تم النشر في : حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، الحولية 39، الرسالة 516، مارس 2019 (ص. 9-104)

الباحثون:

د. حامد حافظ العبدالله – قسم العلوم السياسية – جامعة الكويت

د. حسن عبدالله جوهر – قسم العلوم السياسية – جامعة الكويت

أ. د. حسني حمدي – قسم الطرق الكمية – جامعة الكويت

ملخص البحث

شهدت الحقوق السياسية للمرأة الكويتية مسيرة طويلة امتدت على مدى نصف قرن من زمان، فقد واكبت المطالبات المتكررة لمشاركة المرأة في الحياة السياسية بداية العهد الدستوري في أعقاب استقلال دولة الكويت عام 1961، واستمرت في صراع بين متطلبات الدولة المدنية الحديثة القائمة على الانفتاح من جهة، والقيود الثقافية والاجتماعية التي فرضتها القيم المحافظة والتأثير الديني من جهة أخرى، حتى تكللت تلك الجهود بالنجاح في 16 مايو 2005 عندما أقر مجلس الأمة قانون تمكين المرأة من المشاركة السياسية ترشيحاً وانتخاباً.

تجربة المرأة السياسية القصيرة شهدت بدورها حالة متذبذبة في القدرة التنافسية على مقاعد البرلمان، حيث حققت مكاسب سياسية مهمة خاصة في انتخابات عام 2009 لكنها سرعان ما تراجعت بقوة إلى نقطة الصفر لتعود بعدها إلى الصعود التدريجي لكن بشكل متواضع.

تهدف هذه الدراسة إلى تقييم التجربة البرلمانية للمرأة الكويتية منذ إقرار قانون الحقوق السياسية لها عام 2005، وذلك من خلال مسح ميداني شمل عينة من 544 مشاركاً من الجنسين ومن مختلف الفئات العمرية موزعين على جميع المناطق الانتخابية، مع مراعاة المستوى التعليمي والتصنيف الوظيفي والدائرة الانتخابية والانتماء السياسي للمشاركين في الدراسة، كما تم التركيز على قياس مؤشر الوعي السياسي في تقييم الأداء السياسي للمرأة ومعوقات تمثيلها في المجالس النيابية وفرص إعادة تمكينها في المعترك البرلماني في المستقبل.

بينت نتائج هذه الدراسة أهمية الوعي السياسي وقدرة الناخب الكويتي من الجنسين على متابعة وتقييم الأداء السياسي للمرأة وتشخيص أسباب تراجع دورها في التمثيل البرلماني، والمعوقات التي تعتري فرص منافسة المرأة في الحياة السياسية، الأمر الذي يستدعي تنمية قدرات المرأة وتطوير أدائها للاستمرار في هذه التجربة السياسية بنجاح.

خلصت الدراسة أيضاً إلى طرح جملة من التوصيات التي من شأنها تذليل العوائق في طريق منافسة المرأة في المعترك السياسي الكويتي، وفي مقدمة تلك الاقتراحات إعادة تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني وتحديداً الجمعيات النسائية، وعودة مؤسسات الدولة إلى التركيز على دور المرأة، والاستغلال الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة، واستهداف المرأة للفئات الأقل تحمساً تجاه المرأة وذلك عبر تكثيف وجودها الميداني في العمق المجتمعي.

——————————————-

المصطلحات الأساسية: المشاركة السياسية، مشاركة المرأة السياسية، البرلمان، الانتخابات.

Evaluation of the Parliamentary Experience

of Kuwaiti Women (2006-2016): A Field Survey

 

Abstract

Since the independence of the country in 1961, Kuwaiti woman has struggled to gain her political rights. The conflict between religious and social obstacles, and the need to establish a modern civil state shaped this challenge. It was not until 2005 when the Kuwaiti Parliament passed a legislation to grant women their political rights. In the 2009 elections, four women were elected for the parliament for the first time, but the number decreased in next elections to one or none.

The aim of this paper it to evaluate women’s parliamentary performance since 2005, and to explore the reasons of the decline of women’s representation in the parliament.

To fulfill this goal, a survey study was carried including a sample of 544 participants of both sex, taking into consideration gender, education, job, age, electoral constituency and political trends as main variables of study.

Examining political awareness, religious and social obstacles, parliamentary performance and the chances of winning in forthcoming elections are also among the goals of this paper.

The study recommends several elements to strengthen the political status of women in Kuwait. For example, reinforce the role of women civil societies, the positive usage of social media and to target the social groups who shows less support to women political rights and participation.

——————————————-

Key Words: Political participation, Women political participation, Elections, Parliament.

المقدمة

واكبت مسيرة المرأة الكويتية للحصول على حقوقها السياسية، والتي استهلت بالتزامن مع فجر الاستقلال والعهد الدستوري عام 1961، وامتدت على مدى نصف قرن من الزمن، الكثير من المحطات التاريخية التي ناضلت خلالها المرأة ومناصروها لنيل هذا المكسب الذي ينطلق في فلسفته من الرغبة المؤكدة في المشاركة في صنع القرار السياسي على قدم المساواة في ظل دولة مدنية حديثة، مرجعيتها الدستور وحاكميتها سيادة القانون، فالمشاركة السياسية تعني ألا يحجب أي رأي عن التعبير بغض النظر عن منصبه أو جنسه (Matthes, 2010).

فقد تميزت الكويت في محيطها العربي بشكل عام، وإقليمها الخليجي تحديداً، بعدة أمور منها استقرار قواعد المجتمع المدني المتقدم وأجواء الحريات العامة والصحافة الحرة نسبياً، ووجود برلمان منتخب وفاعل يتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية حقيقية، إضافة إلى نظام الديوانية حيث يتجمع الأفراد على نطاق مجتمعي واسع للحوار فيما يهمهم ومناقشة مختلف القضايا السياسية بصفة مستمرة ودونما أية قيود (Kapiszewski, 2006).

كما لعبت المرأة دوراً حيوياً وفاعلاً في الحياة الاجتماعية في فترة ما قبل الاستقلال واكتشاف النفط، ففي حين كان الرجل مشغولاً في رحلات الغوص صيفاً والسفر للتجارة شتاءً على مدى تسعة أشهر من العام الواحد للحصول على رزقه، كانت المرأة تقوم بدورها كربة أسرة تشرف على عائلتها وتتحمل مسؤوليتها كاملة في غياب الرجل (السداني، 1994، ص. 10)، كما ساهمت المرأة الكويتية في تعزيز الاقتصاد المحلي من خلال امتهان العديد من الحرف اليدوية التقليدية والأساسية وإقامة مركز تجاري متكامل ما زال قائماً ويعرف بـ “سوق الحريم”، وعلى الرغم من أن دستور دولة الكويت لعام 1962 قد نص على المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات كما جاء في المادة (29) “الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق الواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين”، إلا أن قانون الانتخابات الصادر في عام 1962 قد حصر الهيئة الناخبة في الذكور دون الإناث، فقد جاء في المادة الأولى من القانون أن “لكل كويتي من الذكور بالغ من العمر إحدى وعشرين سنة ميلادية كاملة حق الانتخاب”.

مع صدور هذا القانون حرمت المرأة من حقها في المشاركة السياسية، وقد يكون ذلك راجعاً بالدرجة الأولى إلى بيئة الثقافة السياسية التقليدية السائدة آنذاك (الكندري، 2008، ص. 14)، وكان لا بد للمرأة أن تخوض نضالاً صعباً منذ السبعينيات حتى عام 2005 لكي تحصل على حقها في المشاركة السياسية (المعوشرجي، 2011، ص. 294)، وقد أخذ هذا الموضوع مبادرات متنوعة على مستوى الإجراءات والمساهمات البرلمانية إضافة إلى المساعي الحكومية التي جاءت في أعقاب تحرير الكويت من الاحتلال العراقي عام 1991، حيث كانت مسألة الحقوق السياسية للمرأة دقيقة وحساسة وتختلجها الكثير من الاجتهادات والمواقف والآراء السياسية والفقهية والقيود المجتمعية، فكانت بحاجة إلى المزيد من التأني والمرحلية في العرض.

فقد تدرجت المطالبات الشعبية وكذلك المحاولات البرلمانية في أروقة مجلس الأمة منذ عام 1971 عندما أطلقت الدعوة، ولأول مرة في الحياة الدستورية، إلى منح الحقوق السياسية للمرأة في الكويت، إذ تقدم النائب سالم خالد المرزوق من كتلة النواب الديمقراطيين في البرلمان باقتراح بقانون يمنح المرأة الكويتية حق الانتخاب، ولم يحرز هذا الاقتراح النجاح إذ لم يوافق عليه سوى 12 نائباً، في حين التزمت الحكومة جانب الحياد حيث امتنع الوزراء عن التصويت.

في عام1971 أقيم أول مؤتمر نسائي كويتي في رحاب جمعية النهضة الأسرية انتهى إلى اقتراح مجموعة من التوصيات تم رفعها من خلال عريضة شعبية إلى رئيس مجلس الأمة (الفريح، 2004، ص. 380)، واشتملت على جملة من المطالب الخاصة بالمرأة وفي طليعتها حق ممارسة عملية الانتخاب دون شروط، وقد تم إحالة الموضوع إلى لجنة العرائض والشكاوي في البرلمان حيث بحثتها اللجنة على مدى ستة اجتماعات أسفرت عن حفظها تبعاً للمادة 165 من اللائحة الداخلية للمجلس، وبأغلبية ثلاثة أصوات مقابل صوتان، وفي 25 نوفمبر 1973 بدأ المجلس في مداولة تقرير اللجنة خلال ثلاثة جلسات شهدت مناقشات مستفيضة طرحت فيها الآراء المؤيدة والمعارضة واكتفى المجلس بالنقاش العام دون اتخاذ أي قرار (Al-Sabah, 2013).

وفي عام 1974 وخلال الحملة الانتخابية للفصل التشريعي الرابع، خاضت قائمة نواب الشعب الانتخابات العامة ببرنامج انتخابي شامل احتلت قضية المرأة فيه أهمية بارزة، خاصة فيما يتعلق بحق الترشيح والانتخاب، إضافة إلى حقها في تقلد كافة المناصب الإدارية والمهنية والسياسية، حيث تقدم النائبان جاسم القطامي وراشد الفرحان لاحقاً بأول اقتراح بقانون مفصل يدعو إلى إعطاء المرأة كافة الحقوق السياسية في الترشيح والانتخاب، ولكن لم يتم النظر في هذا القانون بسبب حل مجلس الأمة في عام 1976.

تكررت المحاولات النيابية الأخرى في الفصل التشريعي الخامس عام 1981 عندما تقدم النائب أحمد فهد الطخيم باقتراح بقانون يقضي بتعديل المادة من القانون 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة بحيث يعطى المرأة حق الانتخاب فقط، إلا أن اللجنة المختصة بمجلس الأمة، وهي لجنة الشؤون الداخلية والدفاع، انتهت بإجماع أعضائها إلى عدم الموافقة على الاقتراح وذلك لعدم تهيؤ الأذهان في “الظروف الحاضرة” للأخذ بالفكرة السابقة لأوانها وصعوبة تنفيذ مقتضاها إزاء احتمالات ما يمكن أن يترتب عليه من مفارقات لم يحن الوقت بعد لتقبلها قبولاً حسناً، ولا يدرك مدى أثرها في الحياة العامة والسياسية في المجتمع الكويتي بتقاليده وأعرافه (غرايبة والعيدة، 2006، ص. 15).

وبعرض الموضوع على مجلس الأمة بتاريخ 19 يناير 1982 نوقش الاقتراح حيث انقسم المجلس إلى فريقين ما بين مؤيد ومعارض فيما التزمت الحكومة جانب الحياد فامتنعت عن التصويت، وجاءت نتيجة التصويت مخيبة لآمال أنصار الحقوق السياسية للمرأة وبفارق كبير جداً حيث لم يوافق على المشروع من حيث المبدأ سوى سبعة أعضاء، بينما بلغت الأصوات التي رفضت المشروع سبعة وعشرين صوتاً.

وفي عام 1986 تقدم النائب عبدالرحمن الغنيم باقتراح جديد يقضي بمنح المرأة حق الترشيح والانتخاب، حيث تم رفضه مجدداً من قبل لجنة الشؤون الداخلية والدفاع ودون عرضه للنقاش العام في مجلس الأمة (غرايبة والعيدة، 2006، ص. 15).

وفي محاولة جديدة تأخذ بعين الاعتبار الجوانب الشرعية في موضوع الحقوق السياسية للمرأة تقدم النائب حمد الجوعان بتاريخ 22 أكتوبر 1992 باقتراح قانون يقضي بمنح المرأة حق التصويت مع خفض سن الناخب إلى ثماني عشرة سنة ميلادية مع دراسة مدى جواز إعطاء المرأة حق الترشيح لعضوية مجلس الأمة في إطار القواعد الشرعية، وأحكام الدستور، والتقاليد الاجتماعية، ويتم ذلك عن طريق لجنة تشكل بقرار من رئيس الوزراء من سبعة أعضاء يختارون من بين علماء الدين، وخبراء القانون والاجتماع الذين ترشحهم الهيئات الدينية والعلمية.

وقد أقرت اللجنة التشريعية والقانونية هذا الاقتراح، وأوصت بتشكيل اللجنة المشار إليها في الاقتراح على أن تقدم تقريرها خلال شهرين من تاريخ تشكيلها، إلا أن الاقتراح تم رفضه من قبل لجنة الشؤون الداخلية والدفاع، ولم يعرض الأمر على مجلس الأمة للمناقشة العامة والتصويت عليه، وتكررت المحاولة عام 1994 في نفس الفصل التشريعي باقتراح جديد لم يكتب له النجاح أيضاً، حيث تم رفضه من جانب لجنة الشؤون الداخلية والدفاع، استناداً هذه المرة لموقف الشريعة الإسلامية الرافض في تقديرها لمنح المرأة حقوقها السياسية.

جاءت المحاولة البرلمانية التالية للاعتراف للمرأة بمباشرة حقوقها السياسية خلال الفصل التشريعي الثامن عام 1996 بتقديم اقتراحين بقانون في ذات الشأن، غير أن فشل هذه المحاولة جاء هذه المرة على يد اللجنة التشريعية والقانونية، حيث أعلن رئيسها عن رفض اللجنة بالإجماع للقانون المقترح استناداً إلى الفتوى المقدمة من قطاع الإفتاء بوزارة الأوقاف التي تؤكد عدم شرعية المشروع.

وفي أعقاب حل مجلس الأمة في مايو 1999، تقدمت الحكومة بمبادرة هي الأولى في تاريخ الكويت السياسي فيما يتعلق بموقفها العملي إزاء حقوق المرأة السياسية، بناءً على رغبة أميرية تمثلت بإصدار المرسوم بقانون رقم 9 لسنة 1999، وتبعاً للمادة 71 من الدستور يجب عرض المراسيم بقوانين الصادرة عن السلطة التنفيذية في حال غياب مجلس الأمة على المجلس خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها إذا كانت المجلس قائماً، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، وبعرض المرسوم على مجلس الأمة تم رفضه لأسباب يتعلق بعضها بالموقف المسبق الرافض لحقوق المرأة السياسية من قبل بعض أعضاء المجلس، والبعض الآخر بسبب رفض الأعضاء للمرسوم لاتخاذه منفرداً من السلطة التنفيذية، وقفزاً على الصلاحيات التشريعية لمجلس الأمة خلال فترة حله، وعدم توفر صفة الاستعجال والضرورة غير القابل للتأخير، خصوصاً بعد صدور الدعوة الناخبين لاختيار أعضاء مجلس الأمة الجديد.

في هذه الأثناء، ومع بداية الفصل التشريعي التاسع فقد تقدم مجموعة من النواب باقتراح بقانون لمنح الحقوق السياسية للمرأة، ونجح الأعضاء المؤيدون لحقوق المرأة هذه المرة في إعطائه صفة الاستعجال وتقديمه على جدول أعمال المجلس للنقاش العام رغم رفض الاقتراح من قبل لجنة شؤون الداخلية والدفاع، وتميزت المحاولة البرلمانية الأخيرة بالحيوية والاستنفار غير المسبوقين على صعيد الأطراف المؤيدة والمعارضة لهذا المشروع على حدٍ سواء، وعلى كافة الأصعدة والفعاليات المحلية مثل الصحافة وجمعيات النفع العام والنقابات إضافة إلى المهرجانات الخطابية والمنتديات الاجتماعية، وفي ظل رصد إعلامي خارجي بارز.

وفي جلسة يمكن وصفها بالتاريخية، خصصت لهذا الغرض، تمت المناقشة العامة بين المؤيدين والمعارضين وانتهى المجلس إلى التصويت على القانون المقترح من حيث المبدأ حيث جاءت نتيجة التصويت 30 صوتاً مؤيداً مقابل 32 صوتاً معارضاً وامتناع اثنان عن التصويت (المعوشرجي، 2011، ص. 295)، وقد كانت الحكومة، باستثناء أحد أعضائها، من الموافقين على هذا القانون، ورغم فشل هذه المحاولة الأخيرة، إلا أنها تعتبر من أقوى المحاولات التي شهدها تاريخ المطالبة بحقوق المرأة السياسية في دولة الكويت، حيث أقر مجلس الوزراء في عام 2003 جملة من التعديلات على قانون البلدية لمنح المرأة تمثيلاً في المجلس البلدي ترشيحاً وانتخاباً وتعييناً (Al-Mughni, 2010, p. 17).

أخيراً، في عام 2005 توّجت جهود المرأة النضالية حين نالت المرأة حقها في الانتخاب والترشيح من خلال مشروع قانون تقدمت به الحكومة لمجلس الأمة، والذي تم التصويت عليه بالموافقة، رغم بعض القيود التي وضعها النواب المحسوبين على التيارات الإسلامية بأن تلتزم المرشحة لخوض الانتخابات البرلمانية بالقيود الشرعية (Al-Mughni, 2010, p. 17).

لم تلق تجربة المرأة في الترشيح للانتخابات العامة التي تلت إقرار القانون الجديد بين عامي 2006 و 2008 أي نجاح، إلا أنه في انتخابات عام 2009 حصلت أربع مرشحات من ذوات المؤهلات والكفاءات العالية على مقاعد في البرلمان في سابقة تاريخية في مسيرة مشاركة المرأة في العملية السياسية، وكانت الفائزات معصومة المبارك، أسيل العوضي، رولا دشتي، سلوى الجسار، جميعهن من حملة شهادة الدكتوراه ويمثلن ثلاث دوائر انتخابية من مجموع الدوائر الخمس على مستوى الكويت (أسيري، 2017)، كما حملن إيديولوجيات فكرية وانتماءات مذهبية وخلفيات تاريخية متعددة ومختلفة، مما عكس رؤى وتنوع المجتمع الكويتي لمثل تلك الشرائح النسائية وتمثيلهن في المجتمع بشكل وصفي (العرادي، 2013، ص. 104).

لم يكتب لأول مجلس أمة يمثل كامل المجتمع الكويتي الاستمرار، إذ حل في ديسمبر 2011 لانعدام التعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأجريت انتخابات جديدة في فبراير 2012، التي حملت بدورها مفاجأة أخرى تمثلت بخسارة المرأة لجميع مقاعدها النيابية، الأمر الذي فسرته وفاء العرادي (2013، ص. 106) على ضوء الرؤى الاجتماعية المتباينة ونظراً للاختلافات الاجتماعية وتعارض الأولويات والمصالح السياسية، وبعد جدل سياسي ودستوري استمر لعدة شهور أعيدت انتخابات الفصل التشريعي الرابع عشر إثر قرار المحكمة بإبطال نتائج انتخابات فبراير 2012، واستعادة صلاحيات المجلس المنحل الذي لم ينعقد استمراراً للخلاف البرلماني الحكومي على خلفية ما عرف بأزمة الإيداعات والتحويلات المليونية التي أعاقت الجهود النيابية للتحقيق فيها.

جاءت أجواء إعادة الانتخابات العامة في ديسمبر 2012 مثيرة للجدل ووسط احتجاجات شعبية واسعة سادت خلالها مظاهر التوتر والعنف والمصادمات مع قوات الأمن، كما أقدمت الحكومة على تعديل نظام التصويت الانتخابي بعد اكتساح المعارضة لمقاعد البرلمان وحصولها على الأغلبية المطلقة، مما أدى ذلك إلى مقاطعة العديد من التيارات السياسية ذات التوجهات الوطنية والدينية والقبلية للانتخابات، وقد ساهمت هذه المعطيات إضافة إلى غياب الرموز السياسية الكبيرة وعدم إجراء الانتخابات الفرعية بتعزيز فرص منافسة المرأة حيث فازت ثلاث مرشحات من بينهن وجوه جديدة ومن مناطق تهيمن عليها القيم الدينية والمحافظة، وهن معصومة المبارك، صفاء الهاشم وذكرى الرشيدي، التي تعد أول امرأة من أصول قبلية تصل إلى قبة البرلمان ثم تتولى الحقيبة الوزارية.

تكرر سيناريو إلغاء نتائج انتخابات ديسمبر 2012، وتم إعادتها في يوليو 2013، حيث شهد تمثيل المرأة انتكاسة جديدة تمثلت في فوز مرشحة واحدة فقط لعضوية البرلمان، إلا أن النائب صفاء الهاشم سرعان ما تقدمت باستقالتها مع مجموعة من أعضاء مجلس الأمة احتجاجاً على عرقلة الحكومة للاستجوابات النيابية ليخلو المجلس مجدداً من التمثيل النسائي، إلا أن السيدة صفاء الهاشم استعادت منفردة مقعدها النيابي في الانتخابات المبكرة لعام 2016 لتحافظ على التمثيل الوحيد عن الشريحة النسائية في مجلس الأمة.

رغم التفاوت الكبير في مؤشرات منافسة المرأة سياسياً خلال الفترة القصيرة من إقرار قانون الحقوق السياسية، تظل المرأة عاملاً فاعلاً كناخبة ورقماً مؤثراً في صناديق الاقتراع لأنها تشكل ما يزيد عن 50% من عدد المواطنين وفقاً للإحصائيات السكانية (الإدارة المركزية للإحصاء، اُسترجعت في تاريخ 19 ديسمبر، 2017 من https://www.csb.gov.kw).

