بعيداً عن تطبيق أو استخدام نظرية الدومينو، فبينما تقدم تجربة ميونخ دليلاً تاريخياً على سقوط أحجار الدومينو، فأن الحرب الباردة قد علمت صناع السياسة بعض الروس المختلفة كلياً(52)، وإننا نعتقد بأن هذا العامل تحديداً قد منع صناع القرار من التعامل مع الإسلام السياسي بوضوح من خلال الإطار العام لنظرية الدومينو، إلاّ أن الدرس التاريخي في هذه الحالة لم يتمثل بإقرار ضعف منطق هذه النظرية في فترة ما بعد الحرب الباردة، ولكنه تمثل بكل بساطة في إعادة صياغته.
ويتمثل البعد الآخر للتفسير النفسي في تصورات صناع السياسة عن وجود خصوم من النمور الورقية العدوانية Paper Tiger، ولقد تم استخدام هذه الخاصية من قبل صناع السياسة في تصديهم لإيران والسودان، وقد ولّد هذا التصور عن الخصم ردة فعل محدودة من جانب الولايات المتحدة، حدا بها إلى عزل إيران والسودان في الآونة الأخيرة عن المجتمع الدولي، ووضعهما على قائمة الدول التي ترعى الإرهاب.
وتعتبر تفسيرات الوضع السياسي المحلي صالحة أيضاً لتأييد نظرية الدومينو، حيث أنه يجب تبرير الالتزامات الدولية المتزايدة في أجواء السياسة الداخلية المفضلة لسياسة العزلة، أو على الأقل الحد الأدنى من الاتصال الخارجي(53)، وفي داخل الإدارة الأمريكية هناك جماعات الضغط الاقتصادية والعسكرية بالإضافة إلى بعض الكتل السياسية التي تأمل في استمرار المساعدات المالية والعسكرية لبعض الأنظمة في المنطقة والاحتفاظ بإمكانية التدخل العسكري فيها والإبقاء على مستوى عالي من الإنفاق الدفاعي وإقامة التحالفات معـها(54)، وتـركز سياسة الولايات المتحدة الخارجية الراهنة على تطوير واستمرارية إستراتيجية التحالفات(55)، وفي هذه الحالة يجب على الإدارة الأمريكية أن توضح لحلفائها وخصومها دائماً عزمها على التدخل من أجل حماية مصالحها الحيوية وقدرتها الفعلية على تحقيق ذلك، وتتزامن كل هذه الاعتبارات مع النقاش الدائر حول الدور المستقبلي للولايات المتحدة في النظام العالمي الجديد(56)، ويمكن للمرء أن يفترض بأن العالم وخاصة الولايات المتحدة قد غدا بحاجة لعدو جديد يعيد للولايات المتحدة موقعها إبان الحرب الباردة نحو حلفائها سيّما في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وذلك من أجل مواجهة التنافس الاقتصادي العالمي المتزايد، ومهما كانت الأسباب فأن صناع السياسة الأمريكية يستطيعون استغلال منطق الدومينو بعقلانية في سبيل صياغة سياساتهم تجاه الإسلام السياسي.
وعلى أية حال، فمن أجل تبرير استخدام منطق الدومينو وخاصة إذا كان قائماً على الوقاية العقلانية، فأنه ينبغي وجود شكل محدد من التهديد المنظم النابع من طرف الخصم، فأين يقع هذا الخطر فيما يخص الحركات الإسلامية السياسية: هل في توجهها نحو اللجوء إلى العنف، أو في إمكانية فوزها في الانتخابات، أو من خلال روابطها العقائدية والسياسية؟ وبالتأكيد، لا يمكن القول أبداً بأن هذه الحركات الإسلامية السياسية المعارضة تميل إلى استخدام العنف، كما لا توجد أية أدلة قاطعة ترجح قيام هذه الجماعات بقبول الديمقراطية بعد فوزها في أول انتخابات أكثر من احتمال قيام أندادهم من العلمانيين بمثل هذه الأعمال(57)، وأخيراً لا يمكن إنكار وجود درجة من الارتباط السياسي بين هذه الحركات والجماعات الإسلامية تتمثل في صور المساعدات السياسية والمالية والعسكرية التي تتلقاها من مصادر مختلفة من بينها إيران والسودان والسعودية والكويت وغيرها، إضافة إلى وجود بعض أوجه الشبه الفكري بينها، إلاّ أن كل ذلك لا ينفي أو يؤكد وجود أية روابط حقيقية أو إستراتيجية منظمة بين هذه الحركات الإسلامية.
أن أي نظام جديد يقوم على أساس العنف والاضطهاد في المنطقة، بغض النظر عن كونه علمانياً أم إسلامياً، لا يجب أن يقلق الولايات المتحدة فحسب بل المجتمع الدولي برمته، وخصوصاً في حالة حصول ذلك النظام على القدرة النووية.
