تم النشر في : مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 211، سبتمبر 1996 (ص. 35-49)

الباحثون:

د. حسن عبدالله جوهر-  قسم العلوم السياسية – جامعة الكويت

د. جـودت بهجـت قسم العلوم السياسية جامعة إنديانا، بنسلفانيا

المقدمـة

تتناول هذه الدراسة بالشرح والتحليل أهم وأبرز التحديات والمشاكل التي تواجهها منطقة الخليج، سيّما دول مجلس التعاون الخليجي، على المستويين المحلي والخارجي خلال عقد التسعينيات، وتنطلق أهمية هذه الدراسة المسحية من الحقيقة الكامنة وراء تنامي المصالح الاقتصادية والإستراتيجية في هذه المنطقة مع مرور الزمن، ومواكبة ذلك بجملة من المشاكل الداخلية والخارجية التي تعيشها في أعقاب سنوات طويلة من الحرب والتوتر وضعف الموارد المالية، إضافة إلى التزاحم الملحوظ لمصالح وأولويات الدول الكبرى فيها، وتستعرض هذه الدراسة مجموعة من المحاور الاقتصادية والسياسية والأمنية الناجمة عن مخلفات الحرب العراقية الإيرانية والغزو العراقي لدولة الكويت وإرهاصات مستطيل التوتر الذي يشمل العلاقات المتضاربة بين كل من الولايات المتحدة وإيران والعراق ومنظومة مجلس التعاون الخليجي، كم تشتمل الدراسة على بعض التوصيات والاقتراحات التي يمكن أن تساهم في مواجهة مثل هذه التحديات أو الحد من خطورتها وتأثيراتها السلبية على دول المنطقة وهي تستعد لاستقبال القرن الواحد والعشرين.

حقائق أولية

على مدى السنوات الطويلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، كان النفط الخام، وما يزال أهم وأكبر مصادر الطاقة في العالم على الإطلاق، ولا تبدو في الأفق أية إمكانية حقيقية لمصادر الطاقة الأخرى كالغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية والكهرباء المستمدة من مساقط المياه بأن تحل مكان النفط في المستقبل المنظور، وتحتل منطقة الخليج مركز الصدارة في سوق النفط العالمي بصفتها منتجة ومصدرة للنفط، إضافة إلى احتياطياتها الهائلة التي تمثل ثلثي المخزون العالمي من هذا المورد تقريباً، ففي عام 1985 كانت حصة هذه المنطقة من الإنتاج العالمي من النفط 17.4%، ومع حلول عام 1994 ارتفع هذا الرقم إلى 26.8%(1)، وعلى ضوء هذه الحقائق فقد غدا تأمين الصادرات النفطية من منطقة الخليج محط اهتمام كبير بالنسبة للاقتصاد العالمي خصوصاً للدول الصناعية الكبرى في الغرب.

وقد تعرضت منطقة الخليج بأسرها إلى تهديدات متزايدة ومتنوعة فبما يخص أمنها واستقرارها وذلك منذ نهاية عقد السبعينيات، فمحلياً، وفي دول مجلس التعاون الخليجي الستة (البحرين، الكويت، عُمان، قطر، السعودية، والإمارات العربية المتحدة)، كان هناك تدنياً وانخفاضاً مستمرين لحالة الرخاء والثراء التي شهدتها هذه الدول طوال ذلك العقد من الزمن، وعلاوةً على ذلك، فإن أسساً أخرى من شرعية هذه الدول بدأت تتعرض للهجوم والتحدي، وخاصة فيما يتعلق بالتزامها المطلق وتطبيقها للإسلام، وإضافةً إلى ذلك، فإن معظم هذه الدول تفتقر إلى الإجراءات الدستورية الخاصة بانتقال السلطة أو توارث الإمارة بصورة رسمية، الأمر الذي قد يفتح باباً جديداً للصراعات السياسية داخل الأسرة الحاكمة الواحدة نفسها.

ومن جهة ثانية وعلى المستوى الإقليمي، فإن الغموض الذي يحيط  فإن الغموض الذي يحيط سلوك الدولتين الخليجيتين الأخريتين، إيران والعراق، سوف يضيف المزيد من التوتر إلى مناخ الحكم المهتز سياسياً في هذه المنطقة، فقد برهن العراق، الذي يحكمه صدام حسين، على أنه مصدر دائم للعدوان وعدم الاستقرار في الإقليم، والأسوأ من ذلك، فإن رحيله قد يقود إلى تفتيت العراق من الداخل مما قد يزيد الاضطراب في المنطقة، أما إيران، التي تعتبر أكبر دول الخليج وأكثرها عدداً، فلم يتم إشراكها أو استيعابها إقليمياً في أية ترتيبات جماعية في المنطقة منذ ثورتها الإسلامية عام 1979.

وعلى المستوى العالمي، فلا شك أن المجتمع الدولي يدرك أهمية منطقة الخليج والتهديدات التي تحيط بها، ولكن التحالف والإجماع الدوليان اللذان ولدا أثناء حرب الخليج قد أخذا بالتلاشي، فقد بات جلياً، وبصورة متسارعة، أن الولايات المتحدة وبريطانيا بدءا في الإنفراد بإستراتيجية واحدة، في حين أن دولاً أخرى في ذلك التحالف مثل اليابان، وفرنسا، وألمانيا، والصين، وروسيا أخذت منهجاً مغايراً في تعاملها مع أحداث وتطورات المنطقة بما في ذلك مواقفها من العراق وعلاقاتها الثنائية مع إيران.

العامل الاقتصادي

يعتبر النفط أكبر مكون لناتج الدخل المحلي وأضخم مصدر لعائدات كل دولة خليجية، فلا عجب أن يكون له دور هام في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لكل المنطقة منذ سنوات عديدة، كما أن حقول النفط تمتلكها هذه الدول، وأن عائدات النفط تذهب بصورة مباشرة من شركات النفط العالمية إلى خزائن هذه الدول، وبالنتيجة، فإن الصناعة النفطية قد ركزت مبالغ هائلة من الثروة الاقتصادية والقوة السياسية في أيدي الحكومات، وقد قادت هذه الموارد المالية الضخمة إلى ولادة مفهوم “الدولة الريعية Rentier State” التي يتضح منها التمايز الكبير بين “الدولة المنتجة” حيث تأتي مصادر الدخل أساساً من الضرائب، و”الدولة الموزعة” التي تأخذ قدراً كبيراً من مجمل دخلها القومي من المصادر الأجنبية في هذه الدولة (وهي في مثل هذه الحالة شركات النفط العالمية)(2)، وقد لعب تركّز مصادر أن هذا التركيز في مصادر الدخل المالي الفائض في أيدي الأسر الحاكمة دوراً مهماً في فرض شروط العقد الاجتماعي بينها وبين رعايا من مواطني هذه الدول منذ أوائل السبعينيات: حيث يحصل المواطنون على منافع مادية جيدة مقابل ولائهم السياسي لهذه العوائل، أو على الأقل قبولهم “المهادنة السياسية” معها، فخلال عقدي السبعينيات والثمانينيات، امتلكت دول الخليج المقدرة والإرادة معاً على منح مواطنيها التعليم المجاني أو شبه المجاني، والرعاية الصحية، والخدمات الإسكانية، ودعم البضائع الاستهلاكية إضافة إلى الكثير من الخدمات الأخرى، وكانت هذه السياسة بمثابة الرسالة البينة والواضحة للناس العاديين، مفادها أن الخير الذي ينعمون به مرتبط بوجود الأنظمة السياسية القائمة، كما أن دول الخليج لم تر ضرورة لفرض أية ضرائب أو رسوم مالية على مواطنيها، في إشارة واضحة وصريحة بأن الأنظمة التي لا تقوم بجمع الضرائب من مواطنيها لا حاجة لها لمساءلتها أو فرض أية رقابة شعبية على سياساتها(3).