 كما تشهد عملية التسجيل في القيود الانتخابية زيادة مضطرة سنوياً في القاعدة الانتخابية النسائية على مستوى الدوائر الانتخابية المختلفة كما هو مبين في الجدول رقم (1).

إلا أنه في رأي سهام القبندي (2013)، هناك عدة عوامل تؤثر على مشاركة المرأة السياسية وفاعليتها ميدانياً، إذ يعود بعضها لمؤثرات اجتماعية وثقافية بالإضافة إلى قلة وعي المرأة بحقوقها الدستورية ومحدودية وسائل التنشئة السياسية، كما تسيطر الثقافة السائدة في المجتمع على توجيه المرأة للاعتماد على الرجل اقتصادياً، مما يبطئ طموحها واهتمامها بالمشاركة في عملية صنع القرار.

يضيف فوزي المعوشرجي (2011) بأن ثقافة المجتمع ومنظومة القيم والتقاليد الاجتماعية التي تتلاقى مع خصائص الثقافة السياسية في المجتمع الكويتي وبعض تفسيرات وتأويلات أحكام الشريعة الإسلامية تعد من العراقيل المهمة التي تقف بوجه مشاركة المرأة السياسية وتؤثر على حظوظها للوصول إلى قبة البرلمان، حيث لعبت هذه العوامل دوراً سلبياً في فرص نجاح المرأة بعد إقرار قانون الحقوق السياسية مباشرة وتجلى ذلك بوضوح في الانتخابات العامة عامي 2006 و 2008.

جدول (1) عدد الناخبين من الذكور والإناث في الدوائر الانتخابية (2007-2016)

الدائرة200720122016
ذكورإناثالمجموعذكورإناثالمجموعذكورإناثالمجموع
الأولى287743601064784347834009374876363994184678245
44.4%55.6%46.5%53.5%46.5%53.4%
الثانية183932149639889225032526947772249302782552755
46.2%53.8%47.1%52.9%47.3%52.7%
الثالثة240183224056258330024006373065372454425681501
42.7%57.3%45.2%54.8%45.7%54.3%
الرابعة37115537279088248525598701083955669166468123159
42.0%58.0%44.3%55.1%46.0%54.0%
الخامسة41852531299498157941605201184616413266897131029
44.1%55.9%48.9%51.1%48.9%51.1%

 

– المصدر: السعيدي، صالح بركه. (2012). حصاد الدوائر الخمس: دراسة تحليلية لانتخابات 2008-2009-2012. الكويت: د. ن. (ص 38، 64، 98، 142، 182).

من ناحية أخرى، بينت نتائج الدراسة التي أجراها المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية (2007) بعنوان “الكويت: نظرة المواطن للمرأة في السياسة”، أن من ضمن التحديات والعراقيل التي تواجه المرأة الكويتية في سعيها للوصول إلى مقاعد البرلمان هي المواقف الملتبسة التي كشفتها آراء العينة المستطلعة حول النساء كزعيمات سياسيات، التي تتراوح بين التصورات الإيجابية للمساهمة البناءة للنساء في تنمية الوطن، والافتراضات السلبية حول عدم قدرتهن على العمل التشريعي القائمة على تصنيفات نمطية وثقافية، إضافة إلى محدودية التقنيات التي اعتمدتها النساء في تنظيم الحملات الانتخابية وافتقارهن لبرامج سياسية قوية، كما كشفت أيضاً انعدام ثقة ودعم المرأة الكويتية للنساء سياسياً، مع اتفاق عموم المشاركين على ضرورة احترام المرشحة لتقاليد المجتمع من خلال مظهرها، الذي يجب أن يلائم مظهر المرأة المسلمة، وهو ما يعكس تحدي الثقافة الدينية السائدة في المجتمع.

تعقيباً على نتائج انتخابات 2006 التي شاركت فيها المرأة لأول مرة ولم ينجح العنصر النسائي في اختراق مقاعد مجلس الأمة، فقد أوضحت نتائج دراسة المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية مجموعة من الأسباب التي أدت إلى ذلك ومنها:

 أ- استمرار التأثير السلبي للنزعة القبلية.

ب- المعارضة الشديدة من المجموعات الدينية ومؤسساتها والتيارات التابعة لها.

ج- التوجهات الإعلامية المضادة للمرأة منذ إقرار قانون الحقوق السياسية الجديد.

د- عدم ثقة الناخبين في قدرات النساء البرلمانية.

هـ- الافتقار إلى التجربة وإلى قاعدة صلبة من الخبرة السياسية.

على الرغم من فوز المرأة في الانتخابات اللاحقة عام 2009 بأربعة مقاعد، إلا أن اسقاطات نتائج الدراسة المشار إليها على انتخابات فبراير 2012، حيث لم تفز أية امرأة، ثم انتخابات ديسمبر 2012 التي انتهت بحصولها على مقعد واحد فقط، واستمرار نفس هذا المعدل المتواضع تباعاً في انتخابات فبراير 2013 وأخيراً في انتخابات يوليو 2016، قد تعكس جانباً حقيقياً من واقع نظرة المجتمع إلى مشاركة المرأة السياسية، وقد تفسر أيضاً هذا التراجع الحاد في التمثيل النسائي في مجلس الأمة الكويتي.

بحسب تحليل عبدالرضا أسيري (2017)، يعود سبب تراجع التمثيل النسائي في البرلمان إلى ضعف الإنجازات البرلمانية من قبل النائبات، إذ لم تكن بالمستوى المتوقع أو المطلوب، ومعارضتهن للعديد من القوانين الشعبية ذات الكلفة المالية مثل زيادة أجور الموظفين ومكافآت طلبة الجامعات والمعاهد العليا، علاوة على قلة الظهور الإعلامي والتواصل مع جمهور الناخبين، مما أدى إلى اهتزاز الثقة في أدائهن النيابي.

بينما يرى مشعل الصباح أن من أهم التحديات والمعوقات المستقبلية التي تواجه المرأة تتمثل في العامل القبلي الذي لا زال يلعب دوراً مؤثراً في الحياة السياسية في الكويت، حيث يرى في مشاركة المرأة مظهراً من مظاهر التغريب الذي يهدد الثقافة وطريقة الحياة، كما يقف في نفس الصف والرؤية أصحاب التوجهات الإسلامية المحافظة، الذين يعتبرون الجمعيات النسوية انعكاساً “للغرب غير الأخلاقي” (Al-Sabah, 2013).

أخيراً، يعتقد فارس الوقيان (2009) أن قلة التمثيل النسائي في مجلس الأمة نابع من النظرة التقليدية المحافظة تجاه المرأة وانعكاس لسياسات التهميش التي عانت منها لفترات طويلة ورؤية المجتمع حيالها، والتي “ما زالت تدور في فلك الموروث التاريخي الذي يمنح المرأة مرتبة دونية عن الرجال” (ص. 54).

بناءً على العرض السابق، يهدف هذا البحث إلى دراسة تجربة عضوية المرأة الكويتية في مجلس الأمة واستشراف مستقبل التمثيل النسائي في الحياة البرلمانية، انطلاقاً من دراسة ميدانية كمية تسعى إلى اختبار نتائجها على ضوء التحليلات والتفسيرات التي تم الإشارة إليها آنفاً.

أولاً: الإطار العام للدراسة

(1) هدف الدراسة:

يهدف البحث إلى استكشاف تجربة المرأة الكويتية كنائب في مجلس الأمة منذ أن نالت حقها السياسي عام 2005 وحتى وقتنا الحاضر، فقد خاضت المرأة الكويتية، ومن خلفها التيارات الوطنية والنشطاء في المجال الحقوقي والمدني، نضالاً طويلاً لنيل حقوقها السياسية منذ عام 1959 عندما قامت إحدى السيدات الكويتيات بخلع عباءتها أمام الجماهير كتعبير رمزي لنهاية عهد تهميش المرأة وبدء مرحلة جديدة في المشاركة الاجتماعية والثقافية والسياسية في المجتمع الكويتي، وقد مر هذا النضال بمراحل من الصعود والهبوط، والتثبيط والتحفيز، مجتمعياً وبرلمانياً إلى أن نالت حقوقها السياسية كاملة في الترشيح والانتخاب في مايو 2005 بتوافق حكومي وبرلماني قل نظيره في طبيعة العلاقة بين السلطتين.

لم يكتب النجاح لتجربة ترشح المرأة في انتخابات 2006 أو 2008، إلا أن عام 2009 كان استثنائياً في تاريخ العمل البرلماني والسياسي النسائي، حين حصلت أربع مرشحات على مقاعد في مجلس الأمة الكويتي مما اعتبر تتويجاً لنضالهن الطويل، إلا أن هذا العدد شهد تراجعاً حاداً في أربعة انتخابات مبكرة تالية منذ عام 2012 وحتى عام 2016 حيث فقدت كامل مقاعدها ثم اكتفت بفوز خجول تمثل في مقعد برلماني وحيد، الأمر الذي يستدعي تشخيص أسباب وعوامل هذا التراجع بطريقة منهجية وعلمية، ولذا جاء التركيز على دراسة متغيرات الجنس والفئة العمرية والوظيفة والمؤهل الدراسي والدائرة الانتخابية والتوجه السياسي وتأثيرها على هذا التراجع، إضافة إلى محاولة استشراف فرص زيادة تمثيل المرأة في مجلس الأمة الكويتي مستقبلاً بعد تحديد العقبات التي تحول دون ذلك، وقد توقفت الدراسة عند تأثير هذه المتغيرات على محاور البحث الرئيسية المتمثلة بالوعي السياسي ومعوقات تمثيل المرأة وتقييم الأداء السياسي لتجربة النائبات في المجلس وفرص التصويت للمرأة في الانتخابات القادمة.

(2) مشكلة الدراسة:

تكمن المشكلة الأساسية التي ينطلق منها البحث في معرفة الأسباب والعوامل التي أدت إلى تراجع التمثيل النسائي في الانتخابات البرلمانية الكويتية خلال الفترة بين عامي 2012 و 2016 حيث حصلت مرشحة واحدة فقط على مقعد برلماني مقارنة بالتجربة الناجحة في انتخابات 2009 حين حصلت أربع مرشحات على مقاعد برلمانية في سابقة سجلت أعلى تمثيل نسائي في تاريخ المشاركة السياسية للمرأة في انتخابات مجلس الأمة الكويتي، وللوصول إلى صلب المشكلة فقد استعرض التاريخ النضالي للمرأة الكويتية لنيل حقوقها السياسية، بالإضافة إلى إجراء دراسة ميدانية تطبيقية على عينة من المجتمع الكويتي لاستخلاص آرائها حول العوامل التي أدت إلى تراجع التمثيل النسائي، ومن ثم استشراف فرص نجاحها في الانتخابات القادمة.

(3) الأسئلة البحثية:

يهدف البحث إلى الإجابة عن الأسئلة الرئيسية التالية:

  1. ما هي مؤشرات قياس الوعي السياسي في المجتمع الكويتي؟
  2. ما هو تقييم أفراد العينة الممثلين للمجتمع الكويتي لتجربة المرأة في مجلس الأمة؟
  3. لماذا تراجع التمثيل النسائي في مجلس الأمة في الانتخابات العامة خلال الفترة من 2012 وحتى 2016؟
  4. ما دلالة تأثير متغيرات كل من الجنس، العمر، الوظيفة، المؤهل الدراسي، الدائرة الانتخابية، التيار السياسي على تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل؟

(4) فرضيات الدراسة:

ينطلق البحث من فرضية أساسية مفادها أن فرص نجاح المرأة في الانتخابات القادمة يعتمد على استهداف الشرائح المجتمعية التي ترى أن تجربتها السابقة في البرلمان لم تحقق الهدف المرجو ولم تكن على مستوى طموح مختلف فئات الشعب الكويتي.

يتفرع من هذه الفرضية الأساسية مجموعة من الفروض الثانوية تشكل أساساً محورياً لفهم العوامل التي أدت لتراجع التمثيل النسائي كالقيود المجتمعية المفروضة على المرأة، إضافة إلى تشكيل أرضية علمية يمكن من خلالها استشراف زيادة فرص وصول المرأة إلى مقاعد مجلس الأمة الكويتي مجدداً، وهي كالآتي:

  1. متغير الجنس يلعب دوراً مؤثراً في تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل.
  2. متغير العمر يلعب دوراً مؤثراً في تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل.
  3. متغير الوظيفة يلعب دوراً مؤثراً في تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل.
  4. متغير المؤهل الدراسي يلعب دوراً مؤثراً في تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل.
  5. متغير الدائرة الانتخابية يلعب دوراً مؤثراً في تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل.
  6. متغير التيار السياسي يلعب دوراً مؤثراً في تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل.

(5) الدراسات السابقة:

تناولت عدة دراسات موضوع مشاركة المرأة السياسية في الكويت، بعضها تتبّع التطور التاريخي لهذه المسيرة، بينما ركزّ البعض الآخر على الجانب الشرعي والفقهي، ونحا البعض الآخر إلى عرض المسألة من الجوانب الدستورية والقانونية، ولكن يلاحظ قلة الدراسات التي تناولت بالشرح والتحليل تقييم تجربة مشاركة المرأة الكويتية في العملية البرلمانية والسياسية وانعكاساتها على مستقبل هذه التجربة ونجاحها، وهو ما تهدف هذه الدراسة إلى القيام به.

فقد تطرقت دراسة هيا المغني (Al-Mughni, 2010) إلى التطور الإيجابي الذي طرأ على حقوق المرأة السياسية في الكويت منذ إقرار قانون حق المرأة الانتخابي عام 2005 وذلك بعد مخاض صعب ومسيرة شاقة، فعلى الرغم من أن المرأة الكويتية لا يحق لها ولوج سلك السلطة القضائية، إلا أنها نجحت بالوصول إلى منصب الوزارة لأول مرة بتعيين الدكتورة معصومة المبارك كوزيرة للتخطيط، وأوضحت المغني أنه بالرغم من العراقيل الاجتماعية والدينية التي تم إثارتها ضد حقوق المرأة السياسية، إلا أن أربع من المرشحات قد نجحن في الوصول إلى قبة البرلمان الكويتي في انتخابات 2009، كما بينّت حجم مشاركة المرأة في التيارات السياسية وجمعيات النفع العام والمجتمع المدني إضافة إلى وسائل الإعلام بكافة صورها وأشكالها، وخلصت الباحثة إلى ضرورة تشريع قوانين تساوي المرأة والرجل في الحقوق الاجتماعية، كالحق في السكن، إضافة إلى ضرورة زيادة فاعلية مشاركة المرأة في وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.

وتناولت دراسة مريم الكندري (2008) المعنونة “حقوق المرأة السياسية في مجلس الأمة الكويتي: دراسة في تحليل مضمون مضابط مجلس الأمة من 1971-2005” تحليل مضمون المناقشات الواردة في عينة من مضابط مجلس الأمة الكويتي حول قضية منح المرأة حقوقها السياسية من خلال تعديل القوانين المعيقة والمعرقلة لذلك وفق المنهج التاريخي ومنهج تحليل المضمون، وقد تركزت محاور الدراسة في أثر الانتماء السياسي على موقف النواب من منح المرأة حقوقها السياسية، وأثر المتغيرات الشخصية كدرجة التحضر والمستوى التعليمي والتطرق لأبرز الأفكار الرئيسية كما ورد في مضابط مجلس الأمة.

وقد بينت الدراسة أن هناك فروقاً في طرح الموضوع ومناقشته ودرجة التأييد بين أصحاب التيارات الدينية والسياسية في مجلس الأمة الكويتي، وأن هناك أزمة فكرية مرتبطة بهذه الحقوق المنعكسة في الخطاب السياسي الرسمي للمنتمين إلى التكتلات السياسية المتشددة دينياً، مما يستوجب تحرك المؤسسات السياسية الحكومية وغير الحكومية إلى نبذ مثل هذا الطرح ودعم الثقافة الدينية المعتدلة وقيمها السمحة كبديل أيديولوجي يتوافق مع الحاجات التنموية للمجتمع السياسي الكويتي.

وفي بحث “توجهات المرأة الكويتية بشأن المشاركة السياسية: دراسة استشرافية”، أوضح خالد الشلال (2008) الحاجة إلى معرفة توجهات المرأة الكويتية بشأن المشاركة السياسية واستعدادها لممارسة العمل السياسي، كذلك معرفة ما إذا كان لدى المرأة الكويتية رؤية بشأن القضايا ذات الصلة بحقوقها السياسية مع الأخذ بعين الاعتبار أثر المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية في التوجهات والرؤى السياسية للمرأة الكويتية.

وبعد أن عرض الباحث دور المرأة الكويتية كوجود فاعل في المجتمع خصوصاً في مجالي التعليم والعمل، تناول الإشكالات أمام المشاركة السياسية المتمثلة بقانون الانتخابات ومواقف أعضاء مجلس الأمة والرأي الشرعي والفقهي، كما قام بدراسة ميدانية للتعرف على آراء عينة ممثلة لشريحة النساء في المجتمع الكويتي حول مشاركة المرأة السياسية بجوانبها المختلفة، والتي خلصت إلى أن عامل المستوى التعليمي كان ذو دلالة إيجابية في الاقتناع بأهمية المشاركة السياسية، إضافة إلى النساء ذوات الدخل المرتفع، في مقابل تدني درجة اقتناع المرأة الكويتية بشكل عام بهذه المشاركة الوطنية، كما لاحظ أن الاستعداد لممارسة العمل السياسي يزداد لدى الشرائح الأعلى تعليماً والمتزوجات والمقيمات بمحافظتي حولي والأحمدي.

تطرقت دراسة هيلة المكيمي (2010) المعنونة “العوامل المؤثرة في حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية” إلى بحث مجموعة العوامل البنيوية التي لعبت دوراً فاعلاً في حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية، وهي دور الحركة النسائية والسلطتين التنفيذية والتشريعية، إضافة إلى تأثير العوامل الإقليمية والدولية.

وبعد استعراض مسيرة المطالبة بالحقوق السياسية للمرأة عبر فترات تاريخية مختلفة، وتسجيل مواقف الجمعيات النسائية ونواب مجلس الأمة خلالها، أوضحت المكيمي دور العوامل الإقليمية والدولية للدفع نحو إقرار هذه الحقوق، خاصة الموقف العربي في إطاره العام والدور الداعم للمنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة، إضافة إلى عامل التحرك الغربي نحو المزيد من الديمقراطية والإصلاح السياسي في أعقاب سقوط نظام صدام حسين عام 2003، والمناشدات المباشرة من الإدارة الأمريكية في هذا الاتجاه تحديداً، وخلصت الباحثة إلى أن هناك مجموعة من التحديات التي تواجه المرأة الكويتية في مرحلة ما بعد نجاحها في البرلمان عام 2009 للمحافظة على هذا المكتسب الجديد وتهيئة الأرضية لتعزيز وجود المزيد من السيدات في الحكومة ومجلس الأمة.

وفي دراسة حول “المشاركة السياسية للمرأة الكويتية: تحليل بنائي وتاريخي” استعرض فوزي المعوشرجي (2011)، من خلال سرد تاريخي، مظاهر المشاركة الاجتماعية للمرأة الكويتية في العمل التطوعي في الجمعيات المهنية والنقابات والجمعيات النسائية، ثم أوضح تطور مسيرة المرأة الكويتية للمطالبة بحقوقها السياسية مع بحث الإشكالية الحالية التي تواجه هذه المشاركة، خاصة ما قد تمثله العراقيل القبلية ومنظومة القيم السائدة في المجتمع والتراث الديني والفقهي، الأمر الذي أعاق نجاح المرأة في انتخابات 2006 و 2008، وتوصل الباحث إلى نتائج أهمها ضعف نسبة مشاركة المرأة في الحياة السياسية على الرغم من الجهود المبذولة على مستوى الدولة والمجتمع، ويبدو أن توقعات الباحث قد جانبها الصواب في مرحلة لاحقة، حيث تمكنت أربع من المرشحات في الوصول إلى قبة البرلمان في انتخابات 2009.

وفي دراسة حول “قيم المواطنة ودورها في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة الكويتية: دراسة ميدانية على طالبات جامعة الكويت”، هدف الباحث سامي العازمي (2008) إلى معرفة درجة التزام المرأة الكويتية بقيم المواطنة ودورها في تفعيل مشاركتها السياسية من خلال عينة من طالبات جامعة الكويت، وقد توصلت الدراسة إلى أن مستوى المشاركة السياسية لدى المرأة الكويتية كانت متوسطة في مجالات الإقناع والاستعداد وتفعيل هذا الدور، بينما جاءت مرتفعة في مجال الدراية والمعرفة، وأن هناك علاقة إيجابية ذات دلالة إحصائية بين التزام المرأة الكويتية بقيم المواطنة ومستوى مشاركتها السياسية، إضافة إلى أن متغيرات (الكلية الجامعية، السنة الدراسية، المحافظة السكنية، العمر) قد أعطت دلالات إحصائية مختلفة حول المواضيع ذات العلاقة بالدراسة.

وفي جانب من دراستها حول “المرأة والمشاركة السياسية: أسباب تباين التمثيل النسائي البرلماني”، بحثت وفاء العرادي (2013) واقع المرأة السياسي في الكويت من خلال الاتجاه السياسي، العامل الديني، التقييم السياسي، التقييم الاقتصادي، التحصيل الدراسي، والخلفية الثقافية لنائبات مجلس الأمة، وتأثير هذه المتغيرات على التراجع الكبير للتمثيل النسائي في الانتخابات البرلمانية في فبراير 2012.

كما قامت سهام القبندي (2013) بتحليل أسباب “عزوف المرأة الكويتية العاملة عن المشاركة السياسية: دراسة مطبقة على كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت”، وحددّتها في مجموعة من العوامل من أهمها: التفسير الخاطئ لبعض النصوص الدينية، وضعف ثقة المرأة بنفسها وقدرتها على القيادة، وتدني مكانة المرأة في المجتمع كنتيجة للموروث الثقافي، والعادات والتقاليد المقيدة لحرية المرأة، والتنشئة الاجتماعية القائمة على تبعية المرأة للرجل في اتخاذ القرار، وافتقاد الثقة في نواب البرلمان، وعدم وجود كوادر نسائية مؤهلة لدعم المشاركة السياسية، وإحجام التيارات السياسية عن دعم مشاركة المرأة العاملة، وعلى الرغم من حداثة هذه الدراسة وأهميتها، إلا أنها ركزت فقط على شريحة محدودة متمثلة بالمرأة الكويتية العاملة في إحدى الكليات الجامعية.