أن المشكلة التي تواجه الأكاديميين في تناولهم لمواضيع الإسلام السياسي تكمن، في الحقيقة، في استخدامهم لمفاهيم الإسلام والتطرف بصورة نمطية ومتداخلة، ولكن وكما أوضحنا سابقاً، فأن أية دولة، إسلامية كانت أم غير ذلك، من شأنها أن تملي وتضيف فوائد إستراتيجية مهمة جداً إلى المنطقة وخاصة فيما يتعلق بالاستقرار الإقليمي والدولي وذلك من خلال تمتعها بشعبية واستقرار في الداخل.
وبينما يبدو من القلق للغرب أن يشترك الكثير من سكان الأرض برابطة العروة الإسلامية، فلا يمكن القول أبداً بأن إسلاماً كهذا يمثل أي خطر سياسي وعقائدي مشترك نحو أحد، وحتى في حالة انضمام مجموعة من الدول الإسلامية إلى منهج اقتصادي مشترك، على سبيل المثال، أو قيامها بتأسيس قاعدة أيديولوجية عميقة، فليس من الواضح أن تشكّل هذه الظواهر أية صورة من التهديد المنظم ضد الغرب أو ضد المجتمع الدولي عموماً، فالمخاطرة والتهديدات الحقيقية ستظل قائمة في الحالات الفردية المتمثلة في الحكومات التي لا تحترم حقوق الإنسان والمواطنة على أرضها أو في الدول الأخرى ولعل هذا النوع من التهديد لا ينفرد به البعد الإسلامي، إذ أنه حقيقة حياتية على المستوى الدولي بغض النظر عن العقيدة.
وبالمقابل، فأن الخطر الحقيقي الأكبر المخيم على المنطقة لا يزال يكمن في عدم الاستقرار ونفور المواطنين من حكوماتهم وإحساسهم بالبعد عنها، فالأنظمة التي تنتخب شعبياً وتتمتع بوقوف الجماهير إلى جانبها إضافة إلى التأييد العالمي تمثل الأمل الأعظم في بعث الاستقرار بالمنطقة دون أي تمييز بين أسسها العقائدية والفكرية.
إن نظرية الدومينو تمتلك القدرة على إعطاء افتراضات غير دقيقة فيما يخص الصور التي يراها صناع السياسة في الولايات المتحدة ولا تبرر الافتراضات المتعلقة بحدوث أسوأ الاحتمالات الممكنة، وأن هذه العلائق المنطقية ستقود حتماً إلى إتباع سياسة غير مناسبة وغير متزنة في المنطقة، وفي حين أنه يجب على صناع السياسة الاحتراز بعقلانية، وخاصة عندما تكون أسوأ الاحتمالات قائمة، فأن ذلك سوف يقود حتماً إلى تنبؤات مرضية للذات فقطSelf Fulfilling Prophesy ، إذ أن السياسة الخاطئة قد تؤدي بدورها إلى تحقّق مخاطر نظرية الدومينو.
ولا تقدم نظرية الدومينو أي تفسير إضافي لموضوع الإسلام السياسي عن ما قدمته بخصوص التهديد الشيوعي، فهذه النظرية تتلون وتستمد وجودها من التصورات المغلوطة والجهل المطلق بحقيقة الديناميكية السياسية لأي نظام يتم تشغيله فيه، فالسياسة ما كانت أبداً لتفسر أو تشرح بصورة أنيقة وواضحة كما تحاول نظرية الدومينو أن تقنعنا به، وبالتأكيد فأن اعتقاداتها وحتميتها المطلقة تثير تساؤلات خطرة بخصوص صلاحيتها، فحتمية النظرية تفرض أن الممثلين المعنيين لا خيار لهم في الأمر، حيث أن نتائجها حتمية الوقوع، وأن هذا النوع من التفكير الفكر يقلل إلى حدٍ كبير من قدرة الإنسان على التعلم والتأقلم مع محيطه البيئي، فالنظرية ضمن أضعف الحدود، تجرد اللاعبين فيها (الدول أو الحركات السياسية) من المزايا الخاصة بهم.
فلو رفضنا آلية الحتمية المطبق بصورة نموذجية في نظرية الدومينو كما يقول ماكدونالد Macdonald، واستفدنا من نموذج الأمر الطارئ أو غير المتوقع، الذي يرى بأن “أحجار الدومينو قابلة للسقوط وفق شروط معينة إن لم تتخذ أي إجراء حيال ذلك لإيقاف الوقوع أو الحد منه”(58)، يمكن عندئذٍ أن نتوقع أيضاً بأن: قطع الدومينو قد تتساقط وفق شروط معينة عند استخدام السياسة الخاطئة لمنع ذلك أو احتوائه، وهذا ما يجب أن تتجنبه الولايات المتحدة في التعامل مع الإسلام، فانتشار الإسلام جماهيرياً وبشكل واسع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا وجنوب شرق آسيا يرجع إلى حدٍ كبير للمشاكل الداخلية في الأقاليم.