أن الثروة الطائلة التي جمعتها دول الخليج في السبعينات وأوائل الثمانينيات مكنتها من تحقيق أهدافها وإنجاح صفقتها السياسية مع مواطنيها وذلك من خلال جعلهم سعداء أو على الأقل التقليل من عدم رضائهم واستيائهم، والعمود الفقري الذي ارتكزت عليه هذه الدول في تحقيق ذلك هو العائدات النفطية، الأمر الذي أدى إلى تأثر هذه السياسية وبشكل كبير بمتقلبات أسعار النفط في مراحل لاحقة وكما هو مبين في الجدول (1).

ويبين الجدول (1) كلاً من سوقي العرض والطلب إضافة إلى المعطيات السياسية التي حدثت حينما مثل (الثورة الإيرانية، الحرب العراقية الإيرانية، السياسة السعودية سنة 1986 إضافة إلى حرب الخليج)، إضافة إلى ذلك، فأن حقيقة الانتعاش وارتفاع الأسعار النفطية في مطلع التسعينيات قد انتهت، حيث استقرت أسعار النفط عند أخفض وأدنى مستوى لها عن الأسعار السابقة، ولو أخذنا معدلات التضخم في منتصف التسعينيات بعين الاعتبار فأننا نرى أن أسعار النفط في نهاية عام 1994 مثلاً لم تكن سوى أعلى بقليل عما كان عليه الوضع أثناء الحظر النفطي العربي عام 1973(4)، ومن أجل مكافحة هذا الركود في الأسعار، فقد جمدت منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبيك” إنتاج أعضائها إلى 24.5 مليون برميل منذ عام 1993(5)، وعاجلاً أم آجلاً، فأن العقوبات المفروضة على العراق بسبب غزوه للكويت سيرفع، وسيسمح لبغداد بإعادة تصدير نفطها بالقدر الكامل، عندئذٍ ستعاني دول الخليج من تدني الأسعار من جهة وفقدانها للأسعار النفطية من جهة أخرى، وأخيراً، فأن التوقعات المتعلقة بأسعار النفط بين الأعوام من 1995 إلى 2010 يشاهد فيها ارتفاع تدريجي في العقد الأول من القرن القادم، الأمر الذي سيعني ضآلة احتمالات ارتفاع الأسعار بصورة كبيرة كما حدث في السبعينيات.

جدول (1)

أسعار النفط (1979-2010)

(بالدولار الأمريكي الثابت لسنة 1992 لكل برميل)

السنة

السعر

السنةالسعرالسنةالسعر
197940.00199023.24200121.70
198057.15199119.19200222.60
198156.77199218.20200323.50
198248.40199316.69200424.30
198340.62199416.40200524.90
198438.37199517.00200625.60
198534.57199617.70200726.30
198617.47199718.30200827.00
198721.92199819.10200927.60
198816.94199919.90201028.20
198920.15200020.70  

المصدر: Energy Information Administration, International Energy Outlook, 1994 (Washington, DC: US Government Printing Office, 1994), p. 11.

وقد أدى هبوط أسعار النفط منذ بداية الثمانينيات إلى تراجع كبير في عائدات النفط، وبالتالي انخفاض مقدرة الفرد الشخصية على تحقيق متطلباته والتزاماته على المستوى الاجتماعي، ففي مثل هذه الدول الريعية فأن أي هبوط أو انخفاض في الدخل الفردي سيكون له نفس وقع وأثر الزيادة الضربية Tax Increase(6)، ومن الجدير ذكره هنا بأن دول الخليج هذه ليست بالفقيرة، والكثير منها يود أن يحافظ على وضعه المالي الحالي وهذا ما يفاقم الآثار الاجتماعية والاقتصادية، بالتالي السياسية، المترتبة على تراجع القوة الشرائية خصوصاً للشريحة الواسعة من مواطني الطبقة الوسطى.

فمنذ بداية التسعينيات أدركت دول الخليج العربية بأن السياسة التقليدية المتمثلة بـ “العمل كما العادة Business As Usual” قد غدت غير مجدية، ولكي تتلافى هذه الحكومات النتائج السلبية لمثل تلك السياسة فقد بدأت بالبحث عن بدائل عديدة يتم تنفيذها في آن واحد، حيث ركّز أحدها على الاعتماد على الاحتياطيات المتراكمة في البنوك الأجنبية من العائدات النفطية لسنوات الوفرة النقدية في السبعينيات وبداية الثمانينيات، وكان من بين البدائل الأخرى الاقتراض من الأسواق العالمية، الأمر الذي أثقل كاهل الدول الخليجية بالديون الخارجية لأول مرة منذ استقلالها تقريباً، فقد قدرت الديون المترتبة على كل من الكويت والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لعام 1995 بمبالغ تتراوح ما بين 32178، 8550، 10100 مليون دولار أمريكي على الترتيب(7)، وبالإضافة إلى الاستدانة من الدول الأجنبية، فقد لجأت دول الخليج إلى سياسة الاقتراض الداخلي وذلك من خلال بيع سندات الخزانة والسندات الحكومية، وتجلّت هذه السياسة الاقتصادية، بالتحديد، في المملكة العربية السعودية حيث بلغت المبالغ المتعامل بها هناك بهذه الطريقة من صفر في عام 1987 إلى 84 مليار دولار أمريكي عند نهاية عام 1994(8).

وبرهنت سياسة الخصخصة Privatization منذ مطلع التسعينيات على أنها حل جذّاب لمعالجة العجوزات المالية في دول الخليج إذ أنها توفّر البديل المقبول عن سياسة فرض الضرائب لحل مشاكل الميزانية، وقد اشتملت الإجراءات الحكومية في هذا الصدد على تشجيع المشاركة بين القطاعين الحكومي والخاص، وتوفير الحوافز المالية لإنجاز مثل هذه المشاريع الجديدة وذلك من خلال إلغاء الضرائب وتقديم المنح المالية والقروض بفوائد مخفضة وخلق أسواق للسندات والأوراق المالية، ففي عام 1994 أعلن الملك فهد في السعودية بأن الحكومة قد خططت لبيع الممتلكات العامة للخطوط الجوية السعودية، ومؤسسة التلفون، وتقوم الكويت بأكثر برامج الخصخصة طموحاً، وذلك من خلال وضع معظم القطاعات الاقتصادية تحت تصرف القطاع الخاص، كم أن دولاً خليجية أخرى قد أتبعت خطى الدولتين السابقتين، ومن ناحية أخرى، فمن الجدير ذكره أن الحكومات الخليجية قد حافظت على خط حذر ومتدرج في مجال التخطيط الاقتصادي، مدركة بأن الانتقال إلى نظام القطاع الخاص قد يسمح بتطوير المجتمع المتحضر ويخفف من القيود الاقتصادية في أيدي الحكومات.