وختاماً بينّت دراسة حسين ميرزا (2017) “أسباب العزوف عن المشاركة السياسية في الانتخابات في الكويت: دراسة مسحية” أن ضعف دور منظمات المجتمع المدني وغياب الأحزاب السياسية وتشابه البرامج الانتخابية لمعظم المرشحين قد ساهم في تراجع مؤشرات المشاركة في الانتخابات الكويتية سواءً البرلمانية منها أو البلدية، كما كان للقصور في نظام المجالس المنتخبة من خلال أدائها المتواضع والشكلي والانطباع الشعبي الواسع عن سعي المرشحين للاستفادة الشخصية من التمثيل البرلماني دوراً إضافياً في هذا العزوف الجماهيري عن صناديق الاقتراع، في حين توصلت الدراسة أيضاً إلى كون الثقافة السياسية لا تمثل سبباً في ضعف المشاركة مما يؤكد تنامي الوعي السياسي في المجتمع الكويتي.

يتضح مما سبق عرضه أن معظم الدراسات السابقة المشار إليها قد عالجت موضوع مشاركة المرأة السياسية في الكويت إما من خلال منحى تاريخي أو التركيز على جوانب محددة منه، أو كون غالبيتها مساهمات قديمة نسبياً ولا تغطي التطورات المهمة التي شهدتها التطبيقات الواقعية لهذا المسار مذ إقرار حقوق المرأة السياسية، كما أن بعض هذه الدراسات قد انتهجت البعد الوصفي والنظري في غالب الأحيان في تعاطيها مع هذه المسألة التي تحولت إلى جزءٍ من الحراك المجتمعي الدائم.

فعلى سبيل المثال، أسهبت دراستا هيا المغني وغازي المعوشرجي في الجانب الوصفي والتاريخي لمسيرة حقوق المرأة السياسية وما واجهتها من التحديات والعراقيل، وبالمثل فقد تناولت دراسة هيلة المكيمي بشكل نظري العوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت في تتويج الجهود الرامية إلى إقرار حقوق المرأة الكويتية سيّما في مرحلة ما بعد تحرير البلاد من الغزو العراقي عام 1991، أما دراسة مريم الكندري فكانت مكرسة لبحث تطور مسيرة المرأة السياسية من خلال متابعة تاريخية لمضابط مجلس الأمة، أما دراستي سامي العنزي وسهام القبندي فقد ركزتا على فئة اجتماعية واحدة صغيرة تمثلت بطالبات جامعة الكويت وموظفات كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت أيضاً، ويبقى جانب التميز في دراسة خالد الشلال الاستشرافية، إلاّ أنها أعدت في عام 2008، أي سبقت وصول المرأة إلى البرلمان فعلياً.

لذا روعي في هذه الدراسة شموليتها من حيث استيعابها لفئات اجتماعية متعددة ومعبرة عن عدة متغيرات كالعمر والجنس والمستوى التعليمي والوظيفة والدائرة الانتخابية والانتماء السياسي من جهة، وقياس مجموعة من مؤشرات الفاعلية السياسية في المجتمع والمتمثلة في درجة الوعي السياسي ومعوقات تمثيل المرأة ومتابعة أدائها السياسي من جهة أخرى، في مسعىً لاستشراف مستقبل مسيرة المرأة السياسية في البرلمان الكويتي وفرص التصويت لها مجدداً دون الوقوف عند حدود الوضع التمثيلي الراهن.

ثانياً: مشاركة المرأة الكويتية في العملية السياسية مع التركيز على المشاركة السياسية

(1) المشاركة السياسية (Political Participation):

يتطلب الحديث عن تجربة المرأة الكويتية في مجلس الأمة التطرق لمفهوم المشاركة السياسية وفق ما طرحته أدبيات علم السياسة، ففي العصر الحديث ساهمت كتابات جان جاك روسو (Jean-Jacques Rousseau) وجون ستيوارت ميل (John Stuart Mill) ثم سيدني فيربا ونورمان ناي (Sidney Verba and Norman Nie) وروبرت دال (Robert Dahl)، في إثراء مفهوم المشاركة بشكل عام، والمشاركة السياسية بشكل خاص في إطار النظام السياسي الديمقراطي وبأبعادها القانونية والمدنية المعاصرة (صالح، 2005).

ومفهوم المشاركة السياسية مثقل بالأيديولوجيا، لذا اختلف الفلاسفة والمفكرون في تحديد معنى واحد له، تبعاً لأيديولوجيتهم وثقافتهم، فقد نظر كل من سيدني فيربا ونورمان ناي (Sidney Verba and Norman Nie) إلى المشاركة السياسية على أنها الأنشطة الفردية الهادفة إلى التأثير في اختيار الحكومة ومن يمثلها والقرارات التي تتخذها (Salisburg, 1975, p. 325)، بينما يحدد صموئيل هنتنغتون وجون نيلسون (Huntington & Nelson, 1976, p. 3) المشاركة السياسية في ذلك النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي، سواءً أكان هذا النشاط فردياً أم جماعياً، منظماً أم عفوياً، متواصلاً أم منقطعاً، سلمياً أم عنيفاً، شرعياً أم غير شرعي، فعالاً أم غير فعال (الخزرجي، 2004)، وإلى نفس التعريف ذهبت موسوعة العلوم السياسية العربية (ربيع ومقلد، 1994، ص. 494).

كما يمكن فهم المشاركة السياسية على أنها الجهود التطوعية المنظمة والمتصلة بعمليات اختيار القيادات السياسية وصنع السياسات ووضع الخطط، وتنفيذ البرامج والمشروعات، سواءً على المستوى المحلي أو الاقليمي أو المستوى الخدمي أو الانتاجي (عليوة ومحمود، 2008، ص. 1).

وتتأثر مشاركة الفرد في الحياة العامة بمجموعة من العوامل والمتغيرات منها كمية ونوعية المثيرات السياسية التي يتعرض لها وخصائص خلفيته الاجتماعية من حيث الطبقة التي ينتمي لها والدخل والتعليم والمهنة والديانة ومحل الإقامة، ثم مدى توفر وفاعلية القنوات السياسية للتعبير عنها والعمل السياسي من أجل تحقيقها (ربيع ومقلد، 1994، ص. 494)، كما لا يخفى أن هناك رابطة وثيقة بين المشاركة السياسية وعملية التنشئة السياسية والاجتماعية التي يخضع لها أفراد هذا المجتمع، وذلك من حيث المحتوى الثقافي والقيمي الذي يمر به الفرد في مراحل تنشئته الاجتماعية بدءً من الأسرة والمدرسة (الزعبي، 2013).

وللوصول إلى تعريف إجرائي يخدم هذه الدراسة حول تقييم تجربة المرأة في البرلمان الكويت، فإن مشاركة المرأة الكويتية السياسية تعني تلك الأنشطة التي تمارسها المرأة للتأثير في عملية اختيار المسؤولين وصنع القرارات سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، ويدخل ضمن هذه العملية المشاركة عبر صناديق الاقتراع أو المنافسة المباشرة على نيل عضوية مجلس الأمة.

(2) الفعالية السياسية (Political Efficiency):

 تعتبر الفاعلية السياسية من أهم متطلبات المشاركة السياسية بل أحد أهم محفزاتها، ويقصد به شعور الفرد بالقدرة على التأثير في شؤون وسياسة مجتمعه، واعتقاد الفرد أنه صاحب رأي أو وجهة نظر في أمور بلده يجب أن تطرح وتؤخذ بعين الاعتبار، وهذا الشعور والاعتقاد ضروري للفعل السياسي أو المشاركة السياسية، كما أن حرص الفرد على أن يكون له دور إيجابي في الحياة السياسية ينبغي أن يترجم عبر المزاولة الإرادية لحق التصويت، أو الترشيح للهيئات المنتخبة، أو مناقشة القضايا السياسية مع الآخرين، أو الانضمام إلى المنظمات الوسيطة (الخزرجي، 2004، ص. 125)، وتنطلق الفاعلية السياسية من أهمية الوعي السياسي والرغبة الحقيقية المصاحبة للمشاركة عبر تعزيز القدرات والمهارات التنظيمية وتوفير البيئة التي تكفل المشاركة حتى للفئات الصغيرة والمحرومة التي ينبغي أن تتسلح بدورها بالتعليم والعمل والوعي بإدارة الشؤون العامة والاندماج في التنظيمات المدنية والسياسية لمواجهة التحديات والعقبات التي قد تحول دون المشاركة الحقيقية في صنع القرار (صالح، 2005، ص. 22).

وتقاس الفعالية السياسية بعدة طرق منها توجيه مجموعة من الأسئلة إلى الأفراد، أو في ضوء درجة القبول أو الرفض للعبارات الآتية على سبيل المثال: لأسرتي رأي فيما تفعله الحكومة، شخصيات كبيرة تسيّر كل شيء ولا تهتم بنا، السياسة شيء معقد يستحيل عليّ فهمه، لا أظن أن مشاركتي في الانتخابات ذات قيمة تذكر، لا أظن أنني أستطيع ممارسة تأثير قوي على قرارات الحكومة (ربيع ومقلد، 1994، ص. 490).

في هذا الصدد، يمكن تصنيف المجتمع الكويتي من بين المجتمعات ذات المشاركة السياسية العالية والتي تتمتع بفعالية سياسية نشطة على مستوى دول العالم الثالث مقارنة بالعديد من المجتمعات العربية رغم غياب الأحزاب السياسية بشكل رسمي، وكما هو مبين في الجدول (2)، فقد شهدت المشاركة الشعبية في الانتخابات العامة منذ الاستقلال عام 1961 وبداية العهد الدستوري حضوراً كثيفاً على صناديق الاقتراع قد يفوق في نسبته مؤشرات الديمقراطيات الغربية العريقة، فقد بلغت نسبة التصويت لاختيار أعضاء المجلس التأسيسي المكلف بكتابة الدستور الدائم للدولة عام 1961 حوالي 90% من إجمالي الهيئة الناخبة الكويتية، كما حافظ الكويتيون على هذا المعدل العالي في العديد من الانتخابات التشريعية، تجاوزت نسبتها 80% في معظم الأحيان.

كما تعكس النسب الواردة في الجدول (2) مفهوم وتطبيقات الفعالية السياسية، حيث سجل الناخبون موقفاً سياسياً بمقاطعة الانتخابات احتجاجاً على قضايا اعتبرت مخالفة للدستور والديمقراطية الكويتية أو عند محاولة الحكومة الاستفراد بالقرار السياسي، ومن الأمثلة الواضحة على ذلك تراجع مستوى المشاركة الشعبية عام 1971 إلى 51% حيث اتهمت الحكومة بتزوير الانتخابات السابقة لها عام 1967، وكذلك مقاطعة قطاعات شعبية واسعة لانتخابات ما يعرف بالمجلس الوطني الذي جاءت به الحكومة كبديل مجرد من أية صلاحيات دستورية لمجلس الأمة عام 1990، حيث بلغت نسبة المشاركة في تلك الانتخابات 62% وفق البيانات الرسمية الحكومية التي تشكك بها المعارضة، وأخيراً سجلت صناديق الاقتراع لمجلس الأمة الرابع عشر، والمعروف بالمجلس المبطل الثاني في ديسمبر 2012، أدنى نسبة مشاركة عامة في تاريخ الكويت السياسي، حيث لم تتجاوز 39%، وذلك بسبب انفراد السلطة بتعديل آلية التصويت بعد اكتساح المعارضة لمقاعد مجلس الأمة في الانتخابات التي سبقت ذلك.

جدول (2) المشاركة السياسية في الانتخابات العامة في دولة الكويت (1961-2016)

المجلس تاريخ الانتخابعدد الناخبينعدد المرشحينالمقترعوننسبة المشاركة
المجلس التأسيسي 30/12/196111288731015990%
مجلس الأمة الأول 23/01/1963168892051435585%
مجلس الأمة الثاني 25/01/1967267962221759065%
مجلس الأمة الثالث 23/01/1971402461832078551%
مجلس الأمة الرابع 27/01/1975529932573184860%
مجلس الأمة الخامس 23/02/1981419534473768990%
مجلس الأمة السادس 20/02/1985568482314836885%
المجلس الوطني 10/06/1990621233483868362%
مجلس الأمة السابع 05/10/1992814402786772483%
مجلس الأمة الثامن 07/10/19961071692308884183%
مجلس الأمة التاسع 02/07/19991128822889112681%
مجلس الأمة العاشر 05/07/200313671524611038490%
مجلس الأمة الحادي عشر 29/06/200633379324921706067%
مجلس الأمة الثاني عشر 17/05/200836168427520380060%
مجلس الأمة الثالث عشر16/05/200936168422020977758%
مجلس الأمة الرابع عشر (مبطل) 02/02/201240029628224818366%
مجلس الأمة الرابع عشر (مبطل) 01/12/201242256930716720539%
مجلس الأمة الرابع عشر 27/07/201343971530822831452%
*مجلس الأمة الخامس عشر 26/11/201648318629332856668%

 

– المصدر: أسيري، عبدالرضا علي. (2017). النظام السياسي في الكويت: مبادئ.. وممارسات (ط. 13). الكويت: دار القبس، ص. 142.

* القبس الالكتروني، 27 نوفمبر 2016 (https://alqabas.com/325446/).

لعل السبب في قوة المشاركة السياسية يعود إلى عمق التجربة الديمقراطية وجذورها التاريخية التي تزامنت مع نشأة الإمارة عام 1756 وإرساء قواعد الحكم فيها وفق مبدأ المبايعة والشورى، حيث كان يتم اختيار الحاكم كشريك في إدارة مسؤوليات البلاد ومساءلته في تصرفاته، بشرطين هما إقامة العدل وعدم الاستبداد بالرأي، وسار الأمر على هذه الوتيرة، فلم يكن حكم آل الصباح مطلقاً، وإنما كان مقيداً بالشورى، بالاستعانة بذوي الرأي من أهل البلاد، التي خلقت “قيداً نفسياً وعرفياً على تصرفات الحاكم” (أسيري، 2017، ص. 31).

تطورت فكرة المشاركة لتتخذ النموذج المؤسسي بعد مطالبة أعيان الكويت بمجلس شورى منتخب عام 1921 لتقديم الاستشارة للحاكم بطريقة منظمة، سرعان ما تطور إلى مجلس تشريعي يتمتع بصلاحيات تشريعية ورقابية واسعة عام 1938 ساهم بدوره في إعداد دستور للإمارة وتدشين مقومات الحياة المدنية كتكوين قوة للشرطة وبناء مبنى للجمارك وتشييد المدارس النظامية وإلغاء الضرائب على الصادرات والمواد الغذائية وصيد اللؤلؤ التي كانت تدفع للحاكم في مقابل إعداد ميزانية مستقلة للبلاد (أسيري، 2017، النجار، 1994، ص. 25).

على الرغم من فشل هذه التجربة الديمقراطية الفتية واصطدامها مع السلطة، إلا أنها نجحت في تأسيس قواعد النظام الدستوري الحديث لما بعد الاستقلال عام 1961، حيث لم تخلو الفترة الانتقالية من قيام الحرب العالمية الثانية وانتهاء عهد الاستعمار البريطاني من صور المشاركة الشعبية ومن أبرز نماذجها انتخاب مجالس إدارات الدوائر الحكومية المختلفة، وأخيراً استكملت معالم النظام الديمقراطي بعد الاستقلال إثر دعوة الأمير لانتخاب مجلس تأسيسي، يتألف من 20 عضواً، لكتابة دستور الدولة الدائم الذي صادق عليه الشيخ عبدالله السالم كما رفع من المجلس عام 1962، إيذاناَ بولادة مجلس الأمة المنتخب بشكل حر ومباشر وبصلاحيات تشريعية ورقابية مهمة (الصالح، 1989، ص. 179).

كما ساهمت أجواء الحرية والثقافة السياسية المتجذرة في المجتمع الكويتي ونظام الديوانيات والصحافة المحلية الجريئة وقيام العشرات من النقابات العمالية والاتحادات الطلابية والجمعيات المهنية والتعاونية والأندية الرياضية القائمة على أساس الانتخاب المباشر في تعزيز الفعالية السياسية، لذا تميزت المشاركة السياسية في الانتخابات العامة الكويتية بالمنافسة الشديدة والحضور الكثيف لدرجة أنه أطلق على مواسم الانتخابات التشريعية “الأعراس الديمقراطية”، رغم حرمان العديد من الفئات المجتمعية، كالمرأة والشباب دون سن الـ 21 والمنتسبين إلى القطاع الأمني والعسكري والمتجنسين، من الحقوق السياسية حتى عهد قريب.

كما انعكست الفاعلية السياسية بشكل مؤثر وواسع في عدة محطات زمنية، بدأت في نهاية خمسينيات القرن الماضي وأواخر السبعينيات والثمانينيات وأخيراً في عام 2011، انتصاراً للديمقراطية والمكتسبات الدستورية ومكافحة الفساد، على شكل إصدار البيانات والاحتجاجات الشعبية والمظاهرات التي لم تخلو من مصدامات مع قوات الأمن والاعتقالات السياسية.

لذلك، فإن إقرار قانون الحقوق السياسية للمرأة من شأنه تعزيز القاعدة الانتخابية، ويساهم في تعزيز مفهوم المشاركة والفاعلية السياسية في الديمقراطية الكويتية، حيث زادت الهيئة الانتخابية إلى أكثر من الضعف (من 136715 ناخباً عام 2003 إلى 333793 ناخب وناخبة عام 2006)، كما جاءت مؤشرات إقبال المرأة على صناديق الاقتراع رغم حداثة التجربة والقيود التقليدية الاجتماعية والدينية مقبولة وتنافسية وفق المعايير العالمية، فقد رصدت صحيفة يو إس نيوز أند وورلد ريبورت الأميركية (U.S. News & World Report) نسبة المشاركة في أحدث انتخابات جرت في عدد من الدول الديمقراطية الغربية والعربية ودول العالم الثالث كما هو مبين في الجدول (3)، حيث احتلت دولة الكويت مركزاً متقدماً في آخر انتخابات عامة بلغت نسبتها 70%.

جدول (3) نسب المشاركة في الانتخابات العامة لعدد من دول العالم (2012-2016)

الدولةالسنةنسبة المشاركةالترتيب
تركيا201585.1%1
إندونيسيا201475.1%2
هولندا201274.6%3
جنوب أفريقيا201473.5%4
الكويت201670.0%5
كندا201568.5%6
الهند201466.4%7
المملكة المتحدة201561.8%8
اليابان201452.7%9
الولايات المتحدة201441.8%10
مصر201528.3%11

 

المصدر: القبس الالكتروني، 27 نوفمبر 2016 (https://alqabas.com/325446/).

(3) قراءة في تاريخ مشاركة المرأة في العملية السياسية:

قد يكون من الصعوبة بمكان تقييم التجربة السياسية للمرأة الكويتية على صعيد المشاركة الانتخابية بشكل شامل ودقيق نظراً لحداثة هذه المسيرة التي تصل إلى عقد واحد من الزمن فقط، إلا أن اتجاهات العملية الانتخابية قد تعكس مجموعة من المؤشرات الجديرة بالاهتمام، كما أن التطورات والأزمات السياسية والدستورية المتلاحقة التي واكبت عهد المرأة السياسي قد ساهمت في إثراء الممارسة الانتخابية، حيث شهدت البلاد سبعة انتخابات برلمانية متتالية في غضون عشر سنوات شاركت المرأة في مختلف مراحلها وفعالياتها انتهاءً بالترشيح والانتخاب.

انتخابات يونيو 2006:

أول تجربة انتخابية خاضتها المرأة بعد إقرار قانون الحقوق السياسية كانت في يونيو 2006، وقد تضمّنت مواد التشريع الجديد تسجيل جميع النساء ممن استكملن السن القانوني في الكشوف الانتخابية بطريقة آلية، دون عناء الحضور الشخصي المباشر للتسجيل في كشوف القيود الانتخابية كما هو المتبع بالنسبة للرجال، الأمر الذي رجح كفة المرأة في الهيئة الانتخابية على حساب الرجل، حيث بلغ عدد الإناث ممن يحق لهن التصويت في عام 2006 نحو 194911 ناخبة (أي ما نسبته 57%) في مقابل 145428 من الذكور (بنسبة 43%) (الحربي، 2007، ص. 156).

على الرغم من تدني مستوى التصويت للمرأة في أول تجربة انتخابية مقارنة بالرجل، إلا أن الحضور النسائي كان لافتاً، إذ بلغت نسبة من أدلين بأصواتهن نحو 60%، بالمقارنة مع 79% من الرجال، كما فاقت القوة التصويتية الإجمالية للمرأة نظيرها الرجل، حيث بلغ مجموع المقترعات 12236 من النساء مقابل 113940 ناخباً من الرجال (الحربي، 2007، ص. 156)، كما تقدمت 27 سيدة للترشح للمنافسة على مقاعد المجلس من بين 249 مرشحاً، وبنسبة بلغت 11%، ونظراً لحداثة التجربة وتوزيع الدوائر الانتخابية القائمة على أساس 25 دائرة انتخابية حيث يحق للناخب اختيار اثنان من المرشحين لم تحظ المرأة بفرصة الفوز بل كانت بعيدة جداً عن المنافسة في المراكز المتقدمة.

انتخابات مايو 2008:

جرت الانتخابات العامة المبكرة أيضاً في مايو من عام 2008 إثر تغيير الدوائر الانتخابية وتقليصها من 25 دائرة إلى 5 دوائر مع إعطاء حق التصويت لأربع مرشحين في كل دائرة، وبلغ عدد المقترعات في هذه الانتخابات 200499 ناخبة، أي ما يمثل 55% من إجمالي من يحق لهم التصويت، حيث تفوقت المرأة في قوتها التصويتية على الرجل الذي بلغت نسبة مشاركته 44% من إجمالي عدد المقترعين، كما تقدمت للترشيح 27 سيدة بما يشكل 10% من مجموع المترشحين للانتخابات، وبدأت مؤشرات دخول المرشحات في دائرة المنافسة لأول مرة، حيث نافست كل من أسيل العوضي ورولا دشتي في مراكز متقدمة، كما هو مبين في الجدول رقم (4)، بل كادت المرشحة أسيل العوضي أن تخترق قائمة الفائزين وبفارق بسيط من الأصوات عن المركز الأخير للنجاح.