وعلى كل حال فأن الخيارات السياسية التي تتبناها الولايات المتحدة سيكون لها وقعها الهائل في اختيار النهج الذي سيتم تبنيه بالفعل في كثير من هذه الدول، وخاصة فيما يخص الإسلام، فلو استمرت الولايات المتحدة في دعم الأنظمة التي لا تتمتع بالدعم الشعبي لمواطنيها، فأن هذا الأمر بعينه سيخلق الخطر الأكبر تجاه الولايات المتحدة ومصالحها في المنطقة، فلن تخسر الولايات المتحدة مصداقيتها فحسب، بل أن مقدرتها على الاستمرار في فرض تأثيرها في المنطقة سيتناقص ويضعف أيضاً.
—————————————————————————————————————–
الهوامش الختامية
(1) لمزيد من التفاصيل حول نظرية الدومينو Domino Theory أنظر:
Ross Gregory, “The Domino. Theory”, in Alexander DeConde, ed., Encyclopedia of American Foreign Policy 1 (New York: Charles Scribners and sons, 1978): 275-281; Robert Jervis and Jack Snyder, eds. Dominos and Bandwagons: Strategic Beliefs and Great Power Competition in the Eurasian Rimland. New York, Oxford: Oxford University Press, 1991; Douglas J. Macdonald, “Falling Dominoes and System Dynamics: A Risk Aversion Perspective.” Security Studies, 3, no. 2 (Winter 1993/94): 225-258; Jerome Slater, “The Domino. Theory and International Politics: The Case Of Vietnam.” Security Studies 3, no. 2 (Winter 1993/94): 186-224; Jerome Slater, “Dominos in Central America.” International Security 12, no. 2 (Fall 1987): 105-144.
وقد استخدم الإطار المنهجي لكل من جيروم سلاتر Jerome Slater وربرت جيرفيس Robert Jervis وجاك سنايدر Jack Snyder من أجل القيام بتحليل دقيق وتصنيفي في هذه الدراسة.
(2) لعل مشكلتي كوريا وفيتنام من أكثر الحالات إقناعاً على تطبيق منطق الدومينو من قبل صناع السياسة الخارجية الأمريكية، ولكن هناك أيضاً بعض التطبيقات الأخرى لهذه النظرية في أمريكا المركزية، أنظر مثلاً:
Slater, 1987; Douglas J. Macdonald, “The Truman Administration and Global Responsibilities: The Birth of the Falling Domino. Principle”, in Dominoes and Bandwagons, 112.
كما يمكن إرجاع جذور هذه النظرية في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية إلى عهد إدارة الرئيس ترومان Truman وذلك لمواجهة الحقائق المعقدة للمجتمع الدولي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كما أثبت ماكدونالد Macdonald بأن مبادئ الدومينو قد استخدمت من قبل صناع القرار في واشنطن في مواجهة الأحداث في أوربا الشرقية (تشيكوسلوفاكيا) وفي أوربا الغربية (فرنسا وإيطاليا)، وفي الشرق الأوسط (اليونان وإيران)، وفي آسيا (بعد منتصف عام 1949، والصين وجنوب شرق آسيا)، أنظر:
Macdonald, “The Truman Administration”, 132.
كما أنه من المهم جداً التمييز بين تطبيق نظرية الدومينو ومدى ملاءمتها للحالات التي طبقت فيها، أنظر مثلاً تحليل Jerome Slater الخاص بتطبيقات نظرية الدومينو على الحالة الفيتنامية والخاصة بأمريكا المركزية: أنظر كذلك:
Nancy Kanwisher, “Cognitive Heuristics and American Security Policy”, Journal of Conflict Resolution 3, no. 4 (December 1989): 663-665.
(3) تم اختيار “الأصولية الإسلامية Islamic Fundamentalism” كعنوان لهذه الدراسة لأنه المصطلح المستخدم من قبل صناع السياسة الأمريكية وحلفائهم من دول المنطقة عندما يشيرون إلى هذه الظاهرة، وهناك جدل كبير حول إمكانية استخدام لفظ الأصولية Fundamentalism في تطبيقها على الإسلام، أنظر على سبيل المثال:
Timothy Sisk, Islam and Democracy: Religion, Politics, and Power in the Middle East. (Washington, D. C.: United States Institute of Peace, 199): 3-7.
(4)
John L.Esposito, “Islamic Movements, Democratization, and U. S. Foreign Policy”, in Phebe Marr and William Lewis, eds., Riding the Tiger: The middle East Challenge After the Cold War. (Boulder, CO: Westview, 1993): 188; Graham E. Fuller, “Islamic Fundamentalism”. In Richard K. Betts, ed. Conflict After the Gulf War (New York: Macmillan, 1994): 386-393.