لقد قاومت الحكومات الخليجية المجازفة بتمزيق شبكة الأمن الاجتماعي التي تعزّز استقرارها السياسي، ولكن وكملاذ أخير، كان عليها في نهاية المطاف تخفيض إنفاقاتها العامة، ففي سنة 1994 بلغت نسبة الاقتطاع في الميزانية العامة للمملكة العربية السعودية 19%، وفي الكويت 25%، وفي كل من عُمان وقطر 10%،كما جمّدت دولة الإمارات العربية المتحدة ميزانيتها الفدرالية منذ عام 1993، وأن مثل هذا الخفض في الإنفاق الحكومي يعني بطبيعة الحال زيادة العبء الاستهلاكي على المواطنين متمثلةً في ارتفاع أسعار الماء والكهرباء والنقل مروراً ببقية الخدمات الاجتماعية الأخرى.

السياسة الدفاعية

تشكّلت مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي 1981 وذلك لحماية أعضائها الستة من الحرب التي كانت تدور رحاها آنذاك بين الجارين القويين، إيران والعراق، إلاّ أن التحدي الحقيقي جاء مع حرب الخليج عام 90/1991، تلك الحرب التي استنزفت قدرات هذه الدول المالية إضافة إلى حجم الدمار الذي خلفته والتكاليف العسكرية والخسائر الاقتصادية، ولكن الأهم من ذلك كله، فقد برهنت هذه الحرب على أن دول المجلس هذه ضعيفة جداً تجاه التهديدات الخارجية، كما أثبتت الحرب نفسها عجز هذه الدول عن الدفاع عن نفسها، وبشكل عام، يمكن استعراض المعضلة الأمنية التي تواجه هذه الدول من خلال فحص ومقارنة المعطيات العسكرية والسكانية المبينة في الجدول رقم (2).

ويبين الجدول (2) الهوة الواسعة بين الإمارات الخليجية الستة وجارتيهما العراق وإيران فيما يتعلق بالثورة الاقتصادية وفق قياسها بالقدرة الشرائية، والقوة العسكرية (كما تقاس بعدد أفراد القوات المسلحة)، إضافة إلى الأرقام التي تبين التركيبة السكانية الصغيرة والمقسمة لهذه الدول، فلا عجب إذاً، أن يكون الحاجز الأمني لهذه الدول مجتمعة من الداخل والخارج، وفي غضون السنوات العديدة الماضية قامت دول المجلس بشراء منظومات دفاعية معقدة ذات ثلاث أبعاد تشمل: الاعتماد على النفس، وتحقيق التوازن الإقليمي، والاتكال المتزايد على القوى الغربية.

أن تطوير قوة درع الجزيرة المكونة من خمسة آلاف جندي من الدول الستة وتحت قيادة موحدة شوهد على أنه خطوة أولى في إطار إستراتيجية دفاعية معتمدة على نفسها، ففي قمة مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر عام 1990، فوّض قادة هذه الدول السلطان قابوس لتطوير خطة من أجل تشكيل قوة عسكرية متكاملة مكونة من مائة ألف جندي تتركز في منطقة حفر الباطن، شمال غرب المملكة العربية السعودية، ولكن هذه الخطوة لم تتحقق لأسباب متعددة، فبالإضافة إلى العجز السكاني كما هو مبين في الجدول (2)، فأن خلافات عميقة بين الحكومات الستة قد أضعفت نجاح هذه الخطة أو حتى أي احتمال لنجاحها، فهذه الدول قد تعمل سوية خصوصاً عندما تواجه أخطاراً خارجية مشتركة كما هو الحال في تطورات الثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وحرب الخليج، ولكن، وبمجرد احتواء هذه الأخطار، فأن الخلافات تعاود الظهور إلى السطح من جديد، وفي الحقيقة فأن الكثير من الخلافات ترجع إلى المشاكل الحدودية العالقة بين هذه الدول مثل النزاع القائم بين البحرين وقطر بخصوص جزر حوار والخلاف السعودي القطري حول 16 ميلاً من الحدود المشتركة، وإضافة إلى ذلك، وعند الأخذ بعين الاعتبار الحجم الصغير لدول المجلس الخمسة مقارنة مع السعودية، فان هذه الدول تخشى وقوعها تحت هيمنة الشقيقة الكبرى Pax Saudica، ولذلك، لا توجد أية دولة خليجية مستعدة للتخلي عن أي جانب من سيادتها في هذا الخصوص.

جدول (2)

الخصائص السكانية والعسكرية والاقتصادية لدول الخليج

السنة

(1)

(2)

(3)

(4)

(5)

(6)

(7)

البحرين00.5668324060008.10010.706
إيران65.00  أ  أ0490513.00003.253
العراق20.00  أ  أ4555382.00003.508
الكويت01.7039617030016.60015.178
عمان02.007327 ب10042.90009.972
قطر00.5925758515010.100111.400
السعودية18.2069318515104.00040.989
الإمارات02.4024768020061.50016.753

المصدر: (1) السكان بالملايين (2) نسبة المواطنين (3) نسبة الوافدين (4) نسبة المسلمين السنة (5) نسبة المسلمين الشيعة (6) مجموع القوات المسلحة (7) القوة الشرائية المكافئة لعام 1993 (وهي متوسط ناتج الدخل المحلي للفرد PPP).

المصادر: الأعمدة رقم (1)، (2)، (3)، (6):

International Institute for Strategic Studies, Strategic Survey 1993-1994 (London: Brassey’s, 1994), p. 124-140.

الأعمدة رقم (4)، (5):

The Europa World Year Book 1994 (London: Europa Publications, 1995), pp. 456, 1745, 2556, 3011.

العمود رقم (7):

James Finn (Ed.) Freedom in the World (New York: Freedom House, 1994), pp. 136, 311, 314, 351, 439, 464, 484, 494.

أ : نسبة الوافدين في كل من العراق وإيران ضئيلة.

ب: حوالي 90% من سكان عمان يتبعون المذهب الإسلامي الأباظي، وهو مذهب يختلف عن المذهبين السني والشيعي.

وفي مارس 1991 وقع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي اتفاقية مع الحكومتين المصرية والسورية، فيما سمي بإعلان دمشق، حيث وافقت الدولتان بموجب الاتفاق على تزويد دول الخليج بالقوة العسكرية لضمان أمنها في مقابل تلقي هاتين الحكومتين مبالغ مالية كبيرة على شكل مساعدات خارجية واستثمارات من دول المنطقة، ولكن الدول الخليجية غيرت رأيها على الفور تقريباً، ففكرة استضافت جيش عربي من دول عربية أخرى لم تكن أبداً محببة ومقبولة في عالم السياسية العربية، إضافة إلى أن تحمل المسؤوليات المالية لكل من الاقتصادين السوري والمصري بدت كثيرة وكبيرة على دول مجلس التعاون، وخاصةً في أعقاب التكاليف الباهظة لحرب الخليج، وأخيراً، كان لابد من أخذ المعارضة الإيرانية القوية لتمركز قوات غير خليجية (مصرية وسورية) في المنطقة بعين الاعتبار، سيّما في الوقت الذي بدأت تشهد فيه العلاقات بين إيران وعدة دول خليجية تحسيناً وتقدماً، ولهذه الأسباب مجتمعة، فلم تر إستراتيجية التوازن الإقليمي القائمة في إطار مشروع “إعلان دمشق” النور مطلقاً حيث ولد المشروع نفسه  ميّتاً بتعبير أدق.