جدول (4) ترتيب المرشحين في انتخابات مجلس الأمة (2008)

 الدائرة الأولىالدائرة الثانيةالدائرة الثالثةالدائرة الرابعةالدائرة الخامسة
01صالح عاشورجمعان الحربش فيصل المسلممسلم البراك جابر العازمي
02عبدالله الروميرياض العدسانيعادل الصرعاويعلي الدقباسيمرزوق العازمي
03عبدالواحد العوضيمحمد الصقروليد الطبطبائيمحمد هايف محمد العجمي
04حسن جوهرعلي الراشدعلي العميرضيف الله ابورميةعبدالله الفحماء
05حسين الحريتيمرزوق الغانمصالح الملاسعد الرشيديفهد اللميع
06حسين القلاف حمد المطراحمد المليفيناصر الدويلةمحمد الحويلة
07عدنان عبدالصمد عبدالرحمن العنجريروضان الروضانمحمد الرشيديعبدالله البرغش
08احمد لاريخالد بن عيسىعبدالعزيز الشايجيرجا المطيريعصام الدبوس
09مخلد العازميعدنان المطوعاحمد السعدونحسين المطيريعلي الهاجري
10محمد الكندريعبداللطيف العميريناصر الصانعمبارك الوعلانعبدالله العجمي
11جمال الكندريمشاري العصيمياسيل العوضيمحمد الخليفةفيصل الكندري
12مبارك الحريصخليل الصالحناجي العبدالهاديحسين الديحانيسعدون العتيبي
13بدر العازميمحمد العبد الجادرعبدالله المعيوفعسكر العنزيمذكر المطيري
14انور بوخمسينخلف دميثير فيصل الشايععلي العنزيحسين الدوسري
15عبدالمحسن المدعجفهد الخنهرولا دشتيخالد الشليميخالد السبيعي

 

* المرشحون العشر الأوائل هم الفائزون بمقاعد مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية.

انتخابات مايو 2009:

شهدت الانتخابات المبكرة التالية في مايو 2009 فرصة تسجيل المرأة لأول انتصار سياسي حقيقي وتاريخي، كما فاقت نسبة حضور المرأة على صناديق الاقتراع مجدداً نسبة حضور الرجل (186017 مقابل 175697)، وخاضت الانتخابات 16 مرشحة من السيدات من إجمالي المرشحين وعددهم 210، حيث فازت أربعة سيدات في مفاجأة سياسية حيث احتلت معصومة المبارك المركز الأول متفوقة على جميع المرشحين الرجال في الدائرة الانتخابية الأولى، كما سجلت أسيل العوضي فوزاً كبيراً في المركز الثاني في الدائرة الانتخابية الثالثة برفقة رولا دشتي التي حققت بدورها فوزاً مريحاً، بينما انتزعت سلوى الجسار بصعوبة آخر مقاعد الدائرة الثانية، وفي مفاجأة أخرى برزت المرشحة ذكرى الرشيدي كمنافسة قوية في الدائرة الرابعة التي تعد من المناطق المحافظة ذات الأغلبية القبلية والتيارات الدينية، وذلك في خطوة تمهيدية هيأت لها الفوز في الانتخابات التالية (انظر الجدول 5).

انتخابات فبراير 2012:

تزامنت انتخابات فبراير 2012 مع أجواء سياسية عاصفة شهدت تحركاً شعبياً واسعاً انتصاراً للبرلمان في تصديه لما عرف بأزمة الإيداعات المليونية، عندما تسربت المعلومات عن تضخّم الأرصدة البنكية لعدد كبير من أعضاء مجلس الأمة بملايين الدنانير، حيث أجهضت الحكومة استجواباً برلمانياً لرئيس مجلس الوزراء في هذا الصدد، كما أفشل تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في تلك القضية، فخرجت اعتصامات ومظاهرات متتالية سرعان ما أخذت تتعاظم في رقعتها وكثافة حضورها، مطالبة بإقالة رئيس مجلس الوزراء وحل البرلمان، فأجبر رئيس مجلس الوزراء على تقديم استقالته كما تم حل مجلس الأمة استجابة للضغوط الشعبية الغاضبة.

جدول (5) ترتيب المرشحين في انتخابات مجلس الأمة (2009)

 الدائرة الأولىالدائرة الثانيةالدائرة الثالثةالدائرة الرابعةالدائرة الخامسة
01معصومة المباركمرزوق الغانمروضان الروضانمسلم البراكفلاح الصواغ
02حسين القلافعلي الراشداسيل العوضيمحمد هايف سعدون العتيبي
03حسين الحريتيجاسم الخرافياحمد السعدونحسين مزيدسالم نملان
04يوسف الزلزلةجمعان الحربشفيصل المسلمضيف الله بورميةسعد زنيفر
05فيصل الدويسانعبدالرحمن العنجريصالح الملاعسكر العنزيغانم اللميع
06صالح عاشورخالد السلطانناجي العبدالهاديعلي الدقباسيخالد الطاحوس
07عبدالله الروميخلف دميثيررولا دشتيشعيب المويزريالصيفي الصيفي
08مخلد العازميمحمد المطيرعادل الصرعاويمبارك الوعلاندليهي الهاجري
09حسن جوهرعدنان المطوعوليد الطبطبائيمبارك الخرينجمحمد الحويلة
10عدنان عبدالصمدسلوى الجسارعلي العميرسعد خنفور خالد العدوة
11محمد الكندريحمد المطرعبدالعزيز الشايجيمحمد الخليفهبادي الدوسري
12مبارك الحريصعبدالله النيبارىأحمد المليفيماجد المطيرىفهد المطيرى
13احمد لاريعبداللطيف العميريعبدالله المعيوفحسين السعيديناصر المرى
14عبدالواحد العوضيمحمد العبدالجادرمحمد الدلالعلي العنزيفيصل الكندري
15احمد الشحوميعبدالواحد خلفانهشام البغليذكرى الرشيديطلال السهلى

 

* المرشحون العشر الأوائل هم الفائزون بمقاعد مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية.

جرت انتخابات فبراير 2012 في أجواء تنامت خلالها شعبية نواب ومرشحي المعارضة، التي اكتسحت مقاعد مجلس الأمة محققة أغلبية برلمانية مطلقة بلغت 36 نائباً لأول مرة في العهد الدستوري الكويتي، وحافظت المرأة على مستوى مشاركتها بشكل جيد عند نسبة 53%، كما كان للمرأة في هذه الانتخابات الدور المشارك في اختيار مرشحي المعارضة وفوزهم بشكل كبير في مختلف الدوائر، بينما لم تحقق أي من المرشحات البالغ عددهن 21 سيدة من بين 282 مجموع المرشحين أي فوز، الأمر الذي قد يفسر جزئياً رجاحة كفة تيارات المعارضة لدى الرأي العام، وخسرت نائبات المجلس السابق اللاتي تم تصنيفهن من الأعضاء المؤيدين للحكومة مقاعدهن بلا استثناء وإن بقي بعضهن في دائرة المنافسة، في حين برزت أسماء نسائية جديدة منها المرشحة صفاء الهاشم كمشروع نائب في المستقبل نظراً لآرائها السياسية الجريئة ودخولها دائرة المنافسة بقوة (انظر الجدول 6).

جدول (6) ترتيب المرشحين في انتخابات مجلس الأمة (فبراير 2012)

 الدائرة الأولىالدائرة الثانيةالدائرة الثالثةالدائرة الرابعةالدائرة الخامسة
01فيصل الدويسانجمعان الحربش فيصل المسلم مسلم البراكفلاح الصواغ
02حسين القلافرياض العدسانيفيصل اليحيمحمد هايف خالد الطاحوس
03محمد الكندريمحمد الصقروليد الطبطبائيعبيد الوسميبدر الداهوم
04اسامه الشاهينعلي الراشدمحمد الدلالمبارك الوعلانأحمد مطيع
05عبدالحميد دشتيمرزوق الغانماحمد السعدونعلي الدقباسيصيفي الصيفي
06صالح عاشورحمد المطرعلي العميرمحمد الخليفهنايف العجمي
07احمد لاريعبدالرحمن العنجريشايع الشايعشعيب المويزريعبدالله البرغش
08عادل الدمخيخالد بن عيسىنبيل الفضلاسامه المناورخالد المطيري
09عدنان عبدالصمدعدنان المطوعمحمد الجويهلسعد الخنفورسالم نملان
10عبدالله الطريجيعبداللطيف العميريعمار العجميمحمد الهطلانيمناور العازمي
11معصومة المباركمشاري العصيميصالح الملاعبدالله فهاد عايض العتيبي
12خالد الشطيخليل الصالحروضان الروضانعسكر ع العنزيفيصل الكندري
13مبارك الحريصمحمد العبد الجادراسيل العوضيمحمد طنا العنزيالحميدي السبيعي
14عبدالله الروميخلف دميثير صفاء الهاشممحمد المسيلممحمد الحويلة
15وسمي الوسميفهد الخنهجمال العمراحمد الشريعانماضي الهاجري

 

* المرشحون العشر الأوائل هم الفائزون بمقاعد مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية.

انتخابات ديسمبر 2012:

لم يدم مجلس المعارضة طويلاً حيث قررت المحكمة الدستورية بتاريخ 20 يونيو 2012 إبطال نتائج الانتخابات إثر الطعن في مرسوم حل مجلس 2009، وأقدمت الحكومة على وقع نتائج انتخابات فبراير 2012 بتعديل النظام الانتخابي عبر تقليص حق الاختيار من أربعة أصوات إلى صوت واحد كوسيلة لاختراق جبهة المعارضة في مختلف الدوائر الانتخابية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم حركة الاحتجاجات الشعبية والإعلان عن مقاطعة انتخابات الإعادة المقررة في ديسمبر 2012، وسط حملة اعتقالات واسعة شملت النواب السابقين والرموز الوطنية والعديد من نشطاء الحراك الشبابي الذي تزامن مع أحداث الاحتجاجات العربية.

سجلت انتخابات ديسمبر 2012 أدنى مستوى للمشاركة حيث بلغ عدد المقترعين 167206 ناخب وناخبة من أصل مجموع المسجلين في الهيئة الانتخابية وعددهم 422569 ناخب، أي بنسبة 39%، كما بلغت نسبة مشاركة المرأة 42% في تفوق ملفت أيضاً على مشاركة الرجل، كما وصل عدد المرشحين إلى 279 بينهم 17 امرأة فازت منهن ثلاثة سيدات وهن معصومة المبارك التي استعادت مقعدها في الدائرة الأولى، بالإضافة إلى وجهين جديدين هما صفاء الهاشم في الدائرة الثالثة وذكرى الرشيدي كأول نائب من أبناء القبائل في الدائرة الرابعة المحافظة، وذلك في منافسة اعتبرت سهلة بسبب المقاطعة الشاملة للتيارات والتنظيمات الوطنية بمختلف خلفياتها الفكرية والسياسية كما هو مبين في الجدول (7).

جدول (7) ترتيب المرشحين في انتخابات مجلس الأمة (ديسمبر 2012)

 الدائرة الأولىالدائرة الثانيةالدائرة الثالثةالدائرة الرابعةالدائرة الخامسة
01كامل العوضىمرزوق الغانم علي العمير عسكر العنزي فيصل الكندري
02عدنان عبدالصمدجاسم الخرافيخليل عبدالله سعد الرشيدي عبدالله التميمي
03فيصل الدويسان خالد سلطان احمد المليفي سعود الحريجي ناصر المري
04يوسف الزلزلة محمد المطيرصفاء الهاشم مبارك الخرينج هاني شمس
05معصومة المبارك جمعان الحربشسعدون العتيبي ذكرى الرشيدي عصام الدبوس
06عبدالحميد دشتي محمد الصقرهشام البغلي خالد الشليمي طاهر الفيلكاوى
07صالح عاشور علي الراشدعبدالله المعيوف محمد الرشيدى حماد الدوسرى
08نواف الفزيع خلف دميثير نبيل الفضل مبارك العرف خالد العدوه
09خالد الشطي عبداللطيف العميرييعقوب الصانع مشاري الحسيني سعد البوص
10حسين القلافمحمد العبدالجادرمحمد الجبري مبارك النجاده ناصر الشمرى
11احمد عبيد عدنان المطوعباسل الراجحي على الرشيدى بندر المكراد
12جنان بوشهري دعيج الشمريهشام الشايع سلطان الشمرى محمد الصواغ
13الرازى المضف عبدالرحمن العنجريحمد التويجري عبداللطيف المناور فالح سلمان
14مشعل الجويسرىعبدالواحد خلفاناسامه الطاحوس بدر الدويش على العنزى
15النصرالله ناصرهيثم الشايععبدالله الحبشى مشعل العيار مشعل الشطى

 

* المرشحون العشر الأوائل هم الفائزون بمقاعد مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية.

ومن الجدير بالملاحظة أن معدلات المشاركة بين الذكور والإناث على مستوى الدائرة الواحدة في جميع المناطق الانتخابية جاءت متشابهة إلى حدٍ كبير حيث بلغت نسبة مشاركة الرجل في الدائرة الأولى 61% مقابل 56% للمرأة، وفي الدائرة الثانية بلغت نسبة المقترعين من الرجال 58% مقابل 54% للإناث، وفي الدائرة الثالثة 58% مقابل 55% للجنسين تباعاً، وفي الدائرة الرابعة 32% للذكور مقابل 27% للإناث، بينما وصلت نسبة المقترعين إلى 22% للرجال مقابل 21% للنساء في الدائرة الخامسة (موقع الوطن الالكترونية 06/12/2012)، في دلالة واضحة على انسجام توجهات المرأة مع الرجل في الموقف السياسي، حيث تراجعت نسبة مشاركة الناخبين في الدائرتين الرابعة والخامسة حيث ثقل المعارضة والأغلبية القبلية والدينية المعارضة في مقابل الدوائر الأولى والثانية والثالثة التي اتخذت موقفاً مضاداً للمعارضة السياسية الجديدة.

انتخابات نوفمبر 2013:

للمرة الثانية على التوالي خلال عام واحد فقط أبطلت المحكمة الدستورية مجدداً نتائج انتخابات ديسمبر 2012 فيما حصّنت المحكمة ذاتها دستورية النظام الانتخابي الجديد (الصوت الواحد) الذي أقرته السلطة التنفيذية بمرسوم في غياب السلطة التشريعية، الأمر الذي ساهم في البدء بتقسيم شارع المعارضة بين القبول بقرار المحكمة أو رفضه، كما بدأت المشاركة السياسية تعود إلى معدلاتها الطبيعية فارتفعت نسبة المشاركة العامة إلى 52% مع استمرار المقاطعة جزئياً، ونافست في هذه الانتخابات خمس مرشحات فقط على المقاعد الانتخابية، حيث فازت كل معصومة المبارك في الدائرة الانتخابية الأولى (لكنها خسرت عضويتها لاحقاً بطعن تم قبوله في المحكمة الدستورية) وصفاء الهاشم في الدائرة الثالثة، ورغم النجاح المحدود إلا أن فوز اثنتان من خمس مرشحات حمل دلالات إيجابية على قدرة المرأة للعودة إلى الميدان السياسي حتى مع عودة التيارات السياسية المنظمة للساحة السياسية مجدداً، كما أفرزت هذه الانتخابات دخول أسماء نسائية جديدة في دائرة المنافسة السياسية لعل من أبرزها جنان بوشهري في الدائرة الأولى والتي تم تعيينها كوزيرة في التشكيل الحكومي الأخير في ديسمبر 2017 (أنظر الجدول رقم 8).

جدول (8) ترتيب المرشحين في انتخابات مجلس الأمة (2013)

 الدائرة الأولىالدائرة الثانيةالدائرة الثالثةالدائرة الرابعةالدائرة الخامسة
01عدنان عبدالصمدمرزوق الغانم علي العمير سلطان الشمري عبدالله التميمي
02فيصل الدويسانرياض العدساني خليل عبدالله أبل سعد الخنفور ماضي الهاجري
03وسف الزلزلةراكان النصف فيصل الشايع سعود الحريجي فيصل الكندري
04عيسى الكندريعادل الخرافي روضان الروضان ماجد موسى طلال السهلي 
05صالح عاشورعلي الراشد صفاء الهاشم محمد طنا العنزي حمدان العازمي 
06مبارك الحريص حمد الهرشاني جمال العمر عسكر العنزي محمد الحويلة 
07عبدالله الطريجيعودة الرويعي محمد الجبري منصور الظفيري سيف العازمي 
08كامل العوضيخلف دميثير يعقوب الصانع مبارك الخرينج حمود الحمدان 
09محمد الهدية عبدالرحمن الجيران عبدالكريم الكندريحسين القويعان سعدون حماد
10عبدالحميد دشتيخليل الصالح نبيل الفضل عبدالله العدواني أحمد مطيع
11معصومة المباركعدنان المطوع أسامة الطاحوسمحمد الرشيدي جابر المحيلبي
12عبدالله الروميأحمد لاري عبدالله معيوف باتل الرشيدي مطلق العتيبي
13وسمي الوسميسلمان العازميعلي الخميس فرز الديحاني حسين الدوسري 
14نواف الفزيعمحمد العبدالجادر عبدالعزيز السمحانفواز العازمي هاني شمس 
15خالد الشطي أحمد الحمد أحمد المليفي خالد الشليميحمود العازمي 

 

* المرشحون العشر الأوائل هم الفائزون بمقاعد مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية.

انتخابات نوفمبر 2016:

مع انتخابات نوفمبر 2016 عادت أجواء الاستقرار مجدداً للساحة السياسية، وانتهت المقاطعة على نطاق واسع خاصة بمشاركة جميع القوى والتيارات السياسية الكويتية، الأمر الذي خلق المنافسة السياسية الحقيقية من جديد، فحملت الانتخابات مفاجآت مهمة منها عودة المعارضة بقوة وبنسبة تغيير شملت 60% من أعضاء المجلس السابق، وبلغت نسبة مشاركة النساء 52% وذلك في تراجع ملفت حيث وصل معدل المشاركة العامة 68% من إجمالي الهيئة الناخبة، كما تقدم للترشيح 14 امرأة لم تحقق النجاح منهن سوى صفاء الهاشم التي استعادت مقعدها النيابي بعدما تقدمت باستقالة مسببة في المجلس السابق احتجاجاً على مواقف الحكومة ومناوراتها السياسية في تعطيل أداة المساءلة السياسية، وحملت الانتخابات الأخيرة مؤشرات واضحة على تراجع مسيرة السياسية للمرأة، إذ لم تدخل أية سيدة في دائرة المنافسة على مستوى جميع الدوائر الانتخابية، وإحجام الوجوه النيابية السابقة عن خوض الانتخابات، وعلى العكس من نجومية مجموعة كبيرة من الشباب في انتخابات عام 2016 وفوز البعض منهم بمراكز متقدمة ومنافسة البعض الآخر بقوة على المقاعد البرلمانية، لم تحقق الوجوه الشبابية النسائية مثل هذا الإنجاز، وإن فرضت البعض منهن بصمة متميزة عبر طرحها العلمي وأفكارها السياسية العصرية مثل غدير أسيري في الدائرة الأولى وعالية الخالد في الدائرة الثانية، الأمر الذي قد يشكل نواة جديدة لعودة مشروع المرأة السياسية من جيل الشباب (أنظر الجدول رقم 9).

من العرض السابق، يمكن القول بأهمية المشاركة السياسية للمرأة في عملية الانتخاب، حيث لم تشكل نسب ومؤشرات حضورها، الكثير من الفوارق الكبيرة مع الرجل، إضافة إلى تشابه نسب المشاركة على مستوى الدوائر الانتخابية المختلفة، الأمر الذي يعكس إلى حد مهم مؤشرات مشاركة المرأة جنباً إلى جنب مع مشاركة الرجل على صعيد العديد من دوافع الانتخاب ومعايير المشاركة والفعالية السياسية وتشابه مستويات الوعي السياسي.

من التجربة القصيرة الممتدة من عام 2006 وحتى عام 2016 يتبين توفر فرص المرأة في المنافسة السياسية، إذ حققت بعض المرشحات نتائج تنافسية ودخلت في الدائرة الضيقة للفوز بالمقعد البرلماني، وخسرت بعضهن بفارق بسيط من الأصوات، كما أن المحطات الانتخابية وتعددها قد عزّزت فرصة بعض المرشحات لفرض شخصياتهن على الساحة السياسية، ومواصلة المنافسة دون يأس، الأمر الذي تجلى في فوز معظم المرشحات بعد أكثر من محاولة، في حين حافظت البعض الآخر على مقاعدهن في المجلس لأكثر من دورة، مع بروز أسماء جديدة في كل مرة كانت تحقق الفوز في الانتخابات التالية، وذلك في دلالة تؤكد قدرة المرأة على إثبات وجودها، وأن المنافسة السياسية تخضع لعوامل موضوعية محددة لعل من أهمها تقييم الأداء الفعلي للمرأة وضرورة الاقتناع بأطروحاتها السياسية وبرامجها الانتخابية من لدن الرأي العام الشعبي.