(5)
Paul A. Goble, “Ten Issues In Search of a Policy: America’s Failed Approach to the Post Soviet States”. Current History (October 1993) 307; Mehrded Haghayeghi, “Islam and Democratic Politics in Central Asia” World Affairs 156, no. 4 (Spring 1994): 186-198; Sami Zubaida, Islam, the People and the State, (London, New York: I. B. Tauris, 1993): 41.
(6) من الأمثلة المتنوعة على هذه السياسة كما تناولته الصحافة:
Chicago Tribune 1/20/1992, sec. 1, p. 13; Christian Science Monitor 4/26 1993, p. 19; Los Angeles Times 7/4/1993 sec. M, p. 1; 1/2/1993, sec. A, p. 22, and 8/8/1992, sec. A, p. 1; New York Times 1/1/1992, sec. A, p. 3, 8/22/1993, sec. A, p. 1, 11 /7/1993, sec. A, p. 4; Wall Street Journal 3/16/1992, sec. A, p. 10; Washington Post 3/8/1992, sec. C, p. 1, 3/13/1993, A, p. 14, 1/5/1994, sec. A, p. 26; World Press Review (May 1994).
ومن المقالات العلمية التي تناولت نفس الموضوع على سبيل المثال:
John L. Esposito, “Political Islam: Beyond the Green Menace” Current History 93, no. 579 (January 1994): 19-24; Judith Miller, “The Challenge of Radical Islam.” Foreign Affairs 72, no. 2 (Spring 1993): 43-56; Leon Hadar, “What Green peril.” Foreign Affairs 72, no. 2 (Spring 1993): 27-56; B. A. Roberson “Islam and Europe: An Enigma or a Myth? Middle East Journal 48, no.2 (Spring 1994): 288-308; Amin Saikal, “The West and Post Khomeini Iran”, The World Today 49, no. 10 (October 1993): 197-200; Ghassan Salame “Islam and the West” Foreign Policy, no. 90 (Sprig 1993) 22-37.
(7)
New York Times, 11/7/1993.
(8)
New York Times, 8/22/1994.
وأيضا الشهادات التالية في الكونغرس:
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East March 1994: Hearing and Markup of H. Con. Res, 124 before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd Cong. 2nd sess., 1 March 1994, 38; U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East October 1993: Hearing Before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd Cong., 1st sess., 21 October 1993, 41; U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East July 1993: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd cong., 1st sess., 27 July 1993, 7-9; U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East: Hearing Before the Subcommittee on Europe and the Near East. 102nd Cong., 2nd sess., 24 and 30 June 1992, 114.
(9)
Christain Science Monitor, 4/26/1994, p. 18: Los Angeles Times, 7/4/1993: F. Gregory Gause III, “The Illogic of Dual Containment”, Foreign Affairs 73, no. 2 (March/April 1994): 56-66: House Hearings: March 1, 1994, 19-20: October 21 1993, 37-8 Symposium on Dual Containment: U.S. Policy Toward Iran and Iraq” in Middle East Policy 3, no. 1 (1994): 1-26: U.S. Department of State Dispatch 5, no. 10 (March 7, 1994): 117.
سياسة الاحتواء ضد إيران ليست بالجديدة على الحكومة الأمريكية، فقد استخدمتها إدارة الرئيس بوش لإضعاف النفوذ الإيراني في منطقة آسيا الوسطى بعد سقوط الإتحاد السوفيتي Washington Post, 3/8/1992، وبالمثل فقد استخدمت مصر سياسة احتواء الأصولية ولكن وسائلها في هذا الخصوص شملت التصفيات الجسدية والسجون الجماعية، أنظر:
Middle East International, no. 447 (2 April 1993): 18.
(10) أكّد مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا السابق ادوارد جيرجيان Edward Djerejian في تصريح له أمام اللجنة الفرعية الخاصة بأوربا والشرق الأوسط التابع للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس هذا الموقف الأمريكي عندما سئل عن مدى تلقي “إرهابيو التطرف الإسلامي” لمساعدات من دول أجنبية، وأجاب جيرجيان “أننا منزعجون لما نراه من مساعدات للجماعات المتطرفة، وبخاصة الجماعات المتطرفة الإسلامية، في الدول المجاورة من قبل السودان . . . وبالتأكيد لدينا السبب للاعتقاد بحدوث ذلك، ليس فقط في مصر، بل في دول أخرى في شمال أفريقيا”.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East March 1993: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd Cong., 1st sess,. 9 March 1993, 14.
(11)
U.S. Department of State Dispatch 5, no. 14 (April 4, 1994): 198-200; U.S. Department of State Dispatch 4, no. 21 (May 24, 1993): 377-380; U.S. Department of State Dispatch 4, no. 18 (May 3, 1993): 309-311; House Hearings: March 1 1994, 4 July 27, 1993, 9, 38; June 24, 30, 1992, 20-21, 115-116; U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 102nd Cong., 2nd sess., 17 March 1992, 71.