ولم تترك حرب الخليج مجالاً للشك بأن أفضل من يضمن سلامة دول مجلس التعاون الخليجي هم الحلفاء الغربيين، ولقد تعزّز هذا الاعتقاد في شهر أكتوبر عام 1994 عندما حشدت العراق قوات لها بالقرب من الحدود الكويتية، فقامت المملكة العربية السعودية والكويت ودول الخليج الأربعة الأخرى بالبحث عن السبل الكفيلة بترسيخ وتقوية علاقتها مع القوى الغربية، خاصة الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، ولقد ترجم هذا الأمر بالفعل على شكل اتفاقيات أمنية بين هذه الدول الغربية وعدد من دول مجلس التعاون الخليجي، والأهم من هذا هو الصفقات التسليحية الضخمة التي تربط رخاء اقتصاديات الدول الغربية بسلامة والأمن إمارات الخليج.

وتعتبر المملكة العربية السعودية من الدول السباقة في هذا المضمار، فقد كانت الرياض خلال الثمانينيات أكبر زبون في سوق السلاح العالمي على الإطلاق، وبين عام 1989 وحتى عام 1993، أنفقت المملكة 8039 مليون دولار أمريكي في التجارة العالمية للسلاح، جاعلاً إياها ثالث مستورد للأسلحة التقليدية في العالم، واحتلّت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة السابعة عشرة في هذا الحقل، إذ أنفقت 2491 مليون دولار أمريكي ثمناّ للمشتريات من التسلح وجاء ترتيب الكويت في المركز الحادي والعشرين إذ أنفقت 2308 ملايين الدولارات في هذا المجال(9)، علاوة على ذلك، فقد أعلن الملك فهد بن عبدالعزيز في أوائل عام 1993 بأن النفقات العسكرية “الدفاعية” السعودية سترتفع بنسبة 9% خلال هذا العقد في حين خصّصت الكويت مبلغاً يقارب 12 مليار دولار أمريكي لمشتريات السلاح في غضون نفس المدة الزمنية(10)، وعند تقدير القيمة الحقيقية لهذه العلاقة المعلنة والمتينة مع قوى الغرب، يكون من الصعوبة بمكان الإنكار بأن دول المجلس أصبحت أكثر أمناً من الناحية العسكرية، وخصوصاً منذ بداية التسعينيات، ولذلك تظل مثل هذه السياسية تحمل في طياتها مخاطر جسيمة وعديدة، فالعلاقات الحميمة مع القوى الغربية قد تزيد من اتهامات القوى المعارضة بأن حكومات الخليج مجرد دمى لواشنطن ولندن وباريس، فتجربة حرب الخليج إضافة إلى ما تلاهى من تحركات عراقية وإيرانية قد تثير جملة من التساؤلات حول ثمن وفاعلية مشتريات السلاح هذه في ضمانها لأمن واستقرار المنطقة، ورد أي عنوان عنها، وأن مثل هذه الضمانات قد لا تتحقّق أبداً إلاّ في ظل وجود وانتشار قوات أمريكية وأخرى غربية كفيلة وقادرة على تحقيق ذلك الهدف، وعندئذٍ، يكن يطرح السؤال المحرج نفسه كالتالي: لماذا هدر كل هذه الأموال على التسلح ؟ وأخيراً، وعند أخذ جمود أسعار النفط (وهو المصدر الوحيد للعائدات المالية) في الحسبان، فأنه يترتّب على أنظمة الخليج أن تواجه الاختيار التقليدي المتمثل بـ “السلاح في مقابل الزبدة Butter Versus Gnus “، وباختصار، فأن جوانب الخلل الواضحة في المكونات الثلاثة للإستراتيجية الدفاعية إلى جانب الهبوط في الدخل العام قد أثار شكوكاً إضافية بخصوص صلاحية الترتيبات السياسية فيما يتعلق بناحية القوة منذ أوائل السبعينيات.

المناخ السياسي

تفتقر معظم دول مجلس التعاون الخليجي إلى الخبرة المتعلقة بالمؤسسات التمثيلية والمشاركة السياسية وإن كان حظ الكويت أفضل من غيرها في هذا الصدد، إذ أنها مارست حرية نسبية اكبر من بقية دول الخليج، فقد تأسّس مجلس نيابي منتخب (مجلس الأمة) بشكل مباشر مع استقلال هذه الدولة عام 1961، ولكنه علق مرتين أحدهما في عام 1976 والمرة الأخرى عام 1986، وفي البحرين، نص دستور البلاد لسنة 1973 على إنشاء مجلس نيابي (المجلس الوطني) مكوّن من الوزارة وثلاثين عضواً يتم انتخابهم من قبل الشعب، إلاّ أن الأمير وكما حدث في الكويت قام بحل هذا المجلس في عام 1975، ولم يعاد انتخاب هذا المجلس منذ ذلك الحين، أما عمان وقطر والسعودية والإمارات العربية المتحدة فلم تنتخب أبداً أية هيئات التشريعية، وعلاوةً على ذلك، فأن الأحزاب السياسية محظورة في جميع الدول الستة التي تنفرد فيها الحكومات بالسيطرة الكاملة على وسائل الإعلام، وخاصةً الراديو والتلفزيون.

ولكن منذ بداية 1990 بدأت أعداد متزايدة من المتخصصين والمفكرين، متدينون كانوا أم علمانيين، بالمطالبة بأن يكون لهم قول أكبر في السياسة العامة، والمشاركة الشعبية وفرض الرقابة على الأداء الحكومي، ولكون دول الخليج لم تعد قادرة على الحفاظ على مستويات الرفاه الاجتماعي أو حتى الاعتماد الذاتي في الدفاع عن مواطنيها، فقد سعت إلى تبني أنصاف الحلول والقبول ببعض التغييرات في المعادلة السياسية، وبمعنى آخر، فأن العقد الاجتماعي الذي كان قائماً على توفير الكم الهائل من السلع والمنتجات المدعومة حكومياً بشكل كبير، ولكن الخدمات الاجتماعية المجانية مقابلة الولاء السياسي قد تغير وتحول في اتجاه التقشف الاقتصادي والإصلاح السياسي، ويجب أن لا يفهم هذا الإصلاح على أنه خطوة نحو الديمقراطية، إذ أن الهدف كان شراء الوقت لضمان استمرارية هذه الأنظمة إلى وقت ما في أملاً في تغيّر الظروف الاقتصادية والأمنية، وهكذا ومن خلال نظرة فاحصة سريعة لمحاولات الدول الخليجية في الاستجابة المرنة للطلبات المتزايدة للمشاركة السياسية الشعبية يمكن أن تفهم على أنها نتيجة طبيعية وفي نفس الوقت مؤشر واضح على التراجع في مستويات الرفاه والعيش الرغيد، ومهما كان الأمر، فأن هذه الدول لا تزال تفتقر إلى صور الديمقراطية الحقة.

فمنذ أوائل التسعينيات وقعت عرائض كثيرة من قبل شخصيات دينية مرموقة ومحاميين وأساتذة جامعيين يطالبون بوجود المؤسسات السياسية الممثلة للشعب في المملكة العربية السعودية، إضافة إلى مطالبتهم باستتباب حكم القانون والعدالة في توزيع الثروة العامة، ومعارضين لسياسة الملك الخارجية، وبخاصة في ما يتعلق بالتحالف الوثيق مع الولايات المتحدة ودور المملكة في الحرب الأهلية اليمنية، وعلاوة على ذلك، فأن معارضة إسلامية متزايدة قامت بانتقاد الفساد والخدمات القائمة على المصالح “الواسطة”، وقد أسس عدد من الشخصيات الدينية هيئة للدفاع عن الحقوق المدنية “الشرعية” قادها الشيخ محمد المسعري الذي التجأ إلى لندن ليعلن للعالم عن انتهاك حقوق الإنسان في المملكة.