جدول (9) ترتيب المرشحين في انتخابات مجلس الأمة (2016)

 الدائرة الأولىالدائرة الثانيةالدائرة الثالثةالدائرة الرابعةالدائرة الخامسة
01

عدنان عبدالصمد

مرزوق الغانم

عبدالوهاب البابطين

ثامر الظفيري

حمود الخضير

02

عيسى الكندري

رياض العدساني

سعدون العتيبي

مبارك الحجرف

حمدان العازمي

03

محمد الهديه

خليل الصالح

يوسف الفضالة

محمد هايف

الحميدي السبيعي

04

عبدالله الرومي

جمعان الحربش

عبد الكريم الكندري

سعد الرشيدي

طلال السهلي

05

عادل الدمخي

حمد الهرشاني

صفاء الهاشم

علي الدقباسي

فيصل الكندري

06

صالح عاشور

محمد المطير

محمد الدلال

عبدالله فهاد

خالد العتيبي

07

مبارك الحريص

خلف دميثير

وليد الطبطبائي

شعيب المويزري

ماجد المطيري

08

اسامة الشاهين

راكان النصف

خليل عبدالله

عسكر العنزي

نايف العجمي

09

خالد الشطي

عودة الرويعي

محمد الجبري

فراج زبن العربيد

ناصر الدوسري

10

صلاح خورشيد

عمر الطبطبائي

احمد الفضل

سعود الشويعر

محمد الحويله

11

 يوسف الزلزلة

حمد المطر

جمال العمر

مرزوق الخليفة

حمود الحمدان

12

عبد الله الطريجي

سلمان العازمي

عبد الله الكندري

سلطان الشمري

مهدي العجمي

13

كامل العوضي

انور بوخمسين

علي الخميس

مبارك الخرينج

مبارك العجمي

14

حمد روح الدين

احمد باقر

يعقوب الصانع

مبارك الوعلان

الصيفي الصيفي

15

عبدالمطلب بهبهاني

احمد لاري

فارس العتيبي

فواز الجويعد

عايض العتيبي

 

* المرشحون العشر الأوائل هم الفائزون بمقاعد مجلس الأمة عن الدائرة الانتخابية.

ثالثاً: حدود الدراسة الميدانية وضوابطها المنهاجية

  1. مجتمع الدراسة:

يتمثل مجتمع الدراسة في مواطني دولة الكويت من الذكور والإناث من فئة العمر 21 سنة فأكثر، وهو العمر الذي يمثل السن القانوني الذي يحق له التصويت في الانتخابات العامة، وبحسب تقديرات الإدارة المركزية للإحصاء لعام 2017، فقد بلغ عدد السكان من الكويتيين 1.270.201 فرداً موزعين بين 632.463 من الذكور في مقابل 637.738 من الإناث (الموقع الالكتروني للإدارة المركزية للإحصاء https://www.csb.gov.kw)، وبحسب الفئات العمرية، فقد وصل عدد المسجلين في القيود الانتخابية من شريحة 21 سنة فما فوق عند الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2016 نحو 519624 مواطناً (248.052 ناخباً من الرجال مقابل 271.572 ناخبة من النساء)، ويشمل مجتمع الدراسة الدوائر الانتخابية الخمس في الكويت بحسب الجنس والفئات العمرية ونوع الوظيفة والمستوى التعليمي والتيار السياسي.

  1. عينة الدراسة:

تكونت عينة الدراسة من 544 مشاركاً من الذكور والإناث من الفئة العمرية 21 سنة فأكثر، وباستخدام العينة الطبقية، تم توزيع العينة على طبقات المجتمع وفقاً للدوائر الانتخابية المختلفة، حيث تم سحب العينات من كل طبقة باستخدام العينة العشوائية البسيطة لكي تكون ممثلة لمجتمع الدراسة، كما روعي أيضاً المستوى التعليمي والتوصيف الوظيفي والتيار السياسي للمشاركين حتى تكون العينة ممثلة لجميع الشرائح التي من المتوقع مشاركتها في الانتخابات القادمة، وبالإضافة ذلك فقد تم تقدير حجم العينة بمستوى ثقة قدرها 95% وبخطأ هامشي قدره 5%، كما روعي إضافة 20% للعينة عند توزيعها للتغلب على معدل عدم الاستجابة (Nonresponse Rate)، وهي نسبة عالية جداً.

  1. أداة الدراسة:

تكونت أداة الدراسة من استبانة مكونة من جزأين، حيث تضمّن الجزء الأول مجموعة من الأسئلة تناولت المتغيرات الشفهية الممثلة بالعمر والجنس والمؤهل التعليمي والوظيفة والدائرة الانتخابية والتيار السياسي، بينما تناول الجزء الثاني مجموعة بيانات الدراسة المتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر بموضوع تجربة عضوية المرأة الكويتية في مجلس الأمة، وشملت المحاور الأساسية الآتية:

الفاعلية السياسية: وتشمل قياس مدى وعي أفراد العينة بالعملية السياسية والمشاركة في الأنشطة السياسية والنقابية ومتابعة شؤونها، ومستوى الاهتمام بمتابعة أداء المرأة كنائب في مجلس الأمة.

تقييم تجربة المرأة في المجالس السابقة (الأداء السياسي للمرأة): ويتعلق هذا المحور برصد آراء أفراد العينة حول تجربة المرأة الفعلية في المجالس السابقة، وتقييم أدائهن البرلماني من خلال اللجان العاملة ونشاطهن في البعدين التشريعي والرقابي وقدرتها على تعزيز مكاسب المرأة السياسية.

استشراف فرص وصول المرأة في الانتخابات القادمة: ويتضمّن إمكانية التصويت للمرأة من عدمه، وأسباب التصويت لها، والعوامل المؤثرة في عدم التصويت للمرأة مستقبلاً.

من ناحية أخرى، اشتملت الاستبانة على ثلاثة محاور هي (1) محور الفاعلية السياسية ويتألف من عشرة أسئلة (2) محور تقييم تجربة المرأة في المجالس السابقة (أو الأداء السياسي للمرأة) ويضم تسعة أسئلة (3) محور استشراف فرص نجاح المرأة في الانتخابات القادمة أي ما بعد الانتخابات النيابية عام 2013 ويتكون من تسعة أسئلة.

كما قسّمت استجابة العينة إلى خمسة مقاييس (أوافق بشدة، أوافق، محايد، لا أوافق، لا أوافق بشدة)، ومن أجل تقليص أدوات الدراسة إلى أقل عدد من المتغيرات ذات المصداقية والثبات، فقد تم استخدام التحليل العاملي، الذي تم استخدامه أيضاً في التخلص من مشكلة ازدواجية البيانات وتقليصها في عدد أقل من المتغيرات المستقلة بقدر الإمكان، حيث تشير مصداقية المحور إلى مقدار الاتساق الداخلي لبنود المحور، بينما تعتبر مصداقية المحور مقبولة إذا كانت أعلى من 65%، كما يشير التباين المفسّر إلى قدرة المحور على تفسير المفهوم الذي يقيسه، كما يعتبر التباين المفسر الأكثر من 50% مقبولاً إحصائياً.

في محور الفاعلية السياسية بلغت نسبة المصداقية للجزء الخاص بالوعي بدور المرأة 69% والتباين المفسّر 62% تقريباً، وفي جزئية المعوقات الاجتماعية والدينية أمام المرأة فقد بلغت المصداقية 83% والتباين المفسّر 74%، أما في محور تقييم تجربة المرأة في المجالس السابقة أو الأداء السياسي للمرأة فقد بلغت المصداقية 88% والتباين المفسّر 69%، وبذلك يمكن القول أن النتائج تشير إلى أن جميع المحاور قد استوفت كافة شروط الثبات والمصداقية، حيث أن أدنى تباين مفسّر هو 60% على الأقل وإن بلغت المصداقية 69% على الأقل.

  1. 4. التحليل الاحصائي:

تم استخدام برنامج الحزمة الإحصائية للعلوم الاجتماعية (SPSS) في التحليل الاحصائي، واستخدام الإحصاء الوصفي للتكرارات والنسب المئوية وكذلك الوسط الحساب والانحراف المعياري.

  1. توزيع العينة حسب مستويات المتغيرات الديموغرافية:

توزعت نسب العينة، وكما هو مبين في الجدول (10)، تبعاً لعامل الجنس إلى 43% من الذكور مقابل 57% من الإناث، بينما انقسمت العينة، كما يشير التحليل الإحصائي، بحسب الفئة العمرية إلى 42.8% من الشريحة العمرية 21-31 سنة، في حين بلغت نسبة الفئة العمرية 32-42 سنة 40.6%، بينما جاءت نسبة الفئة العمرية 43-53 سنة ما نسبته 11.4%، وأخيراً مثّلت الفئة العمرية من 54 سنة وأكثر 5.1%.

جدول (10) توزيع عينة الدراسة حسب المتغيرات الديموغرافية

المتغيراتالتكرارات والنسب
الجنسذكرانثى
234310
43%57%
الفئة العمرية21-31 سنة32-42 سنة43-53 سنةأكبر من 54 سنة
2332116228
42.8%40.6%11.4%5.1%
الوظيفةالقطاع الحكوميالقطاع الخاصطلبةأعمال حرةلا يعمل
35578411751
65.3%14.3%7.5%1.5%9.4%
المؤهل الدراسيالثانوية العامةالدبلومجامعيدراسات عليا
8617923741
15.8%32.9%43.6%7.5%
الدائرة الانتخابيةالدائرة الأولىالدائرة الثانيةالدائرة الثالثةالدائرة الرابعةالدائرة الخامسة
849212817762
15.4%16.9%23.5%32.5%11.4%
التيار السياسيالإخوان المسلمينالتيار الليبراليالتيار السلفيالتيار الشيعيالمستقلين
374612376244
6.8%22.6%22.6%14%44.9%

أما بالنسبة لتوزيع لعينة حسب الوظيفة فتشير النتائج الى أن نسبة 65.3% من المشاركين هم من العاملين في القطاع الحكومي، وأن نسبة 14.3% منهم كانوا من القطاع الخاص، بينما وصلت نسبة الطلبة إلى 7.5%، ونسبة 1.5% من ذوى الأعمال الحرة، وأخيراً بلغت نسبة من لا يعملون 9.4%.

وفيما يتعلق بالمستوى التعليمي للمبحثين، تفيد النتائج إلى أن 15.8% منهم حاصلين على الثانوية العامة، في حين بلغت نسبة حملة الدبلوم 32.9%، مقابل 43.6% من حملة الشهادات الجامعية، بينما جاء حملة الشهادات فوق الجامعية بنسبة 7.5%.

بالنسبة لتوزيع العينة طبقاً للدوائر الانتخابية التابع لها المبحوثين، كشف التحليل أن نسبة 15.4% من المشاركين هم من الناخبين في الدائرة الأولى، وأن نسبة 16.9% منهم من ناخبي الدائرة الثانية، بينما مثّل ما نسبته 23.5% المسجلين في الدائرة الثالثة، مقابل 32.5% من الناخبين في الدائرة الرابعة، وأخيراً جاءت نسبة الناخبين في الدائرة الخامسة 11.4%.

أخيراً، تفيد النتائج بتوزيع العينة بحسب الانتماء السياسي للمشاركين على النحو التالي: 6.8% من المنتمين إلى تيار الإخوان المسلمين، مقابل 22.6% من مؤيدي التنظيمات الليبرالية، وما نسبته 22.6% من المنتمين الى التيار السلفي، والتابعين للتيارات الشيعية بنسبة 14%، في حين أفاد 44.9% بأنهم من المستقلين.

  1. صدق الأداة وثباتها:

من أجل التأكد من صدق أداة الاستبيان، وزعت الاستبانة بصورتها الأولية على عدد 20 من حملة الدكتوراه من أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت من كليات أدبية وإنسانية مختلفة، وطلب منهم إبداء الرأي والملاحظات في مدى ملاءمة الأداة لعينة الدراسة والسلامة اللغوية، ودرجة ملاءمة الأسئلة لقياس توجهات أفراد العينة، وقد تنوعت الملاحظات بين غموض بعض الأسئلة أو الحاجة إلى تعديلها وإضافة بعض الأسئلة الأخرى، حيث عدلت الأداة بحسب هذه الملاحظات، كما بلغت قيمة معادل الثبات (كروم باخ ألفا) 81.9% وهي نسبة جيدة، مما يشير إلى ثبات الأداة والاتساق الداخلي لبنود أسئلة البحث في قياس المفاهيم التي وضعت من أجلها.

رابعاً: التحليل الإحصائي واختبار فرضيات الدراسة

( أ ) التحليل العاملي لمحاور الدراسة:

يستخدم التحليل العاملي عادة في تقليص بنود محاور الدراسة إلى عدد أقل من المتغيرات تسمى عوامل، وذلك بالتخلص من مشاكل الازدواج بين المتغيرات، والوصول الى استقلالية بين محاور الدراسة بتدوير المحاور ما أمكن ذلك، ويساعد التحليل العاملي أيضاً في التخلص من مشكلة زخم (Redundancy) البيانات بين المتغيرات التي قد تتسبب في مشاكل عدة في التحليلات المتقدمة منها على سبيل المثال مشاكل الازدواج الخطي (Multicollinearity) عند بناء نماذج السببية، وتعرف المصداقية بأنها مقياس للاتساق الداخلي بين بنود المحاور حيث تعتبر المصداقية الأكثر من 65% مقبولة احصائياً، كما يعرف التباين المفسّر بأنه مقدار ما يفسره المحور أو العامل (Construct) من المفهوم (Concept) الذي يقيسه، إذ يعتبر التباين الأكثر من 50% مقبولاً احصائياً، أما فيما يتعلق بمعاملات التحميل فهي تعكس مقدار ارتباط كل بند من بنود المحور بالمفهوم الذي يقيسه ويعتبر التباين الأكثر من 50% مقبولاً احصائياً (Hair, Jr., Black, Babin & Anderson, 2010).

بالتحليل العاملي لمحاور الدراسة، وبعد التخلص من الأسئلة ذات المصداقية المنخفضة، تم اختصار محاور الدراسة إلى خمسة محاور رئيسية بحساب متوسط كل محور كوسط مرجح لبنود المحور مرجحاً بمعاملات التحميل، وقد تبين من نتائج التحليل العاملي لمحاور الدراسة (الوعي السياسي، معوقات تمثيل المرأة، الأداء السياسي، فرص التصويت للمرأة، ومعوقات التصويت) أن المتوسط معنوي (عند مستوى المعنوية a≤0.05) وكما هو مبين في الجدول رقم (11) والشكل البياني رقم (1).

جدول (11) ملخص المؤشرات الإحصائية لمحاور البحث

محاور الدراسةالمصداقيةالتباين

المفسر

معاملات

التحميل

الوسط

الحسابي

مستوى

المعنوية

الفاعلية السياسية
الوعي السياسي69.0%61.9%   
متابعة القضايا السياسية  0.8172.83.000*
المشاركة في مؤسسات المجتمع  0.7823.14.001*
متابعة أداء النائبات في مجلس الأمة  0.7602.55.003*
معوقات تمثيل المرأة82.7%74.3%   
قيود التقاليد  0.8652.55.000*
قيود لا تناسب طبيعة المرأة مع العمل السياسي  0.8732.68.000*
قيود دينية وشرعية  0.8432.58.000*
الأداء السياسي88.5%68.64%   
تميز أداء النائبات  .8492.94.234
تعزيز مكاسب المرأة  .8093.23.000*
الاهتمام بمشاريع تهم المرأة  .8273.19.000*
مشاركة المرأة في اللجان البرلمانية  .8143.09.048*
المساهمة في التشريع والرقابة  .8443.08.088
استشراف وصول المرأة في الانتخابات القادمة
فرص التصويت للمرأة92.5%77.0%   
التزامهن بحضور الجلسات  0.7992.71.002*
سوف أصوت للمرأة  0.8762.75.158
أنها الأقدر على تقديم الخدمات  0.8712.56.214
تمتع المرأة بالخبرة بالعمل البرلماني  0.9022.63.002*
أنها الأقدر على التعبير عن قضايا المرأة  0.9062.84.158
معوقات التصويت للمرأة70.2%62.71%   
ضعف الأداء البرلماني  0.8133.15.002*
عدم تقديم خدمات لأبناء الدائرة  0.7803.06.158
ضعف أداء المرأة الرقابي والتشريعي  0.7593.06.214

 

* تعنى أن الوسط الحسابي يختلف عن 3 (محايد) بمستوى المعنوية أقل من 5%.

كما يعرض الجدول (12) ملخصاً إحصائياً للأوساط الحسابية لكل محور، والانحراف المعياري، وحجم العينة، ومعنوية الوسط الحسابي إذا ما كانت محايدة (3)، أو سالبة (أقل من 3)، أو موجبة (أكثر من 3)، ويشير التحليل في الجدول نفسه كذلك إلى أن آراء العينة موجبة تجاه محور الوعي السياسي (المتوسط الحسابي 3.14، مستوى المعنوية 0.000) على مقياس لكارت الخماسي، كما تشير النتائج إلى أن متوسط آراء معوقات المرأة سالبة بمتوسط (2.6، ومستوى المعنوية 0.000) على مقياس لكارت الخماسي، أما بالنسبة للأداء السياسي للمرأة جاءت النتائج مؤيدة لإيجابية الأداء السياسي للمرأة (متوسط حسابي 3.12، ومستوى المعنوية 0.006) على مقياس لكارت الخماسي، وبالنسبة فرص التصويت للمرأة تؤكد النتائج بإيجابية فرص التصويت للمرأة (متوسط حسابي 3.09، ومستوى المعنوية 0.010) على مقياس لكارت الخماسي، وأخيراً جاءت آراء العينة نحو معوقات تصويت المرأة سالبة وغير مؤيدة للمعوقات (متوسط آراء العينة 2.7، ومستوى المعنوية 0.000) (انظر الشكل 1 لمزيد من الإيضاح).

جدول (12) الملخصات الإحصائية لمحاور الدراسة

محاور الدراسةالوسط

الحسابي

الانحراف

المعياري

حجم

العينة

مستوى

الدلالة

الوعي السياسي3.140.900527000.*
معوقات تمثيل المرأة2.601.054533000.*
الأداء السياسي للمرأة3.120.903529006.*
فرص التصويت للمرأة3.090.829531010.*
معوقات التصويت للمرأة2.701.040527000.*
المجموع487

 

* تعنى أن الوسط الحسابي يختلف عن 3 (محايد) بمستوي معنوية أقل من 5%.

(ب) تحليل الارتباطات بين محاور الدراسة:

من الأهمية بمكان دراسة الارتباطات بين محاور الدراسة، حيث يعرف الارتباط بأنه دراسة قوة واتجاه العلاقة بين متغيرين، وتتراوح قيمة هذا الارتباط بين (-1، +1)، فكلما اقتربت قيمة الارتباط من الصفر كان ارتباطاً ضعيفاً، بينما تحدد الإشارة ما إذا كان ارتباطاً طردياً (في حال كانت الإشارة موجبة)، أم عكسياً (إذا ما كانت الإشارة سالبة)، وإذا زادت قيمة الارتباط عن 0.50 أصبح ذلك الارتباط قوياً ويعكس متانة العلاقة بين المتغيرين.

فمتغير الوعي السياسي في هذه الدراسة، وكما هو معروض في الجدول (13)، له ارتباط طردي ضعيف ولكنه معنوي مع معوقات التصويت للمرأة (قيمة معمل الارتباط 27.7%، ومستوى الدلالة 0.000)، كما له ارتباط طردي ضعيف ولكن معنوي مع فرص التصويت للمرأة (معامل الارتباط 11.5%، ومستوى المعنوية 0.009)، وكذلك له ارتباط طردي ضعيف مع الأداء السياسي للمرأة (معامل الارتباط 23.6%، ومستوى المعنوية 0.000)، في حين لا توجد علاقة ارتباط بين الوعي السياسي ومعوقات تمثيل المرأة (معامل الارتباط 0.4%-، ومستوى المعنوية 0.925).

شكل (1) التمثيل البياني لمتوسطات محاور الدراسة

أما بالنسبة لارتباطات معوقات تمثيل المرأة بالمحاور الأخرى، وكما يبين الجدول (13) نفسه، فلها ارتباط عكسي ضعيف ولكن معنوي مع معوقات التصويت للمرأة (معامل الارتباط -37%، ومستوى المعنوية 0.000)، وارتباط طردي ضعيف ولكن معنوي مع فرص التصويت للمرأة (معامل الارتباط 40.7%، ومستوى المعنوية 0.000)، وأخيراً له ارتباط عكسي ضعيف ومعنوي مع الأداء السياسي للمرأة (معامل الارتباط % -40.7، ومستوى المعنوية 0.000).

أما بالنسبة للأداء السياسي للمرأة، فتشير النتائج الى وجود ارتباط طردي قوي معنوي بينه وبين معوقات التصويت (معامل الارتباط 74.2%، ومستوى المعنوية 0.000) وله ارتباط عكسي ضعيف ولكن معنوي بينه وبين فرصة التصويت (معامل الارتباط -22.8%، ومستوى المعنوية 0.000)، وأخيراً فأن متغير فرص التصويت للمرأة له علاقة ارتباط سالبة (عكسية) ولكن معنوي مع معوقات التصويت (معامل الارتباط 23.5-%، ومستوى المعنوية 0.000).

جدول (13) معامل بيرسون للارتباط بين محاور الدراسة

 الوعي

السياسي

معوقات تمثيل المرأةالأداء السياسي

 

فرص التصويت للمرأةمعوقات التصويت للمرأة
الوعي السياسيمعامل ارتباط بيرسون10.004-**236.**115.**277.
مستوي

المعنوية

0.9250.0000.0090.000
حجم العينة527518514514512
معوقات تمثيل المرأةمعامل ارتباط بيرسون0.004-1**407-**313-**370-
مستوي المعنوية0.9250.0000.0000.000
حجم العينة518533520521517
الأداء السياسي للمرأةمعامل ارتباط بيرسون**236.**407.-1**238.-**742.
مستوي المعنوية0.0000.0000.0000.000
حجم العينة514520529518513
فرص التصويت للمرأةمعامل ارتباط بيرسون**115.**313.**238.-1**235.-
مستوي المعنوية0.0090.0000.0000.000
حجم العينة514521518531520
معوقات التصويت للمرأةمعامل ارتباط بيرسون**277.**370.-**742.**235.-1
مستوي المعنوية0.0000.0000.0000.000
حجم العينة512517513520527

يتضح من مراجعة استجابة العينة بحسب متغيرات الدراسة، أن أفراد العينة أغلبهم من الفئة العمرية التي تتراوح بين 21-42 سنة وبنسبة بلغت حوالي 83%، وأن أغلبهم من العاملين بالقطاع الحكومي ونسبة 65% تقريباً، كما تميزت العينة بأن أغلبها من المستوى التعليمي الجامعي فما فوق بنسبة بلغت حوالي 51%، كما توزعت العينة على الدوائر الانتخابية المختلفة فيما تركزت على الأغلب في الدائرتين الثالثة والرابعة، أما من حيث الانتماء السياسي، فقد جاءت أغلبية العينة من المستقلين وبنسبة 45% من مجموع المشاركين، بينما بلغت نسبة المنتمين إلى التيار الديني السني (الإخوان المسلمون والسلف) 32.5%، ثم المنتمين للتيار الإسلامي الشيعي وبنسبة 14%، وأخيراً الليبراليين بنسبة 8.5%.