(12)
U.S. Department of State Dispatch 5, no. 20 (May 16, 1994): 302-303; Dispatch (March 7, 1994): 116; Warren Christopher, “American Foreign Policy: The Strategic Priorities”, Vital Speech of the Day LX, no. 6 (January 1, 1994): 165.
(13)
Dispatch (May 3, 1993): 310.
(14)
Dispatch (May 24, 1993): 377; House Hearing June 24, 30, 1992, 111, 114.
(15)
Dispatch (April 4, 1994): 200.
(16)
Anthony Lake, “From Containment to Enlargement”. Vital Speech of the Day LX, no. 1 (October 15, 1993): 13-18.
(17)
House Hearing March 17, 1992, 69-70; George A. Picart, The Battle Looms: Islam and Politics in the Middle East. A report to the Committee on Foreign Relations, United States Senate. (Washington, D.C.: Government Printing Office, Februay 1993): 70.
(18)
Anthony Lake, “From Containment”, 15.
(19)
John L. Esposito, “Political Islam”, 23.
وكذلك يخشى الرئيس مبارك من هذا الاحتمال على وجه التحديد أنظر:
Middle East International (2 April 1993): 19.
شهدت الانتخابات البلدية في تركيا في مارس 1994 نجاحاً باهراً للمرشحين الإسلاميين في كل من أنقرة واسطنبول، الأمر الذي جعل بعض الغربيين يصنّف تركيا مع مصر والجزائر حيث “أن البروز السريع للأصولية الإسلامية لا يمكن وقفه”، أنظر:
Dilip Hiro, “Turkey’s Islam Challenge to the Establishment”, Middle East International, no. 474 (29 April 1994): 17.
(20) على سبيل المثال يقول والتر لافيبير Walter LaFeber بشأن السياسة الخارجية الأمريكية في أمريكا الوسطى:
“… كان على المسؤولين في واشنطن اختيار أفضل التكتيكات للمحافظة على القوة والمصلحة: بتأييد الأمر الواقع على المدى القريب على الأقل، أو اغتنام فرصة وقوع تغيير جذري من شأنه أن يقود إلى تحقيق الاستقرار على المدى البعيد”، وعلاوة على ذلك، “فقد فشلت السياسة الخارجية للولايات المتحدة بسبب اعتمادها على التناقضات: حيث كان الاعتقاد المعلن بأن استقرار المنطقة وازدهارها يعتمدان على تطبيق الديمقراطية برعاية أمريكية، بينما، وفي نفس الوقت، كان المسؤولون في واشنطن يساعدون ميليشيات الأجنحة اليمينية لشن حروب لم تكن ذات أهداف ديمقراطية، ولكنها موجهة لزيادة الهوة بين الأغنياء والفقراء الأمر الذي كان يساعد على تفجر الثورات في الأساس”.
Walter LaFeber, Inevitable Revolutions: The United States in Central America 2nd ed. (New York, London: W. W. Norton, 1993): 365.
(21)
New York Times, 8/22/1993;
يشير ماكدونالد Macdonald انطلاقاً من مقالة التايمز Times الآنفة إلى أن إدارة الرئيس كلينتون “تنظر إلى الأصولية الإسلامية من منظور الاحتواء والدومينو بينما تتجاهل الصورة الإجمالية للعبة (“Falling Dominoes”, 247, no.2 Macdonald,) والصور التي يجب أن ترى باهتمام تشتمل على المراجع الحقيقية للدومينو، وعملية إعداء الآخرين، وردود الأفعال المتصلة ببعضها البعض، وما شابه ذلك، وبدقة أكبر، فأن كل ما يحتاج إليه المرء هو التحقق من تأثير الحدث (أ) على (ب) ومن ثم تأثير (ب) على (ج) وأن يستمر التأثير بهذه الشكل المتسلسل، وباستخدام هذا المنطق، فأنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تتحرك بسرعة وحسم لمنع الحدث الابتدائي (أ) في قطعة الدومينو الأولى، فإذا فشلت الولايات المتحدة في منع سقوط ذلك الحجر فعندئذٍ “يترنح الحلفاء ويصعب ردع المعتدين” (Slater 1987, 105-107).
(22)
Jerome Slater, “The Domino Theory”, 188.
(23)
Ibid., 193-194.
(24) تقوم المملكة العربية السعودية وإسرائيل أيضاً بتقديم الدعم لبعض الجماعات الإسلامية، أنظر على سبيل المثال:
New York Times, 11/7/1993; Haghyeghi, 190; Steve Coll And Steve Levine, “A Global Militant Network”, Washington Post National Weekly Edition, (August 16-22, 1993): 6-7.