وعلى ضوء هذه المعارضة التي لم يكن لها سابقة من قبل، سواءً من قبل الشيعة أو السنة فقد قامت الحكومة السعودية بإتباع سياسية العصا والجزرة Stick And Carrot، وتضمنت هذه السياسة إدخال نظام أساسي في الحكم من خلال إصدار وثيقة شبيهة بالدستور (القانون الأساسي)، وتأسيس وزارة جديدة للشؤون الدينية للإشراف على كل النشاطات الإسلامية، وخلق 13 مجلساً محلياً لكل واحد من الأقاليم السعودية، إضافة إلى ذلك فقد تم التوصّل إلى المصالحة مع الطائفة الشيعية وإن انهار ذلك لاحقاً ومن ناحية أخرى، قامت الحكومة باعتقال المئات من المناوئين لها، خصوصاً من ذوي الاتجاهات الإسلامية، وفي محاولة منها لتعزيز تحكمها بوسائل الإعلام قامت الحكومة السعودية بحضر أطباق استقبال المحطات التلفزيونية.

ولعل من أهم التطورات السياسية التي شهدتها المملكة، كان تشكيل مجلس الشورى الذي يتم تعيين كافة أعضائه من قبل العاهل السعودي، ويحافظ هؤلاء الأعضاء على مناصبهم الحكومية طوال فترة قيامهم بالعمل في هذا المجلس الذي لا يملك سوى بعض الصلاحيات الاستشارية حيث ظلّت السلطة الحقيقية في يد الملك.

وعلى الصعيد الكويتي، فقد دعمت حرب الخليج الحركة السياسية في الكويت بصورة جيدة، فعندما كان الأمير في منفاه في جدة، المملكة العربية السعودية (90/1991)، وعد عندئذٍ باستعادة العمل بالدستور فور تحرير البلاد من الاحتلال العراقي، وبالفعل فقد خاضت سبعة مجموعات سياسية انتخابات مجلس الأمة 1992 إضافة إلى عدد كبير من المستقلين حيث لا تزال الأحزاب السياسية محظورة في الكويت ولا يحق للمرأة الإدلاء بصوتها، كما حدّدت الدولة مزاولة في الذكور من حملة الجنسية الأولى، وهم من توطنوا أو ولدوا من آباء عاشوا في البلاد قبل عام 1920 واستمروا في إقامتهم حتى عام 1959 على الأقل، وحظي المعارضون في هذه الانتخابات بـ 31 مقعداً من أصل خمسين، وأصبحت الجماعات الإسلامية أكبر كتلة فكرية في البرلمان الجديد، وتتألف الوزارة الكويتية، برئاسة ولي عهد دائماً، من ستة عشر عضواً من بينهم بعض النواب المنتخبين، ولكن الحكومة خصّت نفسها بالوزارات الحساسة كالخارجية والدفاع والداخلية والإعلام، ومن المهم الإشارة هنا إلى أن تجربة الكويت السياسية قد فاقت أية دولة خليجية أخرى فيما يخص المشاركة الشعبية والمساءلة الحكومية.

وكنتيجة لذلك، فقد سعت مجموعات المعارضة في دول الخليج الأخرى إلى إصلاح أنظمتها على طريقة النموذج الكويتي ولكن حكوماتهم في غالب الأحيان تمضي في إتباع النموذج السعودي، ففي صيف 1992 وقعت عدة شخصيات بحرينية عريضة تدعو فيها إلى استعادة المجلس النيابي المنحل بواسطة الأمير منذ عام 1975 وذلك من خلال انتخابات جديدة حرة ومباشرة، ولكن الأمير وبدلاً من تلبية طلبهم، أنشأ مجلساً استشارياً صورياً (مجلس الشورى) مكوناً من ثلاثين عضواً معيناً على غرار المجلس السعودي وعلى نقيض مجلس الأمة الكويتي، وكما هو الحال بالنسبة لقرينه السعودي يفتقد المجلس البحريني أية سلطات تشريعية أو رقابية، ومرة أخرى في شهر أكتوبر من عام 1994 طالبت هيئة بحرينية مكونة من 14 شخصية بارزة بالعودة إلى السلطة التشريعية المنتخبة، إلاّ أن الحكومة هذه المرة ردت عليه بعنف متعقلة وساجنة أعضائها.

وتحتل التجربة العُمانية في الإصلاح السياسي موقعاً وسطاً بين النموذجين الكويتي والسعودي، ففي عام 1981 عين سلطان عُمان مجلساً استشارياً بصلاحيات محدودة للغاية يضم في معظمه كبار مسؤولي الحكومة، وفي ربيع 1991 تم تزكية ثلاثة مرشحين لكل محافظات السلطنة البالغ عددهم 59 محافظة بواسطة المواطنين البارزين في هذه المناطق، وبعد ذلك اختار السلطان واحداً من بين هؤلاء المرشحين لكل محافظة ليحلوا محل الأعضاء الحكوميين السابقين كنوع من الإصلاح الشعبي، ويتمتع المجلس العُماني  بحق مراجعة التشريعات والقوانين الخاصة بالثقافة والتعليم وقضايا الاجتماعية والاقتصادية، ولكنه يفقد القدرة على مناقشة القضايا المتعلقة بالدفاع والسياسة الخارجية.

ويقر القانون الأساسي القطري لعام 1970 حق انتخاب مجلس الشورى، ولكن الأمير قام بتعيين الأعضاء الأربعين لهذا المجلس منذ ذلك الحين، وقد جاء هذا المجلس إلى الوجود عام 1972 ولا يتمتع سوى بصلاحيات ضعيفة، وفي ديسمبر من عام 1991، تقدم حوالي خمسين شخصية قطرية بارزة إلى الأمير مطالبين فيها ببعض الإصلاحات السياسية مثل إصدار دستور دائم وتطبيق مبدأ سيادة القانون والمشاركة الشعبية، ولكن الحكومة قامت باعتقال وحجز الكثير من الموقعين على العريضة والمؤيدون.

وأخيراً، وفي الإمارات العربية المتحدة أنشأ مجلس وطني فدرالي استشاري يتكون من أربعين عضواً منذ سنة 1971، ويتكون هذا المجلس من وفود معينة من قبل الحكام السبعة في الإتحاد، وهذا المجلس كأمثاله في الدول الخليجية لا تملك سوى بعض الصلاحيات الوجاهية الضعيفة.

يمكن أن نستنتج، مما سبق، جملة من الملاحظات في أن معظم الطلبات والعرائض السياسية المقدمة إلى الحكام، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، قد تم توقيعها من قبل شخصيات إسلامية، الأمر الذي يظهر أن احتكار الحكومات للسلطات على المؤسسات الدينية والقواعد الشرعية الدينية آخذ في التعرض لضغوطات متزايدة لا يمكن تجاهلها، ثانياً، أن التجربة السياسية للإصلاح  والمحدودة في الدول الستة لا تقدم الرهان الكافي لإعطاء إشارات واضحة على مدى ديمقراطية جميع المجموعات المعارضة، والذي يمكن قوله هنا هو أن هذه الجماعات تعارض أنظمة الحكومات التعسفية، وأن الحد الذي وصلت إليه من الديمقراطية ليس سوى قضية تكهن، وأخيراً، فأن غالبية هذه العرائض يمكن فهمها على أنها المعارضة المرسومة ضمن الحدود التي ترسلها هذه الدول، فغالبيتها تدعو إلى تعديل الأنظمة السياسية القائمة أكثر من الدعوة إلى الإطاحة بها، الأمر الذي يظهر أن قيام ثورة شاملة لتغيير الأنظمة السياسية في هذه الدول هو احتمال بعيد الوقوع في الوقت الراهن والأرجح هو أن هذه الدول ستمر بتجربة تدريجية وتطويرية في أنظمتها السياسية.