انسجاماً مع نتائج التحليل الاحصائي من حيث المصداقية والتباين المفسر، تم إعادة تشكيل محاور الدراسة إلى الوضع الآتي:

  1. الوعي السياسي: مستوى الدلالة (000.)، ويشمل الأسئلة التالية:

– اهتم بمتابعة القضايا السياسية محلياً ودولياً.

– أشارك في عضوية وأنشطة الاتحادات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني.

– كنت من المتابعين لأداء النائبات في مجلس الأمة.

  1. المعوقات الاجتماعية والدينية أمام المرأة: مستوى الدلالة (000.)، ويشمل الأسئلة التالية:

– مشاركة المرأة في الحياة السياسية تتعارض مع العادات والتقاليد.

– طبيعة العمل السياسي لا تتناسب مع شخصية المرأة الكويتية.

– ترشيح المرأة لعضوية مجلس الأمة يتعارض مع الدين وأحكام الشريعة الإسلامية.

  1. الأداء السياسي: مستوى الدلالة (001.)، ويشمل الأسئلة التالية:

– أداء النائبات كان متميزاً في الانتخابات السابقة.

– عضوية المرأة في البرلمان عززت مكاسب المرأة السياسية.

– قامت النائبات بتقديم مشاريع قوانين تهم المرأة والأسرة الكويتية.

– شاركت المرأة بقوة في اللجان البرلمانية.

– قامت المرأة النائبة بدورها في التشريع والمراقبة.

  1. فرص التصويت للمرأة: مستوى الدلالة (008.)، ويشمل الأسئلة التالية:

– سوف أصوت للمرأة لأنها أكثر التزاماً بحضور الجلسات واللجان.

– سأصوت للمرأة في الانتخابات القادمة.

– سوف أصوت للمرأة لأنها الأقدر على تقديم خدمات شخصية لأبناء الدائرة.

– سوف أصوت للمرأة لأنها اكتسبت خبرة برلمانية .

– سوف أصوت للمرأة لأنها الأقدر على التعبير عن قضايا المرأة.

  1. معوقات التصويت للمرأة: مستوى الدلالة (000.)، ويشمل الأسئلة التالية:

– عدم وصول المرأة لعضوية البرلمان كان لضعف أدائها البرلماني.

– تراجعت شعبية المرأة بسبب عدم تقديم خدمات شخصية لأبناء الدائرة.

– ضعف أداء المرأة الرقابي والتشريعي كان سبب عدم وصول أي امرأة للبرلمان.

بعد دراسة معاملات الارتباط بين محاور الدراسة ربما يكون جديراً بالاهتمام بحث وتحليل اختلاف مستويات المتغيرات الديموغرافية وتأثيرها على محاور الدراسة، لذلك يستعرض الجزء التالي نتائج اختبار (t-) للفرق بين معنوية آراء مجموعتين مستقلتين كما هو الحال في متغير الجنس (ذكر، أنثى)، أو اختبار معنوية الفرق بين آراء أكثر من مجموعتين مستقلتين باستخدام اختبار (ANOVA) لتحليل التباين كما هو الحال في تأثير فئات العمر أو الخبرة.

(ج) تأثير مستويات المتغيرات الديموغرافية على آراء العينة في محاور الدراسة:

  1. الجنس:

يعرض الجدول (14) نتائج اختبار (t-) للفرق بين آراء الذكور الإناث في العينة فيما يتعلق بمحاور الدراسة، وكما هو موضح في الجدول توجد اختلافات إحصائية ذات دلالة معنوية بين آراء الجنسين حول الوعي السياسي (مستوى المعنوية 0.000)، حيث بينت النتائج أن الذكور كانوا أكثر إيجابية (متوسط حسابي 3.38) من الإناث (متوسط حسابي 2.96) على المقياس الخماسي، ويمكن تفسير ذلك بالخبرة التراكمية لدى الذكور في عمليتي الترشيح والانتخاب بسبب المشاركة السابقة التي تفوق خبرة الإناث منذ بداية العهد الديمقراطي، بالإضافة إلى أن الرجال أكثر حضوراً في المنتديات العامة كالديوانيات والندوات والفعاليات السياسية، وأخيراً فأن الذكور يكونون في الأغلب أكثر ارتباطاً بمؤسسات المجتمع المدني مثل الاتحادات والنقابات العمالية والجمعيات المهنية والأندية الرياضية وغيرها، وهذا ما يتفق مع نتائج دراسة خالد الشلال (2005) وبحث المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية (2007) المشار إليهما آنفاً.

كما جاءت آراء المجموعتين سالبة بالنسبة لمعوقات تمثيل المرأة، (متوسط آراء الذكور 2.79، ومتوسط آراء الإناث 2.79 على المقياس الخماسي)، والفروق بينهما معنوية (مستوى الدلالة 0.000)، وتأتي آراء الذكور والإناث متطابقة إلى حد كبير على الرغم من وجود بعض الفروق المعنوية، حيث لا يرى أي منهما أن هناك معوقات حقيقية اجتماعية أو دينية تعتري مشاركة المرأة السياسية، وقد انعكس ذلك بوضوح أيضاً من خلال الإجابة على الأسئلة المتعلقة بتعارض العادات والتقاليد مع مشاركة المرأة في الحياة السياسية أو عدم تناسب طبيعة العمل السياسي مع شخصية المرأة الكويتية وأن ترشيحها للمؤسسة التشريعية لا يتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية، ولعل مرد هذا الموقف الإيجابي يعود إلى عوامل من أهمها التسويق الكبير الذي قادته السياسة الإعلامية في الدولة حول تشجيع مشاركة المرأة بعد إقرار قانون الحقوق السياسية مباشرة، بالإضافة إلى صدور فتوى وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بجواز ترشيح المرأة وانتخابها وبأدلة شرعية فقهية، مما انعكس إيجابياً على نسبة مشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية كما أوضحت الأرقام المذكورة سابقاً.

جدول (14) نتائج اختبار (t-) للفرق بين متوسطات الذكور والإناث بالعينة

محاور الدراسةالجنسالوسط

الحسابي

الانحراف

المعياري

الخطأ المعياريحجم العينةمستوى

الدلالة

الوعي السياسيذكر2290.0570.8563.38.000*
أنثى2980.0520.8902.96
معوقات تمثيل المرأةذكر2310.0671.0242.79.000*
أنثى3020.0611.0562.46
الأداء السياسيذكر2260.0550.8312.96.001*
أنثى3030.0540.9403.22
فرص التصويت للمرأةذكر2310.0510.7743.20.008*
أنثى3000.0500.8613.01
معوقات التصويت للمرأةذكر2290.0630.9472.45.000*
أنثى2980.0621.0692.89

بالنسبة للأداء السياسي للمرأة تفيد النتائج أن آراء الذكور جات سالبة تجاه هذا المحور (متوسط الآراء 2.96) في حين جاءت آراء الإناث موجبة (متوسط الآراء 3.22)، وأن الفروق بين آرائهما معنوية (مستوى الدلالة 0.001)، ويعود تباين الآراء بين الشريحتين إلى زيادة الوعي السياسي لدى الذكور كما تم بيانه سابقاً في محور الوعي السياسي والقدرة على المتابعة والموضوعية في التقييم، بينما قد تتأثر النسوة بحزمة التشريعات المؤيدة للحقوق المدنية والاجتماعية للمرأة التي تم إقرارها في مجلس الأمة مع الزخم الإعلامي الكبير الذي واكب ذلك الإنجاز.

 وعن محور فرص التصويت للمرأة، تظهر النتائج إيجابية كل من آراء الذكور وآراء الإناث تجاه فرص التصويت للمرأة في الانتخابات القادمة عند ترشيحها (متوسط آراء الذكور 3.20، ومتوسط آراء الإناث 3.01)، وأن الفروق بينهما معنوية (مستوي المعنوية 0.008)، وربما يعكس هذا التوجه رغبة الجنسين في عودة المرأة للحياة البرلمانية، حيث أنها اكتسبت خبرة نيابية يضاف لها قوة الطرح أثناء الحملات الانتخابية والالتزام بواجباتها البرلمانية في حضور اللجان المختصة والجلسات العامة وتقديم القوانين والمقترحات البرلمانية، كما سجلت المرأة مصداقية سياسية ووجدانية في بعض المواقف حيث قدمت الوزيرة معصومة المبارك استقالتها كوزيرة للصحة بعد حادث حريق في إحدى المستشفيات الحكومية متحملة مسؤولياتها السياسية بعد سقوط ضحايا بشرية جراء ذلك، كما سجلت النائب صفاء الهاشم موقفاً تاريخياً بتقديم استقالتها من عضوية البرلمان عندما تم إجهاض استجوابها لرئيس مجلس الوزراء في 15/5/2014 ولم تمكّن من ممارسة حقها الرقابي في محاسبة الحكومة، الأمر الذي زاد من شعبيتها مقارنة بالعديد من زملائها الذكور.

وفيما يتعلق بمعوقات التصويت للمرأة، تظهر النتائج سلبية الإجابات لكل من الذكور والإناث، مما يؤكد وجود تلك المعوقات بالفعل (متوسط آراء الذكور 2.45 مقابل متوسط آراء الإناث 2.89 على النظام الخماسي)، كما تؤكد النتائج معنوية الفروق بين آراء المجموعتين.

  1. الفئات العمرية:

يعرض الجدول (15) نتائج اختبار تحليل التباين (ANOVA) بين المجموعات المستقلة (فئات العمر)، حيث تؤكد النتائج معنوية الفروق بين فئات العمر المختلفة وآرائها في محور الوعي السياسي، فقد تبين أن الفئات العمرية (32-43)، (44-52)، (53 فأكثر) تتفوق في درجات الوعي السياسي على الفئة العمرية الفتية (21-31)، حيث أن جميع آرائها موجبة مما يعني تحقق الوعي السياسي في صفوفها ولو بدرجات متفاوتة حيث أن الفروق بين متوسطاتها الحسابية معنوية (مستوى المعنوية 0.017) وذلك بالمقارنة مع الفئة العمرية (21-31) الأقل وعياً، وقد يعود السبب في ذلك إلى نقص الخبرة والممارسة السياسية وانشغال هذه الشريحة الشبابية في أولويات تكوين حياتها الوظيفية والعائلية، كما سجلت الفئة العمرية (53 سنة وأكثر) أعلى مستويات الوعي السياسي كدلالة واضحة على النضج الفكري والسياسي والتجربة السياسية الطويلة لهذه الشريحة العمرية.

من جانب آخر، جاءت أراء الفئات العمرية جميعها سالبة تجاه قضية معوقات تمثيل المرأة، ولكن الفروق بين تلك الآراء كانت معنوية (مستوى المعنوية 0.001)، فنجد أن الفئة العمرية (21-31 سنة) أقل سالبية من الفئات العمرية الأخرى، وهذا ما يؤكده المحور الخاص بمعوقات تمثيل المرأة التي تراها الفئة العمرية الأصغر سناً بنظرة إيجابية مقارنة ببقية الفئات العمرية.

أخيراً، تشير النتائج الى عدم معنوية الفروق بين الفئات العمرية بالنسبة لمحاور تقييم الأداء السياسي للمرأة، فرص التصويت للمرأة ومعوقات التصويت للمرأة بمستويات معنوية (0.702، 0.064، 0.412) على التوالي، كما هو مبين بالجدول السابق.

جدول (15) نتائج اختبار تحليل التباين بين فئات العمر لمحاور الدراسة

فئات العمرالمؤشرات الإحصائيةالوعي

السياسي

معوقات تمثيل المرأةالأداء السياسيفرص التصويت للمرأةمعوقات التصويت للمرأة
21-31الوسط الحسابي3.002.403.162.992.77
حجم العينة226228226226228
الانحراف المعياري0.8991.0230.9060.8171.007
32-43الوسط الحسابي3.252.703.063.192.67
حجم العينة215219217217213
الانحراف المعياري0.8681.0210.9030.8171.07
44-52الوسط الحسابي3.202.923.103.082.64
حجم العينة5959776159
الانحراف المعياري0.9331.1710.970.8731.089
53 وأكثرالوسط الحسابي3.302.793.063.232.47
حجم العينة2727272727
الانحراف المعياري0.9591.0360.7480.8560.964
المجموع الوسط الحسابي3.142.603.113.092.70
حجم العينة527533529531527
الانحراف المعياري0.91.0540.9030.8291.04
مستوى الدلالة0.017*0.001*0.7020.0640.412

 

* تعنى أن الفروق بين فئات العمر معنوية عند مستوى المعنوية أقل من أو يساوى 5%.

  1. المؤهل الدراسي:

جاءت آراء مختلف المؤهلات التعليمية، وكما هو موضح في الجدول (16)، موجبة تجاه محور الوعي السياسي، حيث أن جميع المتوسطات أكبر من 3 على المقياس الخماسي، مع وجود فروق احصائية ذات دلالة معنوية بين الفئات المختلفة (مستوى المعنوية 0.320)، ويعكس هذا المحور الوعي السياسي لدى المواطن الكويتي بشكل عام وهو ما يتفق مع نتائج دراسة حسين ميرزا (2017) حول أسباب العزوف عن المشاركة السياسية في الكويت، كما يلاحظ ارتفاع هذا المستوى من الوعي لدى أصحاب المؤهلات العليا، إذ تنسجم هذه النتيجة مع ما توصل إليه خالد الشلال (2005) في دراسته حول وجود دلالة إيجابية بين عامل المستوى التعليمي ومشاركة المرأة السياسية.

في المقابل، تراوحت آراء العينة بين إيجابية وسلبية طبقاً لاختلاف مؤهلاتهم العلمية تجاه محور معوقات تمثيل المرأة في مجلس الأمة، فقد جاءت آراء الحاصلين على الثانوية العامة أو درجات علمية أقل ايجابية، بينما جاءت آراء الحاصلين على الشهادات الجامعية وما فوق الجامعية سالبة (لمزيد من المعلومات انظر الجدول 16) (مستوى المعنوية 0.000)، أي أن الأقل تعليماً يبدون تأييدهم للأعراف والتقاليد والشريعة وأنها تعوق تمثيل المرأة سياسياً.

جدول (16) نتائج اختبار تحليل التباين بين المؤهلات الدراسية وآرائها لمحاور الدراسة

فئات المؤهل الدراسيالمؤشرات الإحصائيةالوعي

السياسي

معوقات تمثيل المرأةالأداء السياسيفرص التصويت للمرأةمعوقات التصويت للمرأة
ثانوي فأقلالوسط الحسابي3.103.102.943.192.53
حجم العينة8485838382
الانحراف المعياري0.8830.8780.8840.8641.082
دبلومالوسط الحسابي3.132.673.153.102.78
حجم العينة176173174173172
الانحراف المعياري0.8310.9980.8740.8240.999
بكالوريوسالوسط الحسابي3.132.333.183.062.74
حجم العينة225235232233232
الانحراف المعياري0.9151.0390.8910.8161.034
دراسات علياالوسط الحسابي3.392.802.903.042.51
حجم العينة4139394140
الانحراف المعياري1.0611.2201.0350.8521.117
المجموع الوسط الحسابي3.152.603.113.092.70
حجم العينة526532528530526
الانحراف المعياري0.8961.0500.9000.8281.039
مستوى الدلالة 0.320 0.000* 0.0690.0640.412

 

* تعنى أن الفروق بين المؤهلات الدراسية معنوية عند مستوى المعنوية أقل من أو يساوى 5%.

وتراوحت آراء العينة حسب المؤهلات العلمية بين سالبة وموجبة فيما يتعلق بالأداء السياسي للمرأة، ولا توجد اختلافات معنوية ذات دلالة احصائية بين آراء الفئات التعليمية مما يؤكد حياديتها (مستوى المعنوية 0.069)، ولكن بشكل عام فإن الأكثر تعليماً هم الأكثر تشدداً في تقييم الأداء السياسي والحكم على تجربة المرأة في الحياة السياسية.

كما جاءت آراء العينة بفئاتها التعليمية المتعددة إيجابية فيما يتعلق بمحور فرص التصويت للمرأة في الانتخابات القادمة، ولم يكشف الاختبار عن أية فروق بين آراء المجموعات التعليمية (مستوى المعنوية 0.645)، وهذا قد يعكس توجهاً إيجابياً لدى مختلف الفئات التعليمية للتصويت للمرأة مجدداً في المستقبل.

 أما بالنسبة لمحور التصويت للمرأة فقد أتت جميع الآراء سالبة على مستوى عموم المؤهلات الدراسية (انظر جدول 16 لمقارنة المتوسطات الحسابية)، ولم تكشف النتائج عن اختلافات إحصائية ذات دلالة معنوية بين آراء المؤهلات المختلفة (مستوى المعنوية 0.185)، أي أنه يوجد توجه عام إيجابي بين الفئات العمرية تجاه هذا البند، الأمر الذي يؤكد نتائج المحور السابق أيضاً.

  1. الفئات الوظيفية:

بالنسبة لتأثير الوظيفة على آراء العينة فيما يتعلق بالوعي السياسي، فقد جاءت آراء المشاركين إيجابية بالنسبة لهذا المحور (جميع المتوسطات لمختلف الفئات الوظيفية أكبر من أو يساوى 2.99 على النظام الخماسي)، ولا توجد فروق احصائية ذات دلالة معنوية بين آراء الفئات الوظيفية المختلفة في العينة (مستوى الدلالة 0.075)، في حين جاءت آراء العينة جميعها سالبة بالنسبة لمحور معوقات تمثيل المرأة فيما عدا آراء الطلاب التي جاءت إيجابية (متوسط الآراء 3.26)، في حين كانت جميع المتوسطات للفئات الوظيفية الأخرى أقل من أو يساوى 2.82 على النظام الخماسي وبمستوى المعنوية (0.018)، وهذا يبين أن فئة الطلبة هم الأكثر انتقاداً للعادات والتقاليد، وذلك في دلالة واضحة على ميول الشباب وتوجهاتهم الفكرية الداعية بحماس نحو الانفتاح وكسر القيود المجتمعية التقليدية (انظر الجدول 17).

وفيما يخص محور الأداء السياسي للمرأة، تشير النتائج الواردة في الجدول (17) أيضاً الى أن آراء فئتي الطلبة والذين لا يعملون جاءت سالبة (متوسط أراء الطلاب 2.7 ومتوسط آراء العاطلون 2.9 على المقياس الخماسي)، في حين جاءت آراء الفئات الوظيفية الأخرى تجاه هذا المحور موجبة (بمتوسط آراء أكبر أو يساوى 3.10 على المقياس الخماسي) (مستوى المعنوية 0.058)، وبمعنى آخر فأن موقف الشباب فيما يتعلق بتقييم الأداء السياسي للمرأة أكثر تشدداً وانتقاداً، ويعكس هذا المؤشر جرأة الشباب في التعبير عن الرأي، الأمر الذي يعزّز نتائج البند السابق أيضاً.

وبالنسبة لآراء العينة في محور فرص التصويت للمرأة في الانتخابات القادمة فقد تفاوتت بين ايجابية وسلبية، حيث جاءت آراء المبحثين من ذوي الأعمال الحرة سالبة (متوسط الآراء 2.89 على المقياس الخماسي) في حين كانت آراء الفئات الوظيفية الأخرى موجبة بمتوسط آراء أكبر من أو يساوى 3 على المقياس الخماسي)، ولم تعكس النتائج وجود فروق إحصائية بين الفئات الوظيفية المختلفة في آرائهم نحو هذا المحور (مستوى المعنوية 0.214)، ولعل القوانين الجديدة المؤيدة للمرأة مثل إجازات الوضع والأمومة وزيادة الأجور سواءً للكويتيين وغير الكويتيين قد ساهمت في وجود توجه سلبي لدى فئة ذوو الأعمال الحرة الذين يرون فيها إضراراً بمصالحهم التجارية.

               جدول (17) نتائج اختبار تحليل التباين لآراء الفئات الوظيفية في محاور الدراسة

الفئات الوظيفيةالمؤشرات الإحصائيةالوعي

السياسي

معوقات تمثيل المرأةالأداء السياسيفرص التصويت للمرأةمعوقات التصويت للمرأة
موظف حكوميالوسط الحسابي3.102.593.103.142.66
حجم العينة342348346346341
الانحراف المعياري0.8841.0730.9150.8351.027
موظف قطاع خاصالوسط الحسابي3.222.513.193.032.66
حجم العينة7777747678
الانحراف المعياري0.9500.9820.9050.7671.087
أعمال حرةالوسط الحسابي3.282.333.402.893.13
حجم العينة4041414141
الانحراف المعياري0.8010.9530.7350.7990.976
 طالبالوسط الحسابي3.623.262.783.342.83
حجم العينة1717161616
الانحراف المعياري0.5581.0221.2090.7691.112
لا يعملالوسط الحسابي2.992.822.923.002.59
حجم العينة4948505049
الانحراف المعياري1.0441.0500.7850.9081.047
المجموع الوسط الحسابي3.142.603.113.102.70
حجم العينة525531527529525
الانحراف المعياري0.9001.0560.9040.8301.041
مستوى الدلالة0.0750.018*0.0580.2140.083

 

* تعنى أن الفروق بين الفئات الوظيفية معنوية عند مستوى المعنوية أقل من أو يساوى 5%.

أما بالنسبة لمحور معوقات التصويت للمرأة فتؤكد النتائج أن المبحثين من ذوي الأعمال الحرة جاءت آرائهم موجبة بالنسبة لمعوقات التصويت (متوسط آراء فئة الأعمال الحرة 3.13 على المقياس الخماسي) في حين تؤكد النتائج سالبية الآراء لجميع الفئات الأخرى حيث بلغ متوسط الآراء لتلك الفئات أقل من أو يساوى 2.83 على النظام الخماسي، ولكن لا توجد فروق معنوية بين الفئات الوظيفية المختلفة (مستوي المعنوية 0.083)، وهنا أيضاً يتبين أن موقف رجال الأعمال سلبي بما يتفق مع المحور السابق.