(25) حول هذا الموضوع أنظر رأي كل من:
Sami Zubaida, Islam, the People and the State. (London, New York: I. B. Tauris, 1993); John L. Esposito, The Islamic Threat: Myth or Reality ? (New York and Oxford; Oxford University Press, 1992).
(26) تشتمل هذه الأفكار المشتركة على: 1) الإسلام عبارة عن نظام شامل للحياة سواءً على صعيد حياة الفرد أو الدولة أو المجتمع 2) التغريب “الحضارة الغربية Westernization” هي السبب الرئيسي للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الأمم الإسلامية 3) استعادة القوة والنجاح لا يتحقق إلاّ من خلال الرجوع إلى الإسلام 4) يجب أن تعود الشريعة الإسلامية كأساس للحكم والقانون 5) قد يكون الجهاد (الصراع) واجباً لتحقيق هذه الأهداف، ويضيف جون اسبوسيتو John Espsito بأن بعض الجماعات الراديكالية يذهبون أبعد عن هذه الأفكار الخمسة ويؤمنون بحتمية الثورة، لمزيد من التفاصيل أنظر:
John L. Esposito, in Riding the Tiger, 389-90; Islam and the Straight Path (New York and Oxford: Oxford University Press 1991); 163-191.
(27)
Caryle Murphy, “Egypt: An Uneasy Portent of Change”. Current History 93, no. 580 (February 1994): 78-82; Tom Poteous, “Egypt: Equating Islamists With Terrorists is Counter-Productive”, Middle East International, no. 454 (9 July 1993): 16.
(28) أنظر على سبيل المثال:
Robert Jervis, “Domino. Beliefs and Stratgic Behavior” and Douglas Macdonald, “The Truman Administration and Global Responsibilities: The Birth of the Falling Domino. Principles”. In Dominos and Bandwagons, 20-22.
يلاحظ جيروم سلاتر Jerome Slater صوراً مختلفة لأشكال الدومينو منها: نظرية الدومينو الخاصة بالرئيس آيزنهاور التي تركّز على التأثير الحتمي لسقوط فيتنام الجنوبية على دول المنطقة وربما خارج نطاق المنطقة؛ ونظرية “التفاحة الفاسدة” للرئيس ترومان تجاه اليونان في عام 1947؛ ونظرية “السرطان” للرئيس ريغان في وصف الانتشار الشيوعي في أمريكا المركزية (Slater, 1987, 107).
(29)
New York Times, 4/13/1993, sec. A, p. 14;
يصور اسحق رابين، رئيس وزراء إسرائيل، الإسلام بالظاهرة السرطانية غير العقلانية التي يتأصل فيها التعطــش للجشع ويمـكن أن يصـل سلاحها وقوتـها إلى أوربا (Los Angeles Times, 1/2/1993) وتشترك مصر مع نفس المخاوف الإسرائيلية كما ورد في تصريحات وزير الخارجية عمرو موسى لأعضاء وفد لجنة الشرق الأدنى وجنوب آسيا في الكونغرس والمتجه للقاهرة بأن “مصر قد شجبت إيران في الجامعة العربية وتحاول أن تخطو في نفس الاتجاه في الأمم المتحدة بسبب دور إيران المحوري في تصدير الثورة ونشر نفوذها الأصولي”.
Trip to Croatia, Syria, Jordan, Israel and Egypt. A Report to the Committee on Foreign Relations United States Senate. By Senators James M. Jeffords and Hank Brown. Washington, D.C.: Government Printing Office, November 1993, 221; Middle East International, (2 April 1993): 19.
(30)
U.S. Congress House. Committee on Foreign Affairs. Islamic Fundamentalism in Africa and Implications for U.S. Foreign policy: Hearing Before the Subcommittee on Africa. 102nd Cong., 2nd sess., 20 May 1992.
(31) حسن الترابي، الأمين العام للمؤتمر الشعبي العربي الإسلامي، في حديث أمام الكونغرس، (Ibid., 3-23)؛ ومن أجل الإطلاع على بعض الاتصالات بين الولايات المتحدة وحماس أنظر:
House Hearing, March 9, 1993, 20-23; Christain Science Monitor, 4/29/1993, p. 3.
(32)
New York Times, 8/22/1993.
(33)
Dominoes and Bandwagons 7, 39-40.
(34) على سبيل المثال، أنظر المناقشة الخاصة بأهمية طاجيكستان كحزام أمني لروسيا:
(New York Times, 11/7/1993);
كذلك، فأن الموقع الجغرافي للسودان يزيد من قيمتها الإستراتيجية الكامنة لكل من الولايات المتحدة وإيران، أنظر:
Samuel M. Makinda, “Iran, Sudan, and Islam”, The World Today 49, no. 6 (June 1993): 108.
(35)
Douglas J. Macdonald, “Falling Dominoes”, 245.
(36)
Los Angles Times, 8/8/1992.