العوامل المحلية: أزمة خلافة الحكم

تعتبر الأسرة الحاكمة في جميع دول الخليج القوة الأكثر أهمية في المنظومة السياسية، فسيطرة الحكومات المطلقة إلى أجهزة الأمن الأساسية في دولها (الجيش والشرطة) في ظل الغياب الكامل تقريباً للمجتمع المتمدن(11) والمستقبل بخصوصيته، تجعل من مجموعات المعارضة السياسية مجرد قوىً ضعيفة ومفتتة وعاجزة عن القيام بأي دور حاسم في تشكيل البيئة السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية في الوقت الحالي ولعل في المستقبل القريب أيضاً، وبعبارة أخرى، فأن العائلات الحاكمة ستمضي دماً في السيطرة على الساحة وتحديد مجال التغيير الذي سينعكس بدوره على انتقال السلطة من جيل لآخر ضمن الأسرة الحاكمة نفسها، إما بصورة سليمة أو على شكل “انقلابات القصور Palace Coups”.

ومن الجدير الإشارة هنا إلى شرعية هذه الأنظمة لا تكمن فقط في أموالها الطائلة، وبالنتيجة، فأن انخفاض أسعار النفط ومعه مقدرة الحكومات على تقديم المنافع المادية لمواطنيها لن يعني بالضرورة انهيار هذه الأنظمة سياسياً، ولكن ينبغي أن يفهم ذلك على أنه ضعف ووهن في إحدى الروابط المهمة لمفهوم “العقد الاجتماعي”، فهذه الملكيات كانت موجودة على دفة الحكم قبل اكتشاف النفط بسنوات طويلة حيث كان الإسلام والتراث القبلي يمثلان أسساً مهمة لشرعية هذه الأنظمة، فلا عجب إذاً أن يصور الحكام بأن أنظمتهم هي التجسيد الأمثل للتقاليد الدينية والقبلية.

فالإسلام هو دين الحكومة في الدول الستة، إضافة إلى أن كل هذه الدول تدعي أنها تطبق الشريعة (القانون الإسلامي) كأساس لأنظمتها الشرعية، أن كلا النظامين في المملكة العربية السعودية وقطر، مثلاً، يلتزمان بالتفسير الوهابي الصارم الذي يعطي الإسلام دوراً أساسياً في شرعيتهما، وعلاوة على ذلك، فأن تبعية المدينتين المقدستين، مكة المكرمة والمدينة المنورة، للسيادة السعودية وقيامها بإدارة الحج سنوياً توحي التزام المملكة بالإسلام وحمايته من جهة، واعتباره ركناً جوهرياً لشرعية الحكم في الرياض من جهة أخرى، الأمر الذي قد لا يتحقق لأية أخرى في الخليج وخارجه، ولكن المعارضة الإسلامية المتزايدة في هذه الدول الست منذ حرب الخليج تظهر بأن الأسس الدينية لشرعية هذه الحكومات قد أصبحت عرضة لتحديات جريئة ومباشرة، ولعل السبب الأساسي في ذلك يعود إلى الانكشاف المتزايد لهذه الدول على القوات المسلمة في الدفاع عن “حصن ومولد الإسلام”(12).

أن العشيرة والقبلية والأسرة ما تزال تشكّل جزءاً مهماً من الشخصية السياسية في منطقة الخليج، وهي تمثل دور الأحزاب السياسية إلى حد كبير، ولقد نجحت الأسر الحاكمة في الدول الستة في السيطرة على مقاليد القوة وبشدة في هذه المجتمعات منذ سنوات طويلة جداً، كما هو مبين في الجدول رقم (3)، وبالإضافة إلى منصب حاكم الدولة، تسيطر هذه الأسر الحاكمة على المراكز الحساسة والمتعلقة بالأمن القومي، والدفاع، والداخلية، والخارجية في معظم هذه الدول.

القوى الإقليمية

أن كان خيراً أو شراً، فأن الدول الستة تتقاسم الخليج مع دولتين أكبر وأقوى هما إيران والعراق، فهؤلاء الجيران الثمانية تجمعهم قضايا متنوعة وعديدة إما نحو الصراع أو التعاون، بما في ذلك الخلافات الإقليمية، السياسة النفطية، والأقليات الشيعية.

وبالرغم من ذلك فأن الدول تعاني من أزمة الخلافة أو توارث الحكم فيها، فغالبية هؤلاء الحكام لا يمكن التوقع ببقائهم على سيادة الحكم طويلاً نظراً لبلوغهم أواخر الستين وبداية السبعين من العمر، ففي المملكة السعودية مثلاً، نرى أن كل الملوك: سعود، فيصل،خالد، وفهد هم من أبناء مؤسس المملكة، عبدالعزيز آل سعود،ولكن فهد، الملك الحالي، سيخلفه أخيه غير الشقيق، الأمير عبدالله، والذي سيُخلف بدوره من قبل أخي فهد الحقيقي، الأمير سلطان، ويشارف الجميع السبعين سنة من العمر، وعند نقطة ما يجب أن يصل التاج الملكي إلى أحفاد ابن سعود، ولكن المضامين السياسية لهذه التحولات لا تزال غير معروفة، ولا تخلو جميع دول الخليج الأخرى تقريباً من مثل هذا الوضع السياسي أيضاً.

جدول (3)

الأسر الحاكمة في دول الخليج: مؤسسيها وحكامها الحاليين*

البحرينأحمد بن خليفة

عيسى بن سلمان آل خليفة

1783

1961-

الكويتصباح بن جابر

جابر الأحمد الصباح

1752

1977-

عمانأحمد بن سعيد

قابوس بن سعيد آل سعيد

1744

1970-

قطرمحمد بن ثاني

حمد بن خليفة آل ثاني**

1868

1995-

السعوديةعبدالعزيز بن سعود

فهد بن عبدالعزيز آل سعود

1932

1982-

الإماراتزايد بن خليفة

زايد بن سلطان آل نهيان

1855

1971-

* السطر الأول يحمل أسم مؤسس العائلة وتاريخ نشأة الإمارة. أما السطر الثاني فيحمل أسم الحاكم الحالي للدولة وتاريخ توليه الحكم.

** في انقلاب أبيض في يونيو 1995، أطيح بالشيخ خليفة بن حمد آل ثاني الذي حكم قطر منذ عام 1972 وذلك بواسطة أبنه الحاكم الحالي.

المصدر:

Said Zahlan, The Making of Modern Gulf States (London: Unwin Hyman Ltd, 1989). pp. 78, 82, 84, 91, 107, and 117.