  1. الدائرة الانتخابية:

يعرض الجدول (18) نتائج اختبار معنوية الفروق بين آراء الدوائر الانتخابية الخمس في محاور الدراسة التي تتعلق بترشيح المرأة الكويتية لانتخابات مجلس الأمة، فبالنسبة لمحور الوعي السياسي تؤكد النتائج تفوق الدوائر الأولى (الوسط الحسابي على المقياس الخماسي 3.35) والثانية (الوسط الحسابي على المقياس الخماسي 3.42) والرابعة (الوسط الحسابي على المقياس الخماسي 3.37) على الدوائر الثالثة (الوسط الحسابي على المقياس الخماسي 2.52) والخامسة (الوسط الحسابي على المقياس الخماسي 2.93) في درجات الوعي السياسي، وأن الفروق بين تلك الدوائر معنوية (مستوى المعنوية 0.000)، وتفسير ذلك أن معدل الوعي السياسي في الدوائر الداخلية كالأولى والثانية هو الأعلى، باعتبارها مناطق حضرية وأكثر انفتاحاً، لكن المفارقة أن الدائرة الرابعة سجلت وعياً سياسياً كمؤشر إيجابي رغم كونها من المناطق القبلية أو المحافظة، كما كانت نتائج الدائرة الثالثة مفاجأة إذ أنها تحسب دوماً ضمن مناطق المثقفين والواعين سياسياً قياساً لنتائج الانتخابات السابقة.

وجاءت جميع الدوائر سلبية بالنسبة لمعوقات تمثيل المرأة حيث بلغت متوسطات الآراء إزاء هذا المحور أقل من أو يساوي 2.82 على المقياس الخماسي، كما هو موضح في جدول (18)، وأن الفروق بين تلك الدوائر معنوية (مستوى المعنوية 0.000)، أي دون وجود فروقات كبيرة، الأمر الذي قد يعكس نظرتها الإيجابية، ولكن توجد فروق معنوية في الدائرتين الرابعة والخامسة، ويعود السبب في ذلك كونها من المناطق الخارجية أكثر محافظة دينياً واجتماعياً.

أيضاً، اختلفت الدوائر بين مؤيد ومعارض بالنسبة لتقييم الأداء السياسي للمرأة، حيث أيدت ذلك كل من الدوائر الأولى (متوسط حسابي 3.24 على المقياس الخماسي) والثانية (متوسط حسابي 3.27 على المقياس الخماسي) والثالثة (متوسط حسابي 3.13 على المقياس الخماسي) والخامسة (متوسط حسابي 3.12 على المقياس الخماسي) فيما عارضته الدائرة الرابعة (متوسط حسابي 2.94 على المقياس الخماسي)، وأن هذه الفروق في الآراء معنوية (مستوى المعنوية 0.035)، أي أن الدائرة الرابعة تتبنى موقفاً سلبياً من الأداء السياسي للمرأة في دلالة إضافية على أنها من المناطق المحافظة دينياً، وهذا ينسجم مع نتائج دراسة مشعل الصباح (Al-Sabah, 2013).

جدول (18) نتائج اختبار تحليل التباين لآراء الدوائر الانتخابية في محاور الدراسة

الفئات الوظيفيةالمؤشرات الإحصائيةالوعي

السياسي

معوقات تمثيل المرأةالأداء السياسيفرص التصويت للمرأةمعوقات التصويت للمرأة
الدائرة

الأولى

الوسط الحسابي3.352.463.243.112.58
حجم العينة8082828179
الانحراف المعياري0.9641.1060.8970.8240.978
الدائرة

الثانية

الوسط الحسابي3.422.523.273.152.88
حجم العينة8889908887
الانحراف المعياري0.8841.0630.9980.9251.088
الدائرة

الثالثة

الوسط الحسابي2.822.343.133.112.74
حجم العينة123126125123124
الانحراف المعياري0.9171.0410.9160.8551.045
الدائرة الرابعةالوسط الحسابي3.372.852.943.102.68
حجم العينة174173170177176
الانحراف المعياري0.7820.9610.8210.7551.028
الدائرة الخامسةالوسط الحسابي2.932.753.122.932.56
حجم العينة6162616160
الانحراف المعياري0.8321.1150.9190.8411.073
المجموع الوسط الحسابي3.142.603.113.102.70
حجم العينة526532528530526
الانحراف المعياري0.9001.0550.9040.8281.041
مستوى الدلالة0.000*0.000*0.0360.5850.294

 

* تعنى أن الفروق بين الدوائر الانتخابية معنوية عند مستوى المعنوية أقل من أو يساوى 5%.

وحول محور فرص التصويت للمرأة في الانتخابات القادمة جاءت جميع الآراء محايدة ولا يوجد اختلافات إحصائية ذات دلالة معنوية بين الدوائر الخمس (مستوي المعنوية 0.585)، وأخيراً فيما يتعلق بمحور معوقات التصويت للمرأة، تشير النتائج بإجماع الدوائر بالسالب على هذه المعوقات بمعنى أنه لا توجد اختلافات بين سلبية الآراء وذلك عند مستوى المعنوية (0.294).

  1. التيارات السياسية:

بالنسبة لآراء التيارات السياسية تجاه محاور الدراسة، وبالنظر إلى الجدول (19)، أظهرت النتائج مستويات عالية من الوعي السياسي لجميع التيارات السياسية بشأن ترشيح المرأة لانتخابات مجلس الأمة، حيث جاءت قيم الأوساط الحسابية أكبر من أو تساوي 3.09 على مقياس لكارت الخماسي، وأن الفروق بين تلك المتوسطات غير معنوية (مستوى المعنوية 0.299)، وفي ذلك دلالة واضحة على الخبرة السياسية والتنظيم الحركي والمشاركة المنظمة في مختلف الفعاليات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التي تتمتع بها هذه التيارات.

جدول (19) نتائج اختبار تحليل التباين بين بين التيارات السياسية وآرائها في محاور الدراسة

التيارات السياسيةالمؤشرات الإحصائيةالوعي

السياسي

معوقات تمثيل المرأةالأداء السياسيفرص التصويت للمرأةمعوقات التصويت للمرأة
الإخوان المسلمونالوسط الحسابي3.102.872.953.042.52
حجم العينة3634373736
الانحراف المعياري1.0540.9330.8980.7981.131
الاتجاه الليبراليالوسط الحسابي3.182.212.983.212.55
حجم العينة4346454445
الانحراف المعياري0.8621.1471.0600.9861.047
الاتجاه السلفيالوسط الحسابي3.243.062.963.242.60
حجم العينة122120117121120
الانحراف المعياري0.8430.9680.8510.8021.093
الاتجاه الإسلامي الشيعيالوسط الحسابي3.332.303.332.793.17
حجم العينة7673767575
الانحراف المعياري0.7860.9450.8880.7540.966
المستقلونالوسط الحسابي3.092.493.183.112.67
حجم العينة234243237238237
الانحراف المعياري0.9201.0200.8830.8300.981
المجموع الوسط الحسابي3.172.603.123.102.71
حجم العينة511516512515513
الانحراف المعياري0.8901.0430.9010.8341.038
مستوى الدلالة0.2990.000 *0.022*0.005*0.001*

 

* تعنى أن الفروق بين التيارات السياسية معنوية عند مستوى المعنوية أقل من أو يساوى 5%.

من جهة أخرى، انقسمت نتائج التحليل ما بين مؤيد ومعارض بالنسبة لمعوقات تمثيل المرأة، حيث اتضح أن آراء معظم التيارات السياسية مثل الإخوان المسلمين (الوسط الحسابي 2.87 على المقياس الخماسي) والتيار الليبرالي (الوسط الحسابي 2.21 على القياس الخماسي) والاتجاه الشيعي (الوسط الحسابي 2.30 على المقياس الخماسي) والمستقلون (الوسط الحسابي 2.49 على المقياس الخماسي) سالبة تجاه معوقات تمثيل المرأة، وذلك على عكس آراء التيار السلفي الإيجابية (الوسط الحسابي 3.06 على المقياس الخماسي)، كما تفيد النتائج أن الفروق بين متوسطات الآراء معنوية (مستوى المعنوية 0.000)، ويفهم هذا التناقض في الآراء في إطار النظرة المتشددة للتيار السلفي إزاء مشاركة المرأة في الحياة السياسية (عيد، 2012، ص. 7)، كما تبين النتائج وبشكل جلي تغير المنظور الشرعي التقليدي للإخوان المسلمين من حقوق المرأة السياسية نحو المزيد من الانفتاح والمرونة (دشتي، 2005).

أما بالنسبة لآراء العينة في محور تقييم الأداء السياسي للمرأة في مجلس الأمة، فقد كشف التحليل عن اختلافات احصائية ذات دلالة معنوية بين الاتجاهات السياسية المختلفة ما بين مؤيد ومعارض، حيث أن الاتجاه الشيعي (المتوسط الحسابي 3.33 على المقياس الخماسي) والمستقلون (الوسط الحسابي 3.16 على المقياس الخماسي) يرون إيجابية تقييم الأداء السياسي للمرأة، في حين ترى التيارات الأخرى كالإخوان المسلمين (الوسط الحسابي 2.95 على المقياس الخماسي) والليبراليون (الوسط الحسابي 2.98 على المقياس الخماسي) والاتجاه السلفي (الوسط الحسابي 2.96 على المقياس الخماسي) سالبية أداء المرأة السياسي، وجاءت الفروق في الآراء بين تلك التيارات معنوية (مستوى المعنوية 0.022)، وقد يفسر ذلك إلى أن التيار الإسلامي الشيعي والمستقلون هم من المؤيدين تاريخياً لحقوق المرأة السياسية بخلاف غيرهم من التوجهات الدينية (صحيفة الوسط البحرينية، 2004، 18 مايو، الجمل والمناقري، 2012، 21 يناير)، ولكن تكمن المفارقة في سلبية نظرة الليبراليين لأداء المرأة السياسي، وقد يكون ذلك كنظرة واقعية تحليلية أكثر منها مبدأً.

أما بالنسبة لفرص التصويت للمرأة في انتخابات مجلس الأمة القادمة فقد جاءت آراء الاتجاه الشيعي سالبة (الوسط الحسابي 2.79 على المقياس الخماسي) في حين جاءت آراء التيارات الأخرى كالإخوان المسلمين (الوسط الحسابي 3.04 على المقياس الخماسي) والليبراليون (الوسط الحسابي 3.21 على المقياس الخماسي) والسلفيون (الوسط الحسابي 3.2 على المقياس الخماسي) والمستقلون (الوسط الحسابي 3.11 على المقياس الخماسي) إيجابية، وجاءت الفروق بين تلك الآراء معنوية (مستوى المعنوية 0.005).

تباينت آراء التيارات السياسية أيضاً حول محور معوقات التصويت التي تواجه المرأة ما بين مؤيد ومعارض، ففي حين أبدى التيار الشيعي تأييده لمجموعة المعوقات التي تواجهها المرأة في الانتخابات القادمة (الوسط الحسابي 3.17 على المقياس الخماسي) اعترضت بقية التيارات كالإخوان المسلمين (الوسط الحسابي 2.52 على المقياس الخماسي) والليبراليون (الوسط حسابي 2.55 على المقياس الخماسي) والتيار السلفي (الوسط الحسابي 2.62 على المقياس الخماسي)، والمستقلون (الوسط الحسابي 2.67 على المقياس الخماسي) على تلك المعوقات، وجاءت الفروق بين تلك الآراء معنوية (مستوى المعنوية 0.001)، وهنا يتبين ألا ضرورة بين تلازم التقييم الإيجابي لأداء المرأة السياسي والتصويت لها في المستقبل كما يتضح في حالة التيار الإسلامي الشيعي، ويؤكد ذلك عدم نجاح أي امرأة من هذا التيار في انتخابات 2016.

(د) اختبار فرضيات البحث:

جاءت نتيجة اختبار تأثير مستويات المتغيرات الديموغرافية على آراء العينة في محاور الدراسة بشأن تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل على النحو التالي:

(1) تأثير متغير الجنس:

بينت نتائج اختبارات الفرق بين فئات الجنس أن استجابة الذكور أكثر إيجابية من الإناث في كل من محاور الوعي السياسي ومعوقات تمثيل المرأة من النساء وفرص التصويت لها في المستقبل، وفي المقابل جاءت استجابة الإناث أكثر إيجابية من الذكور في محوري تقييم الأداء السياسي للمرأة ومعوقات التصويت لها، وهنا نستطيع القول بإثبات فرضية دور متغير الجنس في تقييم تجربة المرأة الكويتية وفرص نجاحها في المستقبل.

(2) تأثير متغير الفئة العمرية:

كانت الدلالة الإيجابية لمتغير الفئة العمرية فقط في محوري الوعي السياسي ومعوقات تمثيل المرأة، حيث تبيّن أن الفئة العمرية من (32-43) كانت أكثر إيجابية من غيرها في محور الوعي السياسي، أما الفئة العمرية من (53 سنة فأكثر) فكانت أكثر إيجابية في محور معوقات تمثيل المرأة، وبالتالي لا يمكن تأكيد أو إثبات فرضية دور متغير الفئات العمرية بشكل عام في تقييم تجربة المرأة الكويتية وفرص نجاحها في المستقبل، وإن كانت الفئات العمرية الشبابية أكثر دعماً لدور المرأة، وهذا بحد ذاته مؤشر إيجابي لمستقبل دور المرأة في الحياة السياسية.

(3) تأثير متغير المؤهل الدراسي:

بينت التحليلات الإحصائية أن الدلالة إيجابية فقط في محور معوقات تمثيل المرأة حيث كانت فئة المؤهل الدراسي (ثانوي فأقل) هي الأكثر دلالة إيجابيةً من بقية فئات المؤهل الدراسي، مما يثبت عدم صحة فرضية تأثير المؤهل الدراسي في تقييم تجربة المرأة الكويتية وفرص نجاحها في المستقبل.

(4) تأثير متغير الوظيفة:

اتضح أن الدلالة الإيجابية كانت فقط في محور معوقات تمثيل المرأة، فقد تبيّن أن آراء فئة الأعمال الحرة ذات دلالة إيجابية أكثر من بقية الفئات الوظيفية، الأمر الذي يثبت عدم صحة الفرضية القائلة بتأثير متغير الوظيفة في تقييم تجربة المرأة الكويتية وفرص نجاحها في المستقبل.

(5) تأثير متغير الدائرة الانتخابية:

جاءت الدلالة إيجابية فقط في محور معوقات تمثيل المرأة حيث كانت الدائرة الانتخابية الثانية هي الأكثر تأثيراً من بقية الدوائر الانتخابية، مما يمكن القول معه بعدم صحة الفرضية القائلة بتأثير الدوائر الانتخابية في تقييم تجربة المرأة الكويتية وفرص نجاحها في المستقبل.

(6) تأثير متغير التيار السياسي:

بينت الدراسة الإحصائية أن الدلالة معنوية في عدة محاور تمثل معوقات تمثيل المرأة وتقييم أدائها السياسي وفرص التصويت ومعوقات التصويت لها مستقبلاً، ففي محوري معوقات تمثيل المرأة ومعوقات التصويت لها كان التأثير الأكبر للاتجاه السلفي، في حين كان التأثير الأكبر للاتجاه الإسلامي الشيعي في محوري الأداء السياسي وفرص التصويت للمرأة في الانتخابات القادمة، الأمر الذي يثبت صحة الفرضية القائلة بدور التيار السياسي في تقييم تجربة المرأة الكويتية البرلمانية وفرص نجاحها في المستقبل.

خلاصة القول، أن تجربة الحياة السياسية في الكويت والخبرات التراكمية والوعي السياسي تتأثر بالتيارات السياسية إلى حد كبير، وتعكس دلالة واضحة على تقييم التجربة السياسية، بما في ذلك تجربة المرأة الجديدة في الحياة السياسية في الكويت، ويمكن اعتبار متغير التيار السياسي هو الأفضل على حساب المتغيرات الأخرى كالجنس والعمر والمؤهل الدراسي والفئة الوظيفية والدائرة الانتخابية في دراسة الواقع السياسي الميداني للمرأة الكويتية، ومما يرجح هذا القول نجاح المرأة في معظم الدوائر الانتخابية في انتخابات 2006، 2012، 2013، 2016 ولو بمستويات متفاوتة، بينما لم تفز المرأة على الإطلاق في الانتخابات الأولى التي أعقبت إقرار قانون المشاركة للمرأة في دورتين متتاليتين عام 2006 وعام 2008، مما يعكس أيضاً انسجام الرأي العام السياسي على مستوى المجتمع الكويتي ككل.

خامساً: تفسير نتائج الدراسة الميدانية

على ضوء العرض السابق للبحث الإحصائي الذي تضمن التحليل العاملي لمحاور الدراسة وتحليل الارتباطات بين تلك المحاور، يتبيّن بوضوح أن هناك مؤشرات يمكن من خلالها قياس الوعي السياسي في المجتمع الكويتي ومنها القدرة على تقييم العملية الانتخابية والأداء السياسي للنواب ومعايير اختيارهم، إضافة إلى متابعة القضايا السياسية والمشاركة في فعاليات مؤسسات المجتمع المدني، وتؤكد الفوارق بين الذكور والإناث في الوعي وجود بعض التفاوت بين الجنسين، وهذا يعود للخبرة التراكمية السياسية لدى الذكور التي بدأت عملياً منذ عام 1961، كما يتضح من الدراسة أن التجربة الميدانية التي تمثلت بإجراء سبعة انتخابات عامة منذ إقرار قانون الحقوق السياسية للمرأة خلال الفترة من 2006 وحتى 2016 قد ساهمت في إثراء الخبرة السياسية للمرأة حيث أثبتت قدرتها على المنافسة وترجمت وجودها على الساحة السياسية بشكل إيجابي.

أظهرت الدراسة كذلك أن المنتمين للتيارات السياسية أظهروا وعياً سياسياً بمختلف جوانب العملية الانتخابية خصوصاً ما يتعلق بالمرأة، كما أن الرغبة في إعطاء المرأة فرصة لإعادة انتخابها لمجلس الأمة يعد مؤشراً إيجابياً للارتقاء بمستوى المجتمع واعتبار المرأة جزءً أساسياً فيه.

لذا يمكن القول بأن اتجاهات الوعي السياسي في الكويت قابلة للقياس، بل لا تختلف بشكل عام عن مثيلاتها في العديد من الديمقراطيات التقليدية والحديثة، لما توفره درجة انفتاح المجتمع ومتطلبات الدراية السياسية وفضاء الحريات العامة ووجود التنظيمات أو التجمعات السياسية، ففي ظل النموذج البرلماني الكويتي يتاح للجمهور حضور الجلسات العلنية العامة لمجلس الأمة، كما توفر الأمانة العامة للبرلمان على موقع الكتروني خاص تقارير مفصلة عن أنشطة أعضاء المجلس التشريعية والرقابية ومواقفهم في التصويت على جميع القضايا المطروحة، بالإضافة إلى بث الجلسات البرلمانية كاملة على قنوات التلفزيون الكويتي الرسمي وقناة المجلس المستقلة.

وجاءت نتائج هذه الدراسة متوافقة مع ما خلصت إليه بعض الدراسات السابقة التي تم استعراضها بشأن مستوى الوعي السياسي بين الكويتيين، ومنها دراسة المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية (2007)، ودراسة وفاء العرادي (2013) التي أرجعت تردد الناخبين لتأييد المرشحات الإناث إلى عدم الثقة في قدرات المرأة البرلمانية وافتقارها للتجربة السياسية الصلبة، وما أشار إليه عبدالرضا أسيري (2017) بأن تراجع التمثيل النسائي في الانتخابات الأخيرة يعود إلى ضعف أداء النائبات في أول تجربة برلمانية لهن، كما تؤكد مخرجات الدراسة الحالية أيضاً ما تم رصده من سهام القبندي (2013) وسامي العازمي (2008) من مستويات عالية من الوعي السياسي وارتباط مؤشراته بقيم المواطنة وانعكاس ذلك في المشاركة السياسية لدى شريحة النساء الكويتيات على وجه التحديد، وأن كان هذا يتعارض مع رأي وفاء العرادي (2013) التي ترى أن نسبة الوعي السياسي في المجتمع الكويتي ضعيفة من ناحية فهم ضرورة مشاركة المرأة السياسية.

أن ما سبق بيانه من مؤشرات الوعي السياسي في الكويت هو نتاج جهود ومساهمات للعديد من مؤسسات المجتمع المدني في شتى الفعاليات الفكرية والاجتماعية، والمسيرة الطويلة للصحافة المحلية التي تمتعت بالجرأة والشفافية تحت مظلة عالية من الحرية عبر عقود من الزمن، وظهور العديد من التنظيمات والقوى السياسية الفاعلة على الساحة الوطنية منذ الأربعينيات من القرن الماضي، والتي شملت مختلف الأيديولوجيات القومية والوطنية والدينية والليبرالية واحتوت مختلف مكونات المجتمع الكويتي، ومن الجدير بالذكر بأن مثل هذه المؤسسات تزداد نشاطاً ميدانياً في المواسم الانتخابية، ولذا فمن الأهمية بمكان دعوة هذه التنظيمات والجمعيات المهنية ووسائل الإعلام المستقلة التي فرضت وجودها وتأثيرها إلى تكثيف دورها في المحافظة على مستويات الوعي المجتمعي سياسياً من خلال التركيز على التحديات والطموحات التي يحملها الجيل الحالي وفي مقدمتها متطلبات الإصلاح السياسي وبناء الدولة المدنية على المورد البشري وقدراته الفكرية والسياسية.

من جهة أخرى، رصدت نتائج الدراسة وجود مؤشرات إحصائية ذات دلالة على تقييم المشاركين لتجربة في مجلس الأمة، واعتبار هذا المتطلب أساساً لفرص التصويت للمرأة مجدداً في الانتخابات القادمة، مع وجود بعض الفوارق بين أفراد العينة تبعاً للفئات العمرية والانتماء للتيارات والتنظيمات السياسية والدوائر الانتخابية التي يدلون أصواتهم فيها.