(37)
New York Times, 1/1/1992.
(38)
New York Times, 11/7/1993.
(39)
New York Times, 8/22/1993.
(40)
Ibid.
(41) قد ينتقد البعض اعتبار إيران حالة اختبار حقيقية بسبب خصوصيتها الشيعية. ولكننا نتفق مع زبيدا Zubaida بأنه بينما “لعبت عناصر الثقافة الإيرانية ـ الشيعية دوراً حاسماً في شعارات وأحداث الثورة… فأن الظروف الناتجة عن الدولة الحديثة والمعترك السياسي الحديث قد دخلت في تركيبة تلك شعارات والأحداث بشكل حيوي وأحياناً بشكل بارز” (Zubaida 180).
(42) الأدبيات الحديثة الخاصة بجماعة الأخوان في مصر قليلة. ولكن تشير مصادر عديدة إلى أن الجيل الحالي من “الأخوان” أكثر اعتدالاً من أسلافهم وأنهم على استعداد للعمل داخل النظام السياسي القائم. أنظر على سبيل المثال:
Sisk Timothy, Islam and Democracy: Religion, Politics and Power in the Middle East. (Washington, D.C.: United States Institute of Peace, 1992): 42-44; Gregory L. Aftandilian, Egypt’s Bid For Arab Leadership (New York: Council on Foreign Relations, 1993): 57-58.
وقد بدأت الحكومة المصرية مؤخراً بضرب “الأخوان المسلمين” متهمة بأنها جماعة إرهابية، وقد يعود السبب في ذلك إلى عدم حاجة السلطة حالياً إلى هذه الجماعة للسيطرة على المجموعات الأكثر تطرفاً مثل الجماعة الإسلامية:
Middle East International, No. 478 (24 June 1994): 12.
كما يمكن أن يعود السبب في ضرب الأخوان المسلمين إلى الدعم الجماهيري الواسع لهذه الجماعة وتخوف الحكومة من فوزها بالسلطة في حالة حصولها على التصريح القانوني لمزاولة نشاطها السياسي، أنظر:
Tom Porteous, “Egypt: Equating Islamists with Terrorists is Counter-Productive”, Middle East International, no. 454 (9 July 1993): 15.
(43) قد يورد البعض نموذج السودان باعتباره من أفضل الأمثلة على هذا النوع من السيناريو، حيث سرعان ما يلجأ النظام إلى استخدام العنف والاضطهاد من أجل الإمساك بالسلطة، ولكن من الواضح أن أية مجموعة تصل إلى السلطة وبغض النظر عن أيديولوجيتها، فأنها تسعى إلى المحافظة على الزعامة بجميع الوسائل الإكراهية كما هو الحال في الجزائر ومصر والعراق وبنغلاديش وغيرها.
(44)
Edward W Said, “The Phony Islamic Theat”, New York Times Magazine (November 21, 1993): 62-65. Also, John L. Espsito in Riding the Tiger, 190.
(45)
House Hearing May 20,1992; The Battle Looms, 4-5.
(46)
Jack Snyder, “Introduction”, Dominoes and Bandwagons, 9.
(47)
Ibid.
(48)
Douglas J. Macdonald, “Falling Dominoes”, 246.
(49)
Ibid.
(50)
Ibid.
(51)
Ibid.
(52) وبالتحديد، فأن نظرية الدومينو التي طبقت على الحالة الشيوعية لم تكن مناسبة، ولمزيد من التفاصيل أنظر تحاليل جيروم سلاتر Jerome Slater حول السياسة الأمريكية في فيتنام وأمريكا المركزية.
(53) يمكن الوصول إلى هذا الاستنتاج على ضوء خطاب وزير الخارجية الأمريكي السابق جميس بيكر،
James A. Baker, III “Selective Engagement; Principles for American Foreign Policy in a New Era”, Vital Speeches of the Day LX, no. 10 (March 1, 1994): 299-302.
(54)
Jack Snyder, “Introduction”, Dominoes and Bandwagons, 12-14.
(55)
Dispatch (5/24/1993): 377; Dispatch (5/16/1994): 302-303; Dispatch (5/3/1993): 310; Dispatch (4/4/1994): 198-200.
(56) هناك مناظرة مستمرة حول لبدور المستقبلي للسياسة الأمريكية وكيف يجب أن تكون في أعقاب الحرب الباردة أنظر:
David C. Hendrickon, “American Foreign Policy”, and Joseph Nye, Jr., “What New World Order”? In Foreign Affairs 71, no. 2 (Spring 1992); Charels W. Kegley and Eugene R.Wittkopf, eds., The Future of American Foreing Policy, New York: St. Martin’s 1992.
(57) أنظر:
John L. Esposito. The Islamic Threat: Myth or Reality?, 185-189 and “Political Islam”, 22-24.