وقد رجحت أن هزيمة العراق في حرب الخليج ميزان القوى في المنطقة لصالح إيران التي قامت بجهود حثيثة لإعادة فرض نفسها كقوة إقليمية مهمة، وعلى ضوء هذه السياسة قامت إيران ومنذ عام 1992 بالتأكيد على ملكيتها للجزر الثلاثة الصغيرة في الخليج، أبو موسى، والطنب الكبرى، الطنب الصغرى، ولقد رفضت دول مجلس التعاون الخليجي هذه الاعتداءات، ورداً على ذلك، قامت إيران ومن طرف واحد بزيادة حدود مياهها الإقليمية إلى حدود 12 ميلاً، واضعة بذلك الجزر الثلاث ضمن سيادتها الإقليمية، أن أهمية هذه الجزر هو أنها تعطي إيران سيطرة أكبر على مضيق هرمز الممر المائي الذي يمر منه خُمس الإنتاج العالمي من النفط، وعلاوة على ذلك، فأن التقارير الغربية غير المؤكدة عن البرنامج النووي الإيراني قد عملت على تفاقم حالة عدم الاستقرار والترتيبات المتعلقة بذلك في الخليج.

وبالرغم من كل التوقعات وبعد مرور أربعة أعوام على حرب الخليج فأن الرئيس صدام حسين ما يزال على سدة الحكم، ومنذ مطلع التسعينيات لم يدخل العراق في منظومة الخليج بسبب استمرار حكم صدام حسين، فقد أكد حكام المملكة العربية السعودية والكويت على عدم ثقتهم بالرئيس العراقي، وقامت الدولتان أيضاً بمنح المساعدات المالية والسياسية للمجموعات السياسية المعارضة للإطالة به، وتتكون المعارضة العراقية من خمسة تيارات واسعة، وهم الإسلاميون، الأكراد، القوميون العرب، الشيوعيون، والأحرار الديمقراطيين، ومن غير الواضح أن كان أي من هذه التيارات بمقدوره الحلول مكان صدام حسين، كل القوى الإقليمية تدعم وحدة التراب العراقي حيث أن الفوضى السياسية في العراق قد تؤدي إلى تمزيقه وهذا بدوره قد يكون مفيداً لإيران، الأمر الذي ترفضه الدول العربية والقوى الإقليمية المجاورة للمنطقة مثل تركيا وإسرائيل والأهم من ذلك القوى الغربية وبخاصة الولايات المتحدة.

وأخيراً، وعلاوة على حال الغموض هذه بخصوص سلوكيات كل من إيران والعراق من جانب ودول مجلس التعاون من جانب آخر، فمن المحتمل جداً أن يكون للتغييرات في أنظمة الشرق الأوسط الأثر البالغ على الاستقرار في منطقة الخليج، فعلى سبيل المثال، لو استطاع الإسلاميون في مصر إلى الحكم فأن ذلك سيخلق تحديات عظيمة للسعودية ودول الخليج الأخرى، فهذه الدول استطاعت أن تنجو من فكر عبدالناصر العلماني في الستينيات، ولكن تستطيع هذه الدول مواجهة أي تحدي إسلامي قادم من دولة عربية سنية؟

النظام العالمي

كان النفط في غضون العقود العديدة الأخيرة المصدر الرئيسي للطاقة في العالم، ومن المتوقع أن يزداد الاستهلاك العالمي من النفط بنسبة 1.3% سنوياً بين الأعوام 1990/2010(13)، ففي عام 1993 استوردت الولايات المتحدة 23% من حاجاتها النفطية من منطقة الخليج، وأوربا 50% واليابان 68%(14) زمن المتوقع أن ترتفع هذه الأرقام في المستقبل، إذ أن ثلثي الاحتياطي العالمي يكمن في منطقة الخليج، كما أن هذه الاحتياطيات النفطية هي الأرخص والأسهل في عملية الإنتاج، وهذا سيعني بأن الدول الصناعية ستزداد ضعفاً وتأثراً إن تعرضت هذه الواردات النفطية لأية انقطاعات في المنطقة خاصة في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار في منطقتي الخليج والشرق الأوسط على حدٍ سواء.

وبما أن السوق النفطية العالمية واحدة لا تتجزأ فأن أي اختلال في أية منطقة مهمة ستنعكس فوراً على شكل تغيرات في أماكن أخرى، لذلك، فأن مصدراً نفطياً محبذاً لدولة مالا يحمي تلك الدولة من أية صدمة نفطية، وهذا يعني أن أية دولة لا يمكن أن تكون آمنة بمفردها إن كان الأمر متعلقاً بتغيير الأمن النفطي في شريكتها الوحيدة، فالجهود المجتمعة والمتضافرة لوحدها تستطيع منع أية إعاقة مطولة لتدفق واردا النفط وهذا هو سبب مشاهدتنا للقوى الغربية في منطقة الخليج، وللوصول إلى هذه الأهداف فأن سياستين إستراتيجيتين يتم اتبعها في آن واحد منذ مطلع التسعينيات: إحداهما مع إمارات الخليج الستة والآخر مع العراق وإيران.

فأسس التعاون بين الغرب ودول الخليج الستة بسيطة وواضحة: وهي عدم مقدرة هذه الأنظمة على الدفاع عن نفسها، فهم يريدون لحمايتهم، والغرب بدوره راغب وقادر على القيام بهذه الخدمة، ولذلك تم التوقيع على اتفاقيات الدفاع المشترك، وقدمت التقنية العسكرية المتطورة، وتم الحفاظ على قوات ومعدات عسكرية في المنطقة بغرض التدخل الفوري، ولكن الأمر يعتبر مجازفة كبيرة بالنسبة للدول الغربية في الاعتماد على أنظمة منفردة بالسلطة لحماية مواردها النفطية، فالآن يبدو أن الدول الخليجية مستقرة دون وجود خطر مباشر على أنظمتها، ولكن الأنظمة والحكومات التي تقوم على المؤسسات الدستورية في سبيل إبداء رضا وموافقة شعوبها هي الرهان الأمثل الاستقرار على المدى الطويل، وفي الوقت نفسه، فأن عملية النقل إلى الديمقراطية أمر يبعث على عدم الاستقرار في هذه المنطقة(15)، ولا توجد أية ضمانات بأن هذه النخب التقليدية من الحكام ستبدل بعناصر ديمقراطية، ففي دول نفطية وعربية أخرى كالعراق سنة 1958 وليبيا سنة 1969، جلب انهيار الأنظمة الفردية إلى الساحة قادة قوميين متطرفين، وبحثاً عن الاستقرار على المدى البعيد فمن المحتمل أن يلجأ الغرب إلى أساليب حذرة نحو التغيير السياسي في دول الخليج متجنباً بذلك سياسة الضغط بعيداً وسريعاً جداًToo far.. Too fast، أو العكس باتجاه سياسة القليل جداً والمتأخر جداً Too little.. Too late.

وفي غضون غالبية الستينيات والسبعينيات والثمانينيات، كانت السياسية الغربية، والأمريكية على وجه الخصوص، تقوم على مؤازرة العراق أو إيران للتوفيق في الاتزان بالعلاقة بينهما، ولكن هذه السياسة برهنت على أنها بمثابة الكارثة: فالدولتان الآن تعاديان الغرب واستقرار موارد النفط تعرضت للخطر والتهديد، ومنذ شهر مايو 1993، اتبعت إدارة الرئيس بيل كلينتون ما تسميه بسياسة “الاحتواء المزدوج Dual Containment”، وتعني هذه السياسة أساساً إقامة نوع من الاتزان في القوة ولكن على مستوى منخفض وضعيف من أجل إبقاء “الدولتين الشريرتين” العراق وإيران ضعيفتان، ولكن هذه السياسة لم تؤت أكلها أيضاً، على الأقل بسبب تحطم الإجماع بين حلفاء الغرب أنفسهم.