أن الواقع السياسي في مجمله يعكس هذا الاتجاه العملي عبر صناديق الاقتراع، كما يترجم ردود الفعل الشعبية على أداء النواب في البرلمان وخاصة ما يتعلق بالقضايا التي يعتبرونها مصيرية أو حاسمة، ومن الأمثلة المهمة على تفاعل الجمهور الكويتي مع الأحداث السياسية الحراك الشعبي الواسع الذي شهدته الساحة المحلية بعد ما يعرف بتفجّر فضيحة الإيداعات المليونية في أواخر عام 2011 عندما تسربت بيانات بنكية بتضخم الأرصدة الشخصية لعدد كبير من نواب المجلس أثناء فترة عضويتهم، وسرعان ما خرجت الاحتجاجات إلى الشارع مطالبة بإقالة رئيس الحكومة وحل البرلمان لتقاعسهما عن كشف الحقائق في هذا الخصوص، مع توعد الأعضاء الذين أعاقوا التحقيق في هذا الملف في الانتخابات المقبلة.

وبالفعل كانت نتيجة انتخابات المجلس التالية في فبراير 2012 انعكاساً للغضب الشعبي، حيث خسر الغالبية العظمى من النواب المتهمين بالفضيحة المالية لمقاعدهم إضافة إلى الكثير ممن أيدوا سياسة الحكومة تجاه هذه القضية ومن بينهم النائبات من العنصر النسائي.

كما تؤكد نتائج هذه الدراسة بشأن تصويت الناخب الكويتي وفقاً للأداء النيابي حجم التغيير الذي شهدته الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي تراوحت بين 30-70% منذ عودة العمل بالدستور بعد الغزو العراقي عام 1992 وحتى الانتخابات الأخيرة في نوفمبر 2016، حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي الدور المهم في إعلان الكثير من النشطاء والمواطنين على حسابهم الشخصي مواقفهم المسبقة من المرشحين وبشكل صريح وفقاً لتقييم أدائهم البرلماني السابق.

وفيما يخص أهم أسئلة الدراسة حول أسباب تراجع التمثيل النسائي في مجلس الأمة خلال الفترة من 2012 وحتى 2016، يمكن القول بأن تقييم الأداء البرلماني للمرأة في مجلس 2009، الذي شهد وجود أكبر تمثيل من أربعة نائبات، قد ألقى بظلاله على موقف الناخبين من مرشحات العنصر النسائي بشكل عام، ومن الأعضاء السابقات على وجه التحديد، اعتقاداً بضعف أدائهن السياسي وعدم قدرتهن على تسجيل إضافة نوعية للعمل البرلماني.

المواقف السياسية لأعضاء مجلس الأمة من النساء، واحتسابهم على الحكومة خاصة تجاه القضايا الوطنية والشعبية وحماية الأموال العامة، خلقت بدورها ردة فعل سلبية انعكست بشكل واضح في انتخابات 2012 وما بعدها، كما ساهم في ذلك عدم وجود الدعم الحقيقي من التيارات السياسية، واستمرار مفهوم الهيمنة الذكورية على الواقع الاجتماعي السياسي، وثبات مجموعة من القواعد الانتخابية على موقفها المعارض من المرأة كالتنظيمات الدينية والتوجهات المحافظة التقليدية.

وفي هذا الصدد يمكن القول بأن التيارات السياسية قد تلعب دوراً مهماً في تحديد فرص المرأة للوصول إلى البرلمان، ففي انتخابات عام 2009 خاضت أسيل العوضي المنافسة كمرشحة للتحالف الوطني الذي يعد أحد أبرز التنظيمات السياسية الليبرالية الحديثة فحققت مركزاً متقدماً في دائرتها الانتخابية، وفي المقابل ما تزال التيارات الدينية ذات القاعدة الشعبية والموجهة ترفض تأييد ترشّح المرأة سياسياً بل لا تقدم لها دعم التنظيم في حالة خوضها الانتخابات مستقلة لأسباب اجتماعية وشرعية مستمدة من الموروث التقليدي الكويتي وآراء فقهية.

من جهة أخرى، زادت فرصة المرأة في الفوز بعضوية مجلس الأمة عندما قررّت أكبر التنظيمات السياسية مقاطعة الانتخابات على خلفية استفراد الحكومة بتغيير النظام الانتخابي وإصدار مرسوم تقليص حق الناخب في اختيار مرشح وحيد بدلاً من أربع مرشحين بين عامي 2012 و 2013، الأمر الذي شهد اختراق المرأة لمقاعد البرلمان، كما حققت ذكرى الرشيدي انتصاراً تاريخياً كأول امرأة قبلية تفوز في الانتخابات العامة عندما قاطعت معظم القبائل الانتخابات التي جرت وفق نظام الصوت الواحد أيضاً في ديسمبر 2012.

كما شهدت انتخابات 2013 ظاهرة المرشحة صفاء الهاشم التي تصدّت للقضايا الوطنية وما يخص شؤون المرأة على وجه الخصوص بقوة، فاستطاعت أن تستقطب الصوت النسائي بشكل ملفت، والأهم من ذلك فقد كانت أول سيدة تستعيد مقعدها الانتخابي وبمركز أكثر تقدماً في الانتخابات التالية عام 2016 تقديراً لأدائها المتميّز تحت قبة البرلمان.

وبناءً على ذلك، يمكن تأكيد الإجابة على أن الأداء السياسي للمرأة يعد معياراً حقيقياً لكسبها ثقة الناخبين وزيادة فرصها في حصد المزيد من المقاعد البرلمانية، إلا أنه يتعيّن على التنظيمات السياسية المختلفة التي تنادي بالتمسك بالديمقراطية والإصلاح السياسي أن تعيد النظر بموضوع الهيمنة الذكورية ومواكبة متطلبات التطور السياسي في إطاره الديمقراطي وفق مبدأ الشراكة الحقيقية بين الرجل والمرأة في المجتمع الكويتي الذي يعد من أبرز المجتمعات العربية في مجال الانفتاح الثقافي والاجتماعي والسياسي.

وأخيراً، فيما يتعلق بدلالة تأثير متغيرات الجنس والعمر والوظيفة والمؤهل الدراسي والدائرة الانتخابية والتيار السياسي على تقييم تجربة المرأة الكويتية في البرلمان وفرص نجاحها في المستقبل فقد أظهرت الدراسة تفاوتاً جزئياً في اتجاهات الرأي لمختلف المتغيرات الديموغرافية، وإن لم تشكل فوارق مهمة فيما بينها، الأمر الذي قد يعكس انسجاماً عاماً بين الكثير من أفراد العينة على البعد السياسي في قضايا المرأة.

هذا الانسجام في حد ذاته دليل على أهمية المتغيرات الديموغرافية في تحديد ملامح المجتمع والبعد السياسي لدى الرأي العام، فعلى سبيل المثال أظهرت نتائج الدراسة ولو بشكل محدود أن الفئات الشبابية، بذكورها وإناثها، أبدت رغبة أكبر في التصويت للمرأة، الأمر الذي يعكس دلالة على مؤشرات التغيير لدى الرأي العام الكويتي في المستقبل، حيث أن المجتمع الكويتي يعد من النماذج الفتية التي تطغى شريحة الشباب دون سن الـ 30 على تركيبتها السكانية.

ولوحظ تقارب آراء المشاركين في الدراسة الميدانية في تأييد العنصر النسائي على مستوى المحافظات السكنية المختلفة في تركيبتها الاجتماعية، حيث تهيمن الأسر من الأصول القبلية في بعضها كالدائرتين الرابعة و الخامسة، ولعل في ذلك دلالة أخرى على تنامي الوعي السياسي واتساع مفهوم الانفتاح إيذاناً بخلق رأي عام وطني أكثر تجانساً، وقد يحمل في طياته المزيد من الفرص أمام المرأة لتعزيز موقعها السياسي.

من مجمل العرض السابق يمكن القول بأن المجتمع الكويتي يتمتع بالديناميكية السياسية، وتنعكس هذه الحيوية في التفاعل المستمر مع الأحداث والقضايا الوطنية، كما يتميز في الجرأة في إعلان مطالبه مثلما تحقق في أواخر عام 2011 عندما أصر الحراك الجماهيري الواسع على إقالة الحكومة والبرلمان معاً، مصحوباً بارتفاع سقف الطموحات السياسية إلى حد المطالبة بإعلان الأحزاب السياسية وتعديل الدستور نحو المزيد من المكتسبات الوطنية وفي مقدمتها الحكومة الشعبية ذات الأغلبية البرلمانية.

أن مثل هذه التطلعات، والتي سبق أن أدت مطالبات شبيهة لها في أواخر خمسينيات القرن الماضي بإقامة دولة مدنية قوامها الديمقراطية الدستورية، لا يمكن أن تتحقق إلاّ بجهود متضافرة على المستوي الشعبي تحديداً، وتبقى المرأة الكويتية أحد طرفي هذه المعادلة المجتمعية، بل أن تمكينها بممارسة دور أكبر في المستقبل لهو من ضرورات الديمقراطية المستدامة وازدهارها، وإذا كانت هذه مسؤولية المجتمع بمختلف قطاعاته ومؤسساته إلاّ أن التيارات والتنظيمات السياسية تتحمل القدر الأهم من هذا الواجب الوطني.

الخلاصة والتوصيات

تمثل تجربة المرأة السياسية إحدى أبرز ملامح الحياة المدنية في النظام الديمقراطي الكويتي، حيث كان قرار حرمان المرأة من حقوقها السياسية بإرادة المشرّع القانوني متمثلاً بالمجلس التأسيسي الذي أعد دستور البلاد ومقومات الحياة السياسية فيها عام 1962.

وانطلقت منذ ذلك الحين المساعي الحثيثة للمرأة الكويتية ومناصريها لنيل حقوقها الدستورية كاملة عبر مسيرة طويلة استخدمت خلالها الأدوات الديمقراطية السلمية أيضاً للضغط على صانع القرار حتى توّجت تلك الجهود بالنجاح في ظل اتفاق حكومي نيابي تحت سقف السلطة التشريعية عام 2005.

عكست التجربة العملية لمشاركة المرأة في الحياة السياسية ترشيحاً وانتخاباً منذ عام 2006 مؤشرات مهمة من أبرزها الحضور اللافت في المواسم الانتخابية ومنافسة الرجل على مقاعد البرلمان، هذه المنافسة التي شهدت بدورها حالة من المد والجزر تحكّمت في مخرجاتها العوامل التقليدية المتمثلة بالقيود الدينية والقيم الاجتماعية المحافظة من جهة، والعوامل الموضوعية ذات العلاقة بتوجهات الرأي العام والتطورات والأحداث التي شهدتها الساحة السياسية بالإضافة إلى المقومات الشخصية للمرشحات وقدرتهن على الإقناع والمنافسة من جهة أخرى.

خلصت هذه الدراسة الميدانية، التي بحثت تأثير مجموعة من المتغيرات الديمغرافية على تقييم الأداء السياسي للمرأة ومعوقات تمثيلها وفرصها في تحقيق النجاح في المنافسات البرلمانية مستقبلاً، إلى مجموعة من النتائج، شملت الفوارق التي قد يفرضها التنوع في الجنس والفئات العمرية والدائرة الانتخابية ونوع الوظيفة في تقييم التجربة السياسية للمرأة، كما انتهت الدراسة إلى خلاصة مهمة تمثلت في أهمية الوعي السياسي الذي يعكس مفهومي المشاركة والفعالية السياسية لدى الرأي العام الكويتي في تحديد مصير دور المرأة في الحياة السياسية.

بينت هذه الدراسة أيضاً بعض نقاط الضعف والعوامل السلبية التي من شأنها عرقلة أو إبطاء مسيرة المرأة في الميدان السياسي، وذات الارتباط الوثيق بقدرات المرأة الذاتية ونجاحها في استهداف الشرائح المترددة في تأييدها، لعلها تكون إضافة لمواصلة الديمقراطية الكويتية تحليقها وإثراء مسيرتها عبر شراكة حقيقية لمكونيها البشريين وهما المرأة والرجل، وتختتم الدراسة بتقديم مجموعة التوصيات التالية أملاً في تحقيق هذا الطموح الديمقراطي والوطني:

(1) أهمية تكثيف المرأة من تواجدها في العمل الانتخابي والاجتماعي ومن خلال مؤسسات المجتمع المدني، ويشمل ذلك تنظيم وحضور والمشاركة في الندوات والمحاضرات العامة والدورات التأهيلية والمتخصصة في هذا الشأن، إضافة إلى تعزيز مستوى التثقيف السياسي عبر متابعة القضايا المجتمعية العامة والتعاطي معها بتشخيص مشاكلها وتحدياتها وطرح الحلول والبدائل للتصدي لها، الأمر الذي يؤدي بلا شك إلى ارتقاء درجات الوعي السياسي لدى أفراد المجتمع بشكل عام وتطوير القدرات والمهارات السياسية للناشطات السياسيات بشكل خاص.

(2) قيام مؤسسات الدولة بدعم دور المرأة السياسي والعمل على إبراز جهودهن وتوفير التغطية الإعلامية لأنشطتهن المجتمعية، حيث أثبتت بعض الشواهد بروز نجومية المرأة ونجاحها في المنافسة البرلمانية بعد توليها الحقيبة الوزارية وتعيينها في مجالس إدارات الهيئات والمؤسسات العليا وعضويتها في المجالس البلدية.

(3) ضرورة مواصلة الجمعيات السنوية في الكويت لدورها الثقافي والاجتماعي واستئناف أنشطتها السياسية في دعم جهود المرأة وعملها في ميادين السياسة بشكل أكبر، حيث تراجع هذا الدور بشكل واضح بعد إقرار حقوق المرأة السياسية عام 2005، وغياب الفعاليات النسائية في المواسم الانتخابية الأخيرة.

(4) تكثيف تواجد المرأة على المستوى الإعلامي، سواءً عبر الوسائل التقليدية كالصحافة والقنوات التلفزيونية والإذاعية أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة التي تحولت إلى عصب التفاعل المجتمعي الدائم ومنصة لبروز النخب المجتمعية والعناصر القيادية ذات الشعبية الوطنية الواسعة، وذلك للتعبير عن آرائهن وأفكارهن ومشاريعهن وبرامجهن المستقبلية في الحياة السياسية.

(5) أهمية استهداف المرأة في تحركها ونشاطها الاجتماعي والسياسي الفئات التي أثبتت الدراسة أنها أقل تحمساً وتفاعلاً اتجاه المرأة، ومن أبرزها التيارات السياسية الدينية وفئة رجال الأعمال والفئة العمرية فوق الثلاثون سنة إضافة إلى أصحاب المؤهلات الدراسية الأدنى كالدبلوم والثانوية العامة، لتغيير انطباعاتها النمطية السلبية وتبني قضاياها واهتماماتها وكسب تأييدها السياسي مستقبلاً.

(6) ضرورة تبني المرأة مختلف القضايا المجتمعية ذات البعد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي وبواقعية تلامس هموم واحتياجات وطموح أفراد المجتمع، خاصة المواضيع المتعلقة بمشاكل التعليم والصحة وتحديات فرص التوظيف والرعاية السكنية وغلاء المعيشة، وانتهاءً بقضايا حماية الأموال العامة والإصلاح الإداري والسياسي والرقابة على الأداء الحكومي، دون النظر إلى المثاليات والتركيز فقط على قضايا الأسرة والمرأة رغم أهميتها واستحقاق المنظور النسوي إزائها.

المصادر والمراجع

المصادر والمراجع العربية:

الإدارة المركزية للإحصاء. (2017). الموقع الرسمي للإدارة المركزية للإحصاء. اُسترجعت في تاريخ 19 ديسمبر، 2017 من (https://www.csb.gov.kw).

أسيري، عبدالرضا. (2017). النظام السياسي في الكويت: مبادئ وممارسات (ط. 13). الكويت: دار القبس.

الجمل، أسامة والمناقري، علي. (2012، 21 يناير). المرأة الكويتية: 38 عاماً من الكفاح لنيل حقوقها السياسية.. سيرة ومسيرة. جريدة النهار الكويتية، 1457، ص. 5.

الحربي، دبي الهيلم. (2007). الدوائر الانتخابية الخمس: قراءة في التركيبة الاجتماعية والسياسية مفهوم المشاركة السياسية. الكويت: مطابع دار السياسة.

الخزرجي، ثامر كامل. (2004). النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة. عمّان: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.

دشتي، إبراهيم. (2005). المشاركة السياسية للمرأة. الكويت: مجلس الأمة.

الديين، أحمد. (2007). الديمقراطية والانتخابات في الكويت. قدّم إلى اللقاء السنوي السابع عشر لمشروع دراسات الديمقراطية في البلدان العربية، أكسفورد.

ربيع، محمد محمود ومقلد، اسماعيل صبري (محرران). (1994). موسوعة العلوم السياسية (الجزء الأول)، الكويت: جامعة الكويت.

الزعبي، على. (2013). المشاركة السياسية والمجال العام: دراسة ميدانية على عينة من الشباب الكويتي. مجلة العلوم الاجتماعية، 41 (3)، 67-109.

السعيدي، صالح بركة. (2012). حصاد الدوائر الخمس: دراسة تحليلية لانتخابات 2008-2009-2012. الكويت: د. ن.

الشلال، خالد. (2005). توجهات المرأة الكويتية بشأن المشاركة السياسية: دراسة استشرافية، حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، 26.

صالح، سامية خضر. (2005). المشاركة السياسية والديمقراطية: اتجاهات نظرية ومنهجية حديثة تساهم في فهم العالم من حولنا تباين. القاهرة: كتب عربية.

الصالح، عثمان عبدالملك. (1989). النظام الدستوري والمؤسسات السياسية في الكويت. الكويت: مطابع كويت تايمز التجارية.

صحيفة الوسط البحرينية. (2004، 18 مايو). خلافات نيابية بشأن حقوق “الكويتية”. صحيفة الوسط البحرينية، 620، ص. 1، 10.

العازمي، سامي رجعان. (2008). قيم المواطنة ودورها في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة الكويتية: دراسة ميدانية على طالبات جامعة الكويت. رسالة دكتوراه، الجامعة الأردنية، الأردن.

العرادي، وفاء. (2013). المرأة والمشاركة السياسية: أسباب تباين التمثيل النسائي. الكويت: دار الوطن.

عليوة، السيد، ومحمود، منى. (2008). مفهوم المشاركة السياسية. دمشق: مركز دمشق للدراسات النظرية والحقوق المدنية.

عيد، محمد. (2015). التيار السلفي في الكويت: الواقع والمستقبل، الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.

غرايبه، مازن والعيدة، باسل. (2006). أثر منح المرأة حق التصويت لمجلس الأمة الكويتي على تركيبة المجلس وتياراته السياسية: دراسة ميدانية تحليلية. مجلة العلوم الاجتماعية، 34 (2)، 13-35.

الفريح، سهام. (2004). المرأة الكويتية وحقوقها. في المشاركة السياسية للمرأة العربية – تحديات أمام التكريس الفعلي للمواطنة: دراسات ميدانية في أحد عشر بلداً عربياً (ط. 1، ص ص. 365-390). تونس: المعهد العربي لحقوق الإنسان.

القبندي، سهام (2013). عزوف المرأة الكويتية عن المشاركة السياسية: دراسة مطبقة على كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت. مجلة العلوم الاجتماعية، 41 (3)، 11-65.

الكندري، مريم. (2008). حقوق المرأة السياسية في مجلس الأمة: دراسة في تحليل مضمون مجلس الأمة من 1971-2005. مجلة العلوم الاجتماعية، 36 (3)، 14-48.

المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية (2007). الكويت: نظرة المواطن للمرأة في السياسة. واشنطن: المعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية.

المعوشرجي، فوزي. (2011). المشاركة السياسية للمرأة الكويتية: تحليل بنائي تاريخي، حوليات آداب عين شمس (عدد خاص بالدراسات الاجتماعية)، 285-303.

المكيمي، هيلة. (2010). العوامل المؤثرة في حصول المرأة الكويتية على حقوقها السياسية. مجلة العلوم الاجتماعية، 38 (3)، 15-58.

ميرزا، حسين. (2017). أسباب العزوف عن المشاركة السياسية في الانتخابات في الكويت: دراسة مسحية. جمهورية مصر العربية: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية.

النجار، غانم. (1994). مدخل إلى التطور السياسي في الكويت. الكويت: دار قرطاس للنشر والتوزيع.

وطفة، علي أسعد. (2012). محددات السلوك الانتخابي النيابي ودينامياته في دولة الكويت: قراءة سوسيولوجية في آراء طلاب جامعة الكويت. حوليات الآداب والعلوم الاجتماعية، الحولية 32 (352).

الوقيان، فارس مطر. (2009، يونيو). المواطنة في الكويت: مكوناتها السياسية والقانونية وتحدياتها الراهنة. مركز الدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، سلسلة الفكر الاجتماعي، جامعة الكويت 1.

 

English Resources and References:

Al-Mughni, H. (2010). Kuwait. In S. Kelly, & J. Breslin (Eds.), Women’s Right in the Middle East and North Africa: Progress Amid Resistance (pp. 223-248). New York: Freedom House; Lanham, MD: Rowman and Littlefield Publishers Inc.

Al-Sabah, M. (2013). Gender and Politics in Kuwait. London: I.B. Taurus and Co. Ltd.

Hair, Jr., J., Black, W., Babin, B. & Anderson, W. (2010). Multivariate Data Analysis (7th Edition). New York: Prentice Hall.

Huntington, S. (1973). Political Order in Changing Societies. (7th Print). New Haven: Yale University Press.

Huntington, S. & Nelson, J. (1976). No Easy Choice: Political Participation in Developing Countries. Cambridge: Harvard University Press.

Kapiszewski, A. (2006). Elections and Parliamentary Activity in the GCC States: Broadening Political Participation in the Gulf Monarchies. In: A. Khalaf & G. Lociani (Eds.), Constitutional Reform and Political Participation in the Gulf (pp. 88-131). Dubai: Gulf Research Center.

Matthes, J., Morrison, K. R. & Schemer C. (2010). A Spiral of Silence for Some: Attitude Certainty and the Expression of Political Minority Opinion. Communication Research, 37 (6), 774-800.

Salisbury, R. (1975, May). Research on Political Participation. American Journal of Political Science, 19 (2), 323-341.