(58)
Douglas J. Macdonald, “Falling Dominoes”, 228.
——————————————————————————————————————————-
المراجع
Esposito, John L. “Political Islam: Beyond the Green Meenace”. Current History 93, no. 579 (January 1994): 19-24.
Espositio John L. “Islamic Movements, Democtratization, and U.S. Froeign Policy”. In Phebe Marr and William Lewis, eds., Riding the Tiger: The Middle East Challenge After the Cold War. Boulder, CO: Westview 1993.
Esposito, John L. The Islamic Threat: Myth or Reality? New York and Oxford: Oxford University Press, 1992.
Esposito, John L. Islam and the Straight Path. New York and Oxford: Oxford University Press, 1991.
Fuller, Graham E. “Islamic Fundamentalism”. In Richard K. Betts, ed. Conflict After the Gulf War. (New York: Macmillan, 1994): 386-393.
Gause III, Gregory F. “The Illogic of Dual Containment”. Foreign Affairs 73, no. 2 (March/April 1994): 56-66.
Gregory, Rose. “The Domino Theory”. In Alexander DeConde, ed., Encyclopedia of American Foreign policy 1 (New York: Charles Scribners and sons 1978): 275-281.
Hadar, Leon. “What Green Peril”. Foreign Affairs 72, no. 2 (Spring 1993) 27-56.
Haghayeghi, Mehrdad. “Islam and Democratic Politics in Central Asia”. World Affairs 156, no. 4 (Spring 1994): 186-198.
Hiro, Dilip. Holy Wars: The Rise of Islamic Fundamentalism. New York: Routledge, 1989.
Jervis, Robert and Jack Snyder, eds. Dominos and Bandwagons: Strategic Beliefs and Great power Competition in the Eurasian Rimland. New York, Oxford: Oxford University Press 1991.
Lake, Antony. “Confronting Backlash States”. Foreign Affairs 73, no.2 (March/April 1994): 45-55.
Macdonald, Douglas. “Falling Dominoes and System Dynamics: A risk Aversion Perspective”. Security Studies 3, no. 2 (Winter 1993/94) 225-258.
Miller, Judith. “The Challenge of Radical Islam”. Foreign Affairs 72, no. 2 (Spring 1993): 43-56.
Mohaddessin, Mohammad. Islamic Fundamentalism: The New Global Threat. Washington D.C.: Seven Lockes, 1993.
Murphy, Caryle. “Egypt: An Uneasy Portent of Change”. Current History 93, no. 580 (February 1994): 78-82.
Pickart, George A. The Battle Looms: Islam and Politics in the Middle East. A report to the Committee on Foreign Relations, United States Senate. Washington, D.C.: Government Printing Office, February 1993.
Roberson B.A. “Islam and Europe: An Enigma or a Myth”? Middle East Journal 48, no. 2 (Spring 1994): 288-308.
Said, Edward W. “The Phony Islamic Threat”. New York Times Magazine (November 21, 1993): 62-65.
Saikal, Amin. “The West and post Khomeini Iran”. The World Today 49, no.10 (October 1993): 197-200.
Salame, Ghassan. “Islam and the West”. Foreign Policy, no. 90 (Spring 1993): 22-37.
Timothy, Sisk. Islam and Democracy: Religion, Politics, and Power in the Middle East. Washington, D. C.: United States Institute of Peace, 1992.
Slater, Jerome. “The Domino Threory and International Politics: The Case of Vietnam”. Security Studies 3, no. 2 (Winter 1993/94): 186-224.
Slater, Jerome. “Dominos in Central America”. International Security 12, no. 2 (Fall 1987): 105-134.
“Symposium on Dual Containment: U.S. Policy Toward Iran and Iraq”. Middle East Policy 3, no. 1 (1994): 1-26.
Trip to Croatia, Syria, Jordan, Israel and Egypt. A Report to the Committee on Foreign Relations United States Senate. By Senator James M. Jeffords and Senator Hank Brown. Washington D.C.: Government Printing Office, November 1993.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East March 1994: Hearing and Markup of H. Con. Res, 124 before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd Cong., 2nd sess., 1 March 1994.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East March 1993: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd Cong., 1st sess., 21 October 1993.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East July 1993: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd Cong., 1st sess., 27 July 1993.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East March 1993: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 103rd Cong., 1st sess., 9 March 1993.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 102nd Cong., 2nd sess., 24 and 30 June 1992.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Islamic Fundamentalism in Africa and Imlications for U.S. Foreign Policy: Hearing before the Subcommittee on Africa. 102nd Cong., 2nd sess., 20 May 1992.
U.S. Congress. House. Committee on Foreign Affairs. Developments in the Middle East: Hearing before the Subcommittee on Europe and the Middle East. 102nd Cong., 2nd sess., 17 March 1992.
Zudaida Sami. Islam the People and the State. London, New York: I. B. Tauris, 1993.