وبعد أربعة سنوات من الهزيمة المذلة التي لحقت بالعراق إبان حرب الخليج، فلا يزال صدام حسين على رأس السلطة في بغداد، والأسوأ من ذلك أنه ومنذ عام 1991 قد قام بتعزيز وزيادة قوته، فبعد حرب الخليج مباشرة كان هنالك شك أكبر من بقائه في الحكم، أكثر من الوقت الحالي، فقد أثبت أنه غير جدير بالثقة، ولكن يبدو أنه لا يوجد البديل الأفضل له، والمعارضة العراقية مقسمة على نفسها، وأي تقسيم محتمل للعراق إلى مناطق كردية وسنية وشيعية ستؤدي إلى التدخل الخارجي وتقود المنطقة بأكملها إلى الفوضى، وأخيراً، نرى فرنسا وروسيا والصين تتسابق لاستعادة علاقتها التجارية مع العراق، إضافة إلى أن العقوبات الاقتصادية سترفع في النهاية مما سيجعل نظام صدام حسين أكثر قوة، وباختصار، فأن الرئيس حسين قد أفلت ونجا من الهزيمة ويستعيد قوته، وعلى الأقل نرى أنه لا يغدو أضعف مما كان عليه فترى الولايات المتحدة الأمريكية إضافة إلى الدول الأخرى في هذا الأمر تهديداً لمنطقة الخليج، ولكن لا توجد خطة متفق عليها للخلاص منه، أو أية ترتيبات أخرى لمستقبل العراق.

وبعد ستة عشر سنة من الثورة، لا تظهر في الجمهورية الإسلامية الإيرانية أية مؤشرات لانهيارها(16)، فلقد نجح النظام في البقاء إثر الحرب مع العراق ولم يهزم، وكانت وفاة مؤسس الدولة، آية الله الخميني، أيضاً من التحديات الأخرى التي واجهت النظام واجتازها بنجاح، كما فشلت خطة الاحتواء المزدوج في الإطاحة بالنظام الإسلامي في طهران، وقد وافقت كل من اليابان والسوق الأوربية على إعادة جملة الديون الإيرانية، ومن جانبها، تؤيد كلا من الصين وروسيا البرنامج النووي الإيراني ووافقت على تزويدها بما يحتاجه هذا البرنامج عام 1995 بالرغم من الضغوط الأمريكية الشديدة.

وفي عام 1994 اشترت شركات إكسون Exxon، تكساكو Texaco، وموبيل Mobil مجتمعةً ما قيمته 3.5 مليار دولار أمريكي من النفط الإيراني الخام وذلك لبيعه لزبائن في أمريكا الجنوبية وآسيا (17)، وفي هذا الأمر دفع بإدارة كلينتون أن تقرض حظراً ضد طهران في أبريل عام 1995، كما أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) طلبت من الكونغرس تقديم 19 مليون دولار أمريكي عن عام 1996 وذلك للاستثمار في نشاطاتها الخفية التي تستهدف زعزعة النظام في إيران والعراق ويبدو أن الولايات المتحدة وبريطانيا تسعيان لوحدهما وباضطراد من أجل عزل إيران والعراق،قي حين أن روسيا والصين واليابان وفرنسا وألمانيا وبعض الدول الأخرى تسعى وتدعو إلى سياسة التعامل البناء إزاء هاتين الدولتين.

ولو أخذنا القوة العسكرية والاقتصادية لكل من إيران والعراق، فمن العسير أن نتصور وجوداً للأمن والاستقرار في الخليج دون وجود نوع من تقبل/أو إعادة تأهيل هاتين الدولتين، العراق وإيران في المنظومة الإقليمية، أن السياسة المتشددة والموقف التصادمي (المواجهة) لأربعة سنوات مع العراق، ولستة عشر عاماً مع إيران لم ينجم عنهما إلاّ تعزيز للوضع الراهن Status Quo في المنطقة، والقائم على التوتر وعدم الاستقرار، ولكن كم يمكن لهذه السياسة أن تسهم في الاستقرار على المنظور الطويل في المنطقة، فهذا أمر يثير الكثير من التساؤلات، وأن سياسة التعامل البناء والمثمر قد تبرهن بأنها البديل السياسي الأفضل(18).

————————————————————————————————————————

الهوامش والمصادر

  1. Energy Information Administration, International Petroleum Statistics Report (Washington, DC: US Government Printing Office, November 1994), p. 9.
  2. Hazem Beblawi & Giacomo Luciani, eds., The Rentier State (London: Giacomo Luciani, Croom Helm, 1987). Giacomo Luciani, ‘The Oil Rent, the Fiscal Crisis of the State and Democratization’ in Ghassan Salame, ed., Democracy Without Democrats? (New York: I.B. Tauris Publishers, 1994), pp. 130-156.
  3. John Waterbury, ‘Democracy Without Democrats?: The Potential for political liberalization in the Middle East’ in Ghassan Salame, ed., Democracy Without Democrats?, pp. 23-48.
  4. Philip Shenon, ‘Oil Prices Are Unruffled By OPEC Output Limits’ New York Times, 23 November 1994, p. C2.
  5. Agis Salpukas, OPEC Move May Spur Sharp Rise in Oil Prices’ New York Times, 24 November 1994, p. C5.
  6. Augustus Richard Norton, ‘The Challenge of Inclusion in the Middle East’, Current History, vol. 94, no. 588, January 1995, p. 4.
  7. Middle East Economic Digest, Annual Review, vol. 38, no. 51, 23 December 1994, pp. 21-40.
  8. Mark Nicholson, ‘Profit Squeeze Tightens’, Financial Times, 15 December 1994, p. 35.
  9. Stockholm International Peace Research Institute, SIPRI Yearbook 1994 (New York: Oxford University Press, 1994), p. 485.
  10. International Institute for Strategic Studies, Strategic Survey 1993-1994 (London: Brassey’s, 1994), p. 143.
  11. Neil Hicks & Ghanim al-Najjar, ‘The Utility of Tradition: Civil Society in Kuwait’ in Augustus Richard Norton, ed., Civil Society in the Middle East (New York: E. J. Brill, 1995), pp. 186-214.
  12. R. Hrair Deckmejian, ‘The Rise of Political Islam in Saudi Arabia’, Middle East Journal, vol. 48, no. 4, 1994, pp. 627-645.
  13. Energy Information Administration, International Energy Outlook 1994 (Washington, DC: US Government Printing Office, July 1994), p. 15.
  14. Energy Information Administration, International Petroleum Statistics Report, p.22.
  15. Gregory Gause, Oil Monarchies: Domestic and Security Challenges in the Arab Gulf States (New York: Council On Foreign Relations Press, 1994), p.183.
  16. David E. Sanger, ‘Fear, Inflation and Graft Feed Disillusion Among Iranians’, New York Times, 30 May 1995, p. 1.
  17. Economist, ‘Iran and America: A Convenient Marriage’, vol. 334, no. 7903, 25 February 1995, p. 43.
  18. Geoffrey Kemp, Forever Enemies? American Policy and the Islamic Republic of Iran (Washington DC: The Carnegie Endowment for International Peace, 1